Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jan-2017

«نَجَحَ» الأفارقة حيث «فشِلَتْ».. العرب - محمد خروب
 
الراي - اليوم.. تلتئم القمة الإفريقية التي تحمل الرقم «28» في العاصمة الإثيوبية اديس ابابا، بجدول أعمال مُثقل بالمشكلات والملفات والقضايا, التي ما تزال تعصف بهذه القارة التي استنزفها الاستعمار الغربي برايات وروايات عديدة, فرنسية وانجليزية وبلجيكية وايطالية وكل شذّاذ الآفاق والسرّاق والقراصنة الغربيين الذين ادعوّا تمثيل الحضارة وتَمَثُّل القِيم الإنسانية, التي يزعمون انهم رُسلها, فإذا بهم يكشفون عن اسوأ وابشع انواع البشر, في الإستغلال والإستعباد والنهب المُنظّم للثروات.
 
الأفارقة على عكس العرب – رغم وجود ثلثي العرب «سُكاناً» في عضويتهم – استفادوا جيداً من تجاربهم وأصغوا كثيرا لنصائح حكمائهم الوطنيين, الذين شكلّوا ذات يوم, لجنة للحكماء مُكوّنة من عدد من الرؤساء «السابقين» المُحترَمين ونظيفي الكفّ واصحاب التجارب الناجحة في القيادة، رغم كل ما تعج به «أوطانهم» من عسف الديكتاتوريين والانقلابيين والضباط الصغار, بل الأقل رتبة مثل الشاويش والرقيب، الذين جاءوا الى السلطة عبر دعم وتخطيط جواسيس السفارات الغربية, فولغوا في دماء المعارضين ونهبوا الثروات وافقروا العباد وارتهنوا بلادهم وشعوبهم للبنك والصندوق الدوليين ولكل مافيات المال والمرتزقة والسلاح في الغرب, لكنهم حظوا (الإنقلابيون الجَهلة) برضى العواصم الغربية «الديمقراطية» التي ترطن بحقوق الانسان كما تعلمون، الى ان ضاق كبار القارّة, مِن الدول والزعامات «المحترمة» ذرعاً بكل ذلك، وبدأوا رحلة الالف ميل, الرامية الى «نفض» غبار التبعية والعمل من أجل بلورة شخصية افريقية تحترم ذاتها وتُخاطِب العالم بلغة ذات صدقية وصدى مقبول في الاوساط الدولية وبخاصة الغربية، فقامت بتغيير الإطار الذي كان جمعها طوال ثلاثة عقود ونيف ليُصبِح «الاتحاد الافريقي» بدلاً من «منظمة الوحدة الافريقية». 
 
صحيح ان الاقتراح جاء من الأخ العقيد ملك ملوك افريقيا وقائد ثورة الفاتح في الجماهيرية العظمى, رغبة منه بتقليدٍ «شكّلي» لنموذج الاتحاد الاوروبي, إلاّ انه جاء خطوة في الاتجاه الصحيح، نجح الافارقة عبره في تكريس بُنى ادارية وتنفيذية مثل المفوضية العامة والهيئات الادارية والتنفيذية, على نحو تم فيه مأسسة الاتحاد وتسيير اموره في شكل جيد، التزمته الدول الاعضاء ولم يخرج أحد عن إطاره المرسوم, الى ان غدت «قِمَمَه», وعن حق, ذات أثر ايجابي, تتم المراكمة عليه كل قمة، ولا تخرج عليه اي دولة مع احتفاظها بحق التحفُّظ او الرفض, لكن ضمن الأطر القانونية والتنظيمية.إذ ثمة «محكمة» إتحادية لفض النزاعات.
 
على رأس جدول أعمال قمة اليوم، ستكون مسألة عودة «المغرب» الى عضوية الاتحاد بعد انسحابها منه منذ اكثر من ثلاثين عاماً, احتجاجاً من الرباط على قبول جمهورية البوليساريو في عضويته، إلاّ ان هذه المسألة على اهميتها ووجود خلافات داخل دول الاتحاد حولها، لن تكون القضية الوحيدة على جدول اعمال مكثف، يلحظ للمتابع ان هناك جدية واضحة في العمل على وضع القضايا الافريقية في مركز الاهتمام العالمي وخصوصاً الغربي, بعد طول اهمال واستعلاء وعنصرية, وبخاصة في شأن عضوية دول الاتحاد في المحكمة الجنائية الدولية، حيث تستعد تلك الدول (وبعزيمة صادقة ودون تملّق او «باطنية» على الطريقة العربية) للإنسحاب»جماعياً» من عضوية تلك المحكمة, إذا لم يتم اصلاحها, وبخاصة ان الاتحاد يرى «انحيازاً» واضحاً من المحكمة ضد القارة الافريقية ولا يستهدف إلاّ رؤساءها. وهو تهديد سيكون له أثره الكبير على «مستقبل» المحكمة إذا ما مضت دول الاتحاد قدماً في تنفيذه حيث تشكل الدول الافريقية «ثلث» عدد اعضاء تلك المحكمة، وعندها لن يبقى اثر او احترام كبير لهذه المحكمة التي تُسيّرها عواصم الغرب الاستعماري, وفقاً وخدمة لمصالحها الاستراتيجية, رغم ان الدولة الاكبر والاقوى ونقصد الولايات المتحدة, ليست عضواً فيها وتتجاوزها باتفاقيات ثنائية مع الدول الاخرى, لتجنيب جنودها وقادتها العسكريين والسياسيين المساءلة القانونية والمُحاكَمة, جرّاء جرائم حرب يرتكبونها في اكثر من بلد في العالم، لكن واشنطن,لِفرط عربدتها, تستخدم المحكمة... «سوطاً» لمعاقَبة الآخرين.
 
ليس هذا فحسب، بل إن دول الاتحاد الافريقي, التي يُدرِك قادتها ان قارتهم هي «كنز العالم» عن حق, كانت وستبقى, بفضلِ تنوّع وغِنى ثرواتها التي استنزفها المستعمرون الغربيون، يسعون بجدية وعمل دؤوب مُبرمَج’ لحل الخلافات وإطفاء بؤر التوتر في قارتهم, تقف ليبيا على رأس هذه المشكلات, حيث شكّلوا «لجنة عليا» خاصة بذلك البلد العربي/ الافريقي المنكوب, اجتمعت مؤخراً في العاصمة الكونغولية برازفيل, شارك فيها ممثلون عن الأمم المتحدة والجامعة العربية (يا للهول) ستقدم توصياتها الى القمة التي من المتوقع ان تتبناها, والتي في صلبها, دعم جهود دول الجوار الليبي الثلاث «مصر، الجزائر وتونس» من أجل جمع الاطراف المتنازعة (والتي تُغذّي خلافاتها دول «عربية».. من اسف) على طاولة الحوار, كَمسار وحيد لحل الأزمة, بعد ان تيقّن الجميع ان «لا حل عسكرياً للأزمة» وان الحل السياسي هو الممر الإجباري, لإخراج هذا البلد الذي دمره «الأطالِسه» عن قصد, طَمَعاً في نَفْطِه وخصوصاً توقاً لِرسم خرائط جديدة للمنطقة العربية بأسرِها.ناهيك عن وجود قوات إفريقية «مُشترَكة» لِحِفظ السلام... وفضّ النزاعات.
 
يكفي الأفارقة شرف محاولة إخراج أوطانهم من عنق الزجاجة التي استقروا فيها طويلاً، وهم إذ يُدرِكون صعوبة اوضاعهم وكلفة تلك المحاولات الصعبة, إلاّ انهم لا ييأسون ويبُدون تفاؤلاً حتى لِجهة تفعيل «مؤسسة القمة».. خاصتهم.
 
فهل يُصاب عرب اليوم.. بـ»العدوى»؟.
 
kharroub@jpf.com.jo