Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Mar-2017

..وهيئات الاعتماد ! - د. زيد حمزة
 
الراي - الاجتماع العتيد الذي عقدته نقابات المهن الصحية مع رئيس الوزراء قبل اسبوعين وكتبتُ عنه في مقالي السابق كان محوره قانون المساءلة الطبية وقد اوضح الرئيس لأول مرة منذ طُرح قبل ستة عشر عاماً ان هدف الحكومة الاساسي منه هو دعم السياحة العلاجية وقد تم الاتفاق على إعادته لطاولة الحوار بين النقابات المعنية واللجنة الصحية في مجلس النواب للخروج بصياغة جديدة تلبي الهدف المذكور ولا تؤدي الى تسليم اصحاب هذه المهن لشركات التأمين، أما القضايا الأخرى التي عرضها نقيب الاطباء وزملاؤه فكان من بينها تسلُّط هيئة الاعتماد (وهي غير حكومية) على المؤسسات الصحية حتى استحوذت على صلاحيات تعطيها حق التدخل في شؤون المستشفيات الخاصة والعامة (الحكومية والعسكرية) وفرضت معاييرها وشروط اعتماديتها عليها، وهي تسعى الآن لمد نفوذها على العيادات والمراكز الطبية وكذلك على الصيدليات والمختبرات لمنح شهادات الاعتراف بها كأن البلد بلا وزارة صحة مسؤولة دستوريا أمام مجلس الأمة عن جميع الشؤون الصحية وبينها على سبيل المثال لا الحصر ترخيص المستشفيات (والعيادات بالتعاون مع نقابة الاطباء) حسب نظام تقوم على تطبيقه مديرية خاصة فيها.
 
ومن ناحيتي لم أشارك في مناقشة هذا الموضوع لأني لم أكن ملماً به وبحيثياته كما ينبغي، أما النقباء فقد طالبوا الرئيس بوضع حد لهذه الهيئة حتى تبقى شهاداتها اختيارية لمن يريدها كي يفاخر(!) بها على اي صعيد كالسياحة العلاجية من اجل جذب مزيد من المرضى، أما أن تكون ملزمة فهنا تكمن الخطورة.. ولقد ايد النقباءَ في موقفهم هذا وزيرُ الصحة السابق الدكتور نايف الفايز ووصف الهيئة المقصودة بأنها مجرد شركة تجارية وأجورها باهظة جداً.. وقبل أن أهمَّ بكتابة هذا المقال عدت للدكتور يوسف قسوس الذي حضر الاجتماع باعتباره رئيساً للجنة الصحية في مجلس الاعيان ومديراً سابقاً للخدمات الطبية الملكية فزودني بمعلومات اوفر عنها وأبدى تأييده للرأي القائل بألا تكون شهادة الاعتمادية الزامية، كما قمت ببعض الاستقصاء فعرفت جزءًا هاماً من حقيقتها وتاريخها ولا أريد أن اذهب بعيداً في التحليل الاقتصادي والسياسي لنشاطها وعلاقاتها بالخارج لا سيمّا بعد أن وجدت رئيس الوزراء يتجاوب بلا تردد مع المطلب النقابي بوقفها عند حدها لكني بهذه المناسبة لا أستطيع إلا أن أبدي مخاوفي من نشاط مثل هذه الهيئات في مجال آخر هو التعليم العالي إذ شكا منه بعض اساتذة جامعاتنا وأعربوا عن خشيتهم من أن تدخلها الذي لم يلق أي معارضة ويتم باسم القانون قد يلغي مع الوقت الدور الدستوري لوزارة التعليم العالي التي يقضي قانونها بالرقابة على كل مؤسسات التعليم الجامعي العامة والخاصة في الاردن بقصد تقيدها بالمواصفات والمعايير المنصوص عليها في أنظمتها وذلك لضبط الجودة والمستوى ومن اجل الحصول على الاعتراف الذي يؤهلها لحمل مسؤولية التعليم الجامعي لابناء الوطن أو سواهم وللتعامل مع المؤسسات التعليمية الاجنبية لاغراض عديدة كتبادل الخبرات والبعثات والابحاث.. كما لا استطيع إلا أن أتساءل مع آخرين عن سر القبول السهل بهذا التدخل المتسربل بثوب المحافظة على مستوى جامعاتنا ومستشفياتنا أو مؤسساتنا الأخرى من قبل هيئات لا تعدو كونها في النهاية شركات تجارية هدفها الربح أفلا يمهد ذلك لقبول تدخل من نفس النوع لكن في حقول أخرى كمراقبة أداء البنوك.. وأين يذهب البنك المركزي عندئذ!؟ أو مراقبة مؤسساتنا الصناعية الكبرى (والصغرى) وهل تقف وزارة الصناعة مكتوفة اليدين وهي ترى صلاحياتها الدستورية مختطفة منها!؟.. والقائمة طويلة لا تنتهي عند حد.
 
وبعد.. أنا لا أقصد تهويل الأمور، لكني احذر من مصيرٍ واجهته بلاد أخرى استهانت بمثل هذا الانتقاص من السيادة الوطنية ولم تدرك في الوقت المناسب أن (معظم النار من مستصغرالشرر)!