Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2019

شيء ما يحدث - رومان حداد

 الراي - تقاطع الزيارات في المنطقة خلال الفترة الماضية يثير الأسئلة التي تبقى مفتوحة بحثاً عن إجابات مقنعة، فالأخبار الرسمية التي تؤكد على العلاقات القوية والمتينة بين الأشقاء والأصدقاء تبقى ضياعاً للحبر والورق، فثمة الكثير الذي يختفي وراء الزيارات المتقاطعة في المنطقة خلال الأسبوعين الماضيين.

لا يبدو الانسحاب الأميركي من الأراضي السورية سلوكاً مجنوناً من قبل الرئيس ترمب، فرغم الاستقالات المتتابعة في الإدارة الأميركية، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة مؤشر غباء في قرار الرئيس الأميركي، فالفراغ الذي خلقه الأميركي من سورية أربك المعادلة السياسية في المنطقة لجميع الأطراف، بما فيها تلك التي تدعي أن انسحاب الولايات المتحدة من سورية هو انتصار لمشروعها.
عدم تنسيق هذه الخطوة مع روسيا أدى لارتباك واضح لدى الروس وحولهم إلى جهة تراقب بشدة أبرز التحولات داخل الحدود السورية وحولها، فهي تدرك أن الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأمريكي أكبر من أن تملأه روسيا لوحدها أو مع حلفاء حالة الاضطرار مثل إيران.
وفي ذات الوقت تدرك روسيا أن الطبيعة تكره الفراغ وبالتالي لن يبقى الفراغ الذي غلفه الأميركان فراغاً لوقت طويل، وهو ما يخلق حالة صراع بين الأطراف، ولدى كل طرف على شكل صراع داخلي بين الرغبة في ملء الفراغ والخوف من التحرك الخاطئ توقيتاً ومكانياً لملء الفراغ.
وإيران تبدو قلقة أكثر من أي وقت مضى، فهي خائفة الآن من التمدد والتمركز بشكل قوي في مناطق مختلفة في سورية، وذلك بسبب استشعارها أن المعادلة قد تغيرت دون إدراك حقيقي لحجم التغيير واتجاهه، وهو ما يجعل إيران طريدة الوقت بسبب الضعف الاقتصادي الذي ينهش السلطات الإيرانية من الداخل وعدم الاستناد إلى موقف واضح خارجياً.
أما إذا ذهبنا إلى الشمال نحو إسطنبول إردوغان فهي تعيش أكثر المراحل ارتباكاً منذ وصول إردوغان لسدة الحكم الرئاسية، فالرغبة الجامحة بالانقضاض على القوات الكردية في سورية والتخلص من التهديد الكردي، لم يغادر مساحة الرغبات إلى القدرة على تحقيقها واقعياً، فرغم العنجهية التركية إلا أن تصريح وزير الخارجية الأمركي مايك بومبيو بأن الولايات المتحدة ستدمر تركيا اقتصادياً إذا تعرضت للأكراد في سورية يأتي كتلويح بالعصا الغليظة، فتركيا تعاني جداً على المستوى الاقتصادي، والليرة التركية معرضة لانهيارات أكبر مما شهدتها الفترة الماضية.
وبطبيعة الحال يبقى لبنان على كف «العفريت»، فلا هو قادر على تشكيل حكومة، ولا حزب االله قادر على إظهار قوته المطلقة واحتلال لبنان بالكامل، رغم اعتقاد القيادات داخل الحزب أنها قادرة على ذلك خلال 48 ساعة.
وبطبيعة الحال فالنظام السوري المنتصر بامتلاكه السيطرة على أقل من نصف الأراضي السورية لا يعرف الإجابة على سؤال مهم ومصيري، وهو ما الذي ينتظر النظام في الأيام القادمة، وهل هناك حروب جديدة في مناطق الأكراد ومحافظة إدلب والمنطقة الشرقية، أم أن هذه المناطق صارت خارج السيطرة فعلاً بحكم الواقع والسكوت الدولي؟
ننتظر أياماً ساخنة مع بداية شهر آذار القادم، ويبدو أن الجميع كان قد وضع أصابعه في النار، من دول الخليج جنوباً إلى تركيا شمالاً، وما بدا أنه انتصار نهائي للتيار الروسي الإيراني في المنطقة أصبح مجرد قطعة في سلسلة الأحجيات والمتاهات التي تعرف المنطقة بوابة الدخول إليها وتضيع المفتاح وخريطة طريق الخروج.