Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Feb-2020

حوسبة امتحان التوجيهي: كيف؟!*شروق طومار

 الغد

تصريح مهم ذلك الذي خرج به علينا وزير التربية والتعليم د.تيسير النعيمي بأن وزارته تتجه لحوسبة امتحان الثانوية العامة “التوجيهي” للعام الحالي مبتدئة بمادة الحاسوب ومادة أخرى ستحددها الوزارة لاحقا.
ربما يكون القرار متأخرا خصوصا أننا نعبر نحو العقد الثالث من الألفية الثالثة، وخطوة مثل هذه كان من الواجب اتخاذها قبل سنوات طويلة، وليس في امتحان التوجيهي فحسب بل في امتحانات الصفوف الثلاثة الأخيرة على أقل تقدير، إلا أن هذه الخطوة مهمة بالفعل، وربما تستطيع التأسيس لأتمتة الامتحان ونقله إلى مستوى أفضل، إضافة إلى رفعه مستوى الوعي عند الطلبة الذين سيبدأون بالتعرف على نمط آخر للامتحانات. لكن تصريح الوزير جاء مقتضبا ومبهما حيث لم يشرح ماهي الحوسبة التي ستطبقها وزارته، وكيف ستطبقها.
صحيح أن النعيمي أشار إلى ضرورة استكمال البنية التحتية من أجل تنفيذ حوسبة الامتحان، لكن السؤال الجوهري في هذا السياق؛ هل سيكفي قليل من الشهور لاستكمال بنية تحتية ضخمة في كل المدارس خصوصا حين نعرف أن قاعات امتحان الثانوية العامة بلغ عددها في العام الماضي 1469 قاعة موزعة على 513 مدرسة، وهل باستطاعة الوزارة تحقيق ذلك؟
مدارسنا لا توجد جميعها في العاصمة عمان، أو المدن ذات الحظوة الخدمية، فهناك مئات المدارس تقبع في أطراف منسية وبعضها تتساقط أسقفها فوق رؤوس الطلبة، بينما هناك مئات أخرى تفتقر إلى الحد الأدنى من البنية التحتية الصالحة للبيئة المدرسية الصحية، ولا أتحدث هنا عن توفر أمور يرونها “كماليات”، وإنما عن غياب الشروط الأساسية للسلامة والتعاطي الطبيعي مع الحصص المدرسية، فما بالك حين نبدأ بالحديث عن وجوب توفير مختبرات وقاعات حاسوب ومساحات للتعليم اللانمطي، وغيرها من الأمور التي أصبحت ضرورة ملحة لعملية التعليم الحديثة.
في ظل هذه الظروف، ألا يتوجب فعليا ان يتم تأهيل الطلبة وتدريبهم على مفهوم الحوسبة بحد أدنى قبل أن نخضعهم لاشتراطاته؟ ثم ألا يتوجب ان نبدأ بعام تجريبي قبل أن يتم وضعهم أمام الأمر الواقع من دون أي تجربة مسبقة أو مثال كان قائما من قبلهم؟
الأمر الآخر الذي تهمله وزارة التربية والتعليم في كثير من قراراتها، هو أن ثمة عنصرا أساسيا في علاقتها مع الطالب، وهم الاهل الذين غالبا ما يهيئون أبناءهم على الاقل نفسيا للتغيرات التي تطرأ على عملية التعلم برمتها، وبجميع تغيراتها بما فيها من مناهج او آليات. لكن، والحالة كهذه، كيف يمكن للأهل ان يكونوا قيمة مضافة خلال تغيير لم يفهموه حتى اللحظة!
للأسف الشديد، باتت معظم قرارات وزارة التربية والتعليم فجائية، وتظهر كأنها ارتجالية وغير مدروسة، إذ ما الذي يمكن فهمه من أن يأتي قرار مهم كهذا وربما يكون مصيريا لبعض الطلبة قبل أشهر قليلة من عقد الامتحان، حتى لو كانت هناك تصريحات سابقة أعلنت النية عن التوجه نحو الحوسبة، لأنها ظلت تصريحات مبهمة إذ لم تحدد اي تفاصيل بما فيها موعد تطبيق القرار.
ثم إن قرار الوزارة بأن يكون تطبيق الحوسبة لهذا العام على مبحثين فقط، يثير الاستغراب، إذ يحق لنا هنا أن نسأل: ما الذي يشكل فرقا بين أن يبدأ التطبيق على مبحثين فقط وبين أن يكون على جميع المباحث، بينما ندرك ان تجهيزات البنية التحتية والتجهيزات الفنية بما فيها توفير حواسيب وبناء بنك الاسئلة وشبكة المعلومات والخوادم، هي ذاتها سواء كانت لمبحث واحد أو لجميع المباحث.
نحن مع هذه الخطوة، لكننا لا نريدها ارتجالية أو شكلية كي نقول بأننا حوسبنا الامتحان وحسب. نريدها خطوة حقيقية للارتقاء بمستوى هذا الامتحان الوطني الأهم، وتطوير وعي أبنائنا وقدراتهم، لذلك يجب على الوزارة أن تقيم إجراءاتها لتكون المصلحة الوطنية هي المرتجاة، وليس تسجيل إنجازات وهمية ستكون عواقبها سلبية على الطلبة، وكي لا يظل التوجيهي بعبعا يرعب الطلبة الذين باتوا مقتنعين بأنهم حقل تجارب ممتد عبر السنوات.