Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Feb-2017

من أجل عيون الأردن: علينا التحمل والصبر ! - صالح القلاب
 
الراي - عندما تصبح هذه المنطقة، والأردن جزء رئيسيٌّ منها، على ما هي عليه الآن من تمزق وحروب وإنهيارات إقتصادية فإن المفترض أن يعض كل أردني على الجرح وأن تكون الأولوية، بدل كل هذا الذي نراه ونسمعه، للتكاتف وتقديم الحفاظ على هذا الوطن المزنر بالنيران من كل جانب على كل الأولويات المحقة الأخرى التي تأتي في مقدمتها لقمة العيش ورغيف الخبز وأقلام الرصاص والدفاتر لصغارنا الذين يتوجهون إلى مدارسهم في بداية كل عام.
 
إن كثيراً من الأمور التي تشكو منها غالبية الأردنيين فيها الكثير من الصحة لا بل أنها كلها صحيحة فهناك ترهل وهناك تجاوزات وهناك أخطاء وهناك غياب عدالة بالنسبة للكثير من الأمور لكن المفترض مادام أن هذه المنطقة، التي يقع وطننا الجميل في قلبها، تواجه كل هذا الذي تواجهه وتتعرض لكل هذه الزلازل المدمرة أن يعض كل أردني على جرحه وأن يصبر صبر أيوب إلى أن يفرج الله الأمور وإلى أن تتغير الأولويات ويصبح الأمن مستقراً في الإقليم كله وينتقل الإهتمام الرئيسي إلى ما صبر عليه الأردنيون الذي يجب أن يصبح هو الأولوية .
 
لقد مرَّت حتى الدول الكبرى بما نمر به الآن وتعرضت لما نتعرض له في هذه المرحلة الخطيرة التي تتطلب أن نعطي الأولوية للأهم على حساب المهم فالبريطانيون في الحرب العالمية الثانية كان رغيف الخبز بالنسبة إليهم أمنية بعيدة وهذه ظروف مرَّ بها الفرنسيون والألمان ومرَّ حتى بها الإتحاد السوفياتي وقبل ذلك مرت بها روسيا عندما غزاها نابليون بجيوشه الجرارة في سنة كانت ممحلة ورديئة .
 
إن قول هذا الكلام ليس من قبيل رش السكر، على الموت كما يقال، وعلينا أن ندرك أنه لولا الصبر ولولا الحكمة ولولا تحمل ما لا تتحمله رؤوس الجبال لما كان وطننا الجميل هذا قد تجنب كل هذه الإستحقاقات المدمرة والمرعبة والخطيرة التي تدفع ثمنها دول عربية شقيقة لم يتصرف حكامها بالطريقة التي حافظت على أردننا الحبيب وحقنت دماء أبنائه ووفرت له الإستقرار الذي جعله ملجأ للأشقاء الذين قصدوه هروباً بأرواحهم وأرواح أطفالهم والحفاظ على كراماتهم وأعراضهم .
 
إننا عندما نقول هذا ونكرره وسنبقى نكرره فإننا بالتأكيد لا نطلب السكوت على التجاوزات والأخطاء ولا على إحتكار المواقع على من لا يستحقونها بل لأن الحفاظ على إستقرار بلدنا الذي تحاصره العواصف العاتية من كل جانب يتطلب المزيد من الصبر والمزيد من التحمل ويتطلب أن ندرك أن الضروري الذي له الأولوية هو أن نتجنب، حتى لو إضطررنا أنْ «نسف» تراب الأرض، تعريض أمننا الوطني ولو لبعض ما حلَّ بالأمن الوطني والقومي لدول شقيقة.
 
إنه علينا أن نصبر وأن نتحمل أعباء هذه المديونية، التي وصلت إلينا «إرثاً» من مرحلة سابقة إقتضت الإقتراض الجائر من أجل إنجاز ضروريات البنية التحتية في فترة لم تكن الأسعار فيها قد لامست نجوم السماء بعد، وهنا فإنَّ المعروف أن الأردنيين قد تعايشوا مراراً وتكراراً مع ذلك الشعار القائل: «إشتدِّ يا أزمة تنفرجي» ويقيناً أن هذه الأزمة ستنفرج بالتأكيد فلقد مرت بنا ظروف أصعب كثيراً من هذه الظروف لكننا تجاوزناها بل واستطاع بلدنا أن يقطع مسافات على طريق التطور والإزدهار يحتاج قطعها إلى عقود وسنوات طويلة.. والمثال هنا هو أنه كان لدينا في منتصف ستينات القرن الماضي جامعة واحدة بتخصصات محدودة وأصبح عندنا أكثر من خمسة وعشرين جامعة .
 
ربما أن كثيرين من الذين أخاطبهم الآن لا يعرفون أنه مرت بنا سنوات عجاف.. عشت أنا بعضها عندما كنت طفلاً صغيراً، كانت سنوات موجعة بالفعل وكان الأب يعمل «من الفجر حتى النجر» لكنه في كثير من الأحيان ما كان يستطيع العودة ولو برغيف خبز واحد لأطفاله.. وهكذا ومرة أخرى فإنني أعرف أن هناك تجاوزات وأخطاء بعضها تجاوز كل الحدود لكن ومع ذلك فإنه علينا أن نصبر تفادياً لأن يتعرض بلدنا ولو لبعض ما تعرضت ولا تزال تتعرض له دول شقيقة.. لا سمح الله .