Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Apr-2018

شركاء في حماية الوطن - د. نبيل الشريف

الراي -  وقعت خمس حوادث سطو على البنوك في الشهور الماضية ، وكان من المتوقع أن تستنفر هذه المؤسسات المالية الكبرى فورا لسد هذه الثغرات الأمنية في نظام حماية فروعها ، ولكنها لم تفعل شيئا يذكر بدليل إستمرار وقوع هذه الحوادث بوتيرة مقلقة. وكان من المفروض أن تعم الأهبة الأمنية فورا كل هذه المؤسسات المصرفية إن أجهزتنا الأمنية هي سياج الوطن وعينه اليقظة الحامية ، وقد إستطاعت بجهودها الكبيرة الموصولة أن تجعل الأردن واحة أمن وإستقرار في محيط عاصف مضطرب. وقد أصبحت قدرة الأردن على المحافظة على أمنه في سنوات الجمر والتحدي موضع إهتمام القاصي والداني ، وأذكر أن محطة تلفزة تابعة لحلف شمال الأطلسي أرسلت فريقا تلفزيونيا إلى الأردن منذ عامين تقريبا للإجابة على سؤال واحد فقط وهو: ماهو سر صمود الأردن في الوقت الذي تهاوت فيه معظم دول المنطقة؟ وقد أعد الفريق تقريرا إستغرق بثه ساعتين ، وكنت واحدا ممن إلتقاهم ذلك الفريق حيث أجمعت الإجابات على أن حرفية أجهزة الأمن وعدم خوضها في السياسة هي أحد أهم أسرار صمود وإستقرار الأردن ، بالإضافة إلى السبيين الآخرين الرئيسين المتمثلين في

حكمة القيادة الهاشمية ووعي المواطن الأردني.
ورغم قدرة أجهزة ألأمن على توفير الحماية الوافية لجميع المؤسسات والأفراد الموجودين على ثرى الوطن ، فإن إلقاء كل هذا الحمل عليها دون أية مساهمة من مؤسسات كبرى مقتدرة مثل البنوك يطرح ألف سؤال حول مبدأ التشاركية في حماية الصالح العام. ألم نتغن طويلا بشعار: كل مواطن خفير؟ فأين أصبح هذا الشعار إذا كانت مؤسسات مالية مقتدرة تلقي بكل ثقلها على كاهل رجال الأمن دون تقديم أي جهد داعم يذكر؟
إننا نعيش في ظل ظروف إقليمية غاية في الدقة والحساسية ، ويبدو أن الشهور المقبلة تنذر بالمزيد من الصعوبات والتحديات ، فمن الواضح أن الأحداث في الأراضي الفلسطينية ستشهد تسخينا كبيرا منتصف شهر آيار القادم بالتزامن ليس فقط مع ذكرى إغتصاب فلسطين ولكن مع نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة كما أعلن الرئيس الأميركي ترمب أخيراً. كما أن التطورات في سوريا تنذر بإستمرار المواجهات العسكرية بين مختلف القوى ، فقد غدت سوريا نقطة إصطدام كبرى بين مصالح مختلف الأطراف الدولية، ومن المرجح أن تشهد منطقة درعا الحدودية في الفترة المقبلة مواجهات أشد سخونة ربما مما شهدته منطقة الغوطة الشرقية خلال الأسابيع الماضية ، والفرق بالنسبة لنا هو أن درعا على مرمى حجر من حدودنا بما يعنيه ذلك من تحد أمني جديد لنا ، مع إدراكنا الكامل لقدرة أبنائنا الأبطال من أسود جيشنا العربي الباسل ، وخصوصا أولئك الجنود الأشاوس المنتشرين على إمتداد حدودنا مع دول الجوار على التصدي لكل التطورات المحتملة.
بمعنى اخر ، فإن التحديات الحالية والمرتقبة تفرض ضرورة تفعيل مقولة « كل مواطن خفير « من قبل
المؤسسات والأفراد بل والمواطنين. فالمواطنون يستطيعون القيام بأدوار مهمة في تعزيز أمن الأحياء
والشوارع من خلال الإبلاغ عن أي تطور غريب وغير مألوف ، كما أن المؤسسات تستطيع أن تسهم في تعزيز منظومة الحماية التابعة لها بقدر إضافي من اليقظة والحذر.
أما البنوك ، فمن غير المقبول أو المفهوم أن تستمر في حالة الإنكار أو الإسترخاء هذه، وكأنها عاجزة عن توفير مايلزم من حماية لنفسها بإجراءات بسيطة مثل توفير أجهزة كشف المعادن على مداخلها وتكليف حراس من المتقاعدين العسكريين مثلا بمهمة مراقبة المداخل بشكل صارم. فلاأحد يمكن أن يصدق أن هذه البنوك تعجز عن المساهمة في حماية نفسها ضد السطو بعد وقوع خمس حالات إعتداء ، ولايمكن أن يكون السبب نقصا في الموارد المالية ، فمعظم البنوك تحقق أرباحا كبيرة.
أما الجانب الأخر في تعزيز منظومة الأمن والإستقرار في وطننا الحبيب ، فإنه يقع على كاهل كل المؤسسات والأفراد المقتدرين ، فالفقر هو المظلة التي تجتمع تحتها كل الشرور ، وبإستطاعة من يتمتعون بقدرات إقتصادية طيبة أن يساعدوا غيرهم ممن وقعوا ضحية الفقر أو أودت بهم التحولات الإقتصادية العاصفة ، وهم بذلك يقدمون مساهمة كبرى في تعضيد منظومة الأمن التي يتفيأ تحت ظلالها الجميع.
إن البواسل والأشاوس من منتسبي أجهزتنا الأمنية قادرون- كما أثبتوا على الدوام – على صون الأمن
والإستقرار في وطننا ، فقد أصبح صمودهم وأداؤهم قصص نجاح يتغنى بها الجميع ، ولكن المطلوب هو أن يقوم كل منا بواجبه في حماية الثغر الذي يقف عليه فليس من العدل أن يلقى بالعبء كله في هذه الظروف الإستثنائية على كواهل أبنائنا الأبطال من منتسبي الأجهزة الأمنية المختلفة.