Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jun-2019

القمة الأمنية الثلاثية*عريب الرنتاوي

 الدستور-قمة أمنية ثلاثية، ستلتئم في غضون أيام أو أسابيع قلائل في إسرائيل، وستضم مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، وسكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات ... قمة غير مسبوقة، جرى التحضير لها على أرفع المستويات القيادية في الدول الثلاث، وهي ذات أهمية قصوى لجهة توقيتها ومكان انعقادها وجدول أعمالها، فضلاً بالطبع، عن الأطراف المشاركة فيها.

 
من حيث التوقيت، يأتي انعقاد القمة على مبعدة أسابيع من انتهاء المهلة التي حددتها إيران للمجتمع الدولي للتخفف من بعض التزامات اتفاق (5+1)، وهي المهلة التي أثارت موجة من التهديدات الأمريكية – الإسرائيلية لطهران، وأطلقت موجة من التحذيرات القلقة الصادرة عن العواصم الأوروبية الفاعلة فضلاً عن بكين وموسكو ... الأمر الذي إن حصل، فقد يعيد الأزمة بين طهران وواشنطن إلى مربع التوتر الشديد، وربما حافة الهاوية التي بلغها الطرفان قبل، قبل أن يتراجعا عنها خطوة واحدة للوراء مؤخراً.
 
 ومن حيث مكان انعقاد القمة، فثمة ما يشي بأن إسرائيل باتت تلعب دور «صندوق البريد» بين الكرملين والبيت الأبيض، وأنها تتحول مع الأيام، إلى جسر تواصل بين «العملاقين»، بعد أن ظلت لسنوات وعقود سبباً للقطع والقطيعة ... نتنياهو الذي يحظى بدعم مطلق من ترامب، يحظى بعلاقات «فوق عادية» مع بوتين، وهو عدّ استضافة القمة الأمنية الفريدة، نصراً مؤزراً له ولحكومة اليمين المتطرف ... وبمجرد انعقاد القمة بضيافة إسرائيلية، فمعنى ذلك أن حسابات إسرائيل وهواجسها الأمنية، ستحظى بمكانة الصدارة في مداولات القمة ونتائجها الختامية.
 
يأخذنا ذلك، إلى جدول أعمال القمة الثلاثية، والذي قد يشمل مروحة واسعة من الموضوعات، لكن المؤكد أن «إيران والوجود الإيراني في سوريا بخاصة» سيحظى بنصيب الأسد من مداولات رؤساء المجالس الأمنية القومية الثلاثة ... ذلك لا يمنع بالطبع، التطرق لمواضيع أخرى مثل الحرب على الإرهاب، القضية الفلسطينية، أو غيرها من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
 
القمة ما كانت لترى النور، لولا اقتناع المشاركين فيها، بأن ثمة فرصة لتحقيق «تقدم ما»، يحفظ الحد الأدنى من مصالح الأطراف المشاركة ... قراءة مدققة لخريطة مواقفهم من قضايا الأمن الإقليمي، تشي بوجود اختلافات، مثلما تشف عن وجود مشتركات.
 
ضرب برنامج إيران النووي، وإصابته بإعاقة مزمنة، فضلاً عن استئصال الدور الإيراني في سوريا ولبنان وقطاع غزة، هو أولى أولويات بولتون وبن شبات، والرجلان سيسعيان لإقناع باتروشيف للتعاون في إنجاز هذه المهمة... هنا، وهنا بالذات، سيجري إشهار أوراق القوة التالية في وجه الوفد الروسي: (1) تصعيد العقوبات الأمريكية على روسيا وتشديدها على إيران وسوريا... (2) تعطيل عمليات إعادة الإعمار وعودة اللاجئين السوريين، بما يجعل من سوريا عبئاً على موسكو بدل أن تكون رصيداً وذخراً لها ... (3) الذهاب حتى آخر مدى في دعم «الكيان الكردي» في شمال شرق سوريا، وربما دعم «إمارة النصرة» في إدلب وجوارها، حتى وإن أدى الأمر إلى تفكيك سوريا وجعلها «مستنقع» لموسكو على نحو أو آخر.
 
لدى واشنطن وتل أبيب، «تقدير» بأن موسكو «ليست سعيدة» بدور إيران في سوريا، وأنها تعارض أية ردود أفعال إيرانية أحادية رداً على القرارات والعقوبات الأمريكية الأحادية أصلاً ... لكن بولتون وبن شبات يدركان بالقدر نفسه، أن ليس بوسع موسكو مجاراتهما في مواقفها المتصلبة والعدائية لإيران، وأن لا مصلحة لها في فعل ذلك.
 
موسكو ترغب في التزام إيران بالاتفاق النووي، وموسكو تتطلع لتقليص الدور الإيراني في سوريا وإن على نحو متدرج ... موسكو تعارض مواقف طهران من إسرائيل، ولا تعد نفسها طرفاً في «محور المقاومة»، بل وترفض فكرة «المقاومة المسلحة» للاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية والفلسطينية واللبنانية سواء بسواء ... وسفير روسيا لدى لبنان قالها واضحة ومدوية في بيروت: «نحن في سوريا لمحاربة الإرهاب وليس لمقاومة إسرائيل» ... فرص التوافق على «خطة عمل مشتركة» حول إيران وفي سوريا، ممكنة شريطة أن تهبط واشنطن وتل أبيب بسقف توقعاتهما ... وأن يغدقا على موسكو بعض «العروض» و»الأعطيات» في ملفات أخرى، فالتلويح بالعصا في وجه موسكو لا يجدي نفعاً، والمطلوب دائماً عرض بعض «الجزر» كذلك ... وكلما ارتفعت قيمة العروض المقدمة للكرملين من واشنطن بالذات، كلما ازداد استعداداً للتضييق على إيران والضغط عليها في الملفين: السوري والنووي.