Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Mar-2017

في خطاب عُرجون قديم - ابراهيم العجلوني
 
الراي - ما انت ببدر – ايها العرجون القديم – ولا تحومُك يَجِدُ جِدُّهم فيفتقدوك في ليلة ظلماء، او ينتبهون الى غيابك او حتى الى حضورك.
 
ان لك ان تطفئ الكهارب في بيتك ثم ان تدور في جنباته على نحو ما تشاء، وان ترى نفسك سراجا منيرا او ان تتوهمها فلكا دائرا بما تحار العقول فيه.
 
هذا ما لا يملك احد ان يدفعك عنه، فهو وجد ذاتي لا يُقدّمُ ولا يؤخّرُ في الواقع الموضوعي للاشياء، حيث يمكن لمن يتأمل حالك ان يعرف ابعادك كلها بنظرة خاطفة، وان يعرف ما يَحُدُّك من اقطارك، وان يعود بتهاويلك الى اسبابها من هذا الفساد الذي كثر في البر والبحر والجو، وفي الانفس: صغيرة وملتوية وذاهلة وجاهلة، وان يختصرك في موجز من القول فلا تعدو ان تكون «كذبة كبرى» احتملها الافق الرمادي الخانق، او «غُثاءً من الغُثاء» احتمله السيل الدافق، هيهات يكون له مكوث في الارض الا ريثما تتطاير ازباده جفاء، وان كَبُر في دهمه انه إن غاب اهتزت الارض او بكت السماء.
 
ما انت ببدر يفتقده اهل جد ولا اهل هزل..
 
ولو تلمست عطفيك اللذين ما ينفك ناظراك يزاوران بينهما عجبا وزهوا فارغا وغرورا لتبين لك قَصِىُّ ما امتد اليه وهمك، ولعلمت ان منتهى امر انتفاختك الى دبوس صغير تتناثر عنده، وتؤول الى حقيقتك المتواضعة بعده.
 
على انك – على ما نكاشفك به – محظوظ، وثمة من يرفدك بما يقيمك حيث انت، فكأنك عمود بيزنطي اكله الدهر منصوب في خرابة، وكأن ما يقللك في اعين المحقين هو نفسه ما يكثرك في اعين المبطلين، وهم اليوم كثير.
 
فليهنك ايها العرجون القديم ما انت فيه، وليكن لك من خلف زجاجك الواقي ما يثبتك من ألواح ودُسر، فلكل باطل جولة، ولكل امر مستقر.
 
***
 
وبعد، فقد يكون عبثا من العبث ان يخاطب المرء عرجونا قديما توشك ان تذروه الرياح، لكن ما يشفع لنا في ذلك ان العبث يستغرق دنيانا استغراقا ويسقينا كؤوسه دهاقا حميما وغسّاقا، جزاء وفاقا.