Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Feb-2018

«اعتقال» صالح مسلم.... أو عندما تبيع واشنطن «أدواتها»! - محمد خروب

الراي -  بين 15 شباط 1999 ،يوم اعتقال عبداالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستان ي التركي PKK في عملية استخبارية مُنسَّقة بين ثلاثة أجهزة استخبارية «حليفة».... التركية، الإسرائيلية والاميركية, وبين 25 شباط 2018 يوم القبض على صالح مسلم احد اتباع اوجلان والسائر على هدي ايديولوجيته وتعاليمه, حيث تدرَّب في معقله الرئيس بجبال قنديل العراقية, لينقل تجربة «آبو» الى سوريا عبر YPG الحزب الذي اسماه حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية قوات حماية الشعب PYD ’كي تتحوّل لاحقا الى اداة وبيدقا في يد المخابرات الاميركية, ومشروعها التقسيمي في سوريا.

 
بين هذين «الحدثين» جرت مياه (ودماء) غزيرة في نهري دجلة والفرات, كما في انهار تركيا وشمال العراق.. لكن كرد سوريا كما اخوتهم في شمال العراق وخصوصاً كرد تركيا, لا يريدون التعلّم من اخطائهم, او السعي لاستخلاص دروس وعِبر تاريخهم.. قديمِه والحديث, المليء بالخذلان والنكبات والرهان على قوى اقليمية ودولية تتنَّكر لهم بمجرد ان تحقّق مصالحها او تجد قوى بديلة، دول او منظمات او تنظيمات او احزاب، تقدم لها اكثر مما يعد به الكرد او يتوفرون عليه, من امكانات وقدرات وطاقات.
 
لن تختلف حال صالح مسلم عن زعيمه عبداالله اوجلان، إلاّ اذا «توسّطت» قوى اخرى لدى واشنطن كي تحول دون تسليمه الى انقرة, وخصوصا ان دولة التشيك الخاضِعة لواشنطن المُخترِقة مؤسساتها الامنية في شكل معروف للجميع, وبخاصة دول الاتحاد الاوروبي التي هي عضو فيه، ما كان لها ان تعتقل مسلم وتستعجل انقرة إرسال وثائقها الضرورية لتسليمه لها، الا بضوء اخضر اميركي. لم يأت هذا الضوء الا بعد ان قرّرت ادارة ترمب استرضاء اردوغان عبر التضحية بمن اوهموا انفسهم انهم «حلفاء». بعد ان استخدَمَتهم لخدمة مشروعها, الذي لم تتخل عنه وهو تقسيم سوريا.
 
فاستثمرت فيهم عبر اطار ما سُميّ «قوات سوريا الديمقراطية»، وارتكبوا معاً جريمة تدمير مدينة الرقة, وعقدوا تحالفا شيطانيا مع داعش مكَّنهم من السيطرة بلا قتال على حقول النفط والغاز في شرق دير الزور وبخاصة حقول كونيكو والعمر. فانتهى الامر بهم (الاميركيون) الى اعلان ان «عفرين» لا تعنيهم (اي نظروا بعين الرضى عن غزوة غص الزيتون التركية) وراحت الأنباء تتحدث عن تفاهمات اميركية تركية في شأن منبج. اولى تجلياتها تقليص نفوذ الكرد في ما سُميّ «قسد» لصالح الُمكوِّن «العربي» العشائري, الذي تجري عملية تظهيره بعد زيارة تيلرسون الأخيرة لأنقرة.
 
صالح مسلم، لن يكون الضحية الاخيرة في مسلسل تخلّي واشنطن عن ادواتها ، وهو لن يكون – في حال المضي في عملية تسليمه – اكثر اهمية من قادة دول وزعماء واحزاب وتنظيمات, ربطتها بالولايات المتحدة علاقات «تاريخية» وشراكات طويلة, ما لبثت واشنطن ان ضحّت بهم عند اول مفترق, او بداية مرحلة وجدَت ان «مصالحها» تتقدم على همروجة «القِيَم والمبادئ» التي طالما سوّقت لها وروّجت, دون ايمان حقيقي او صادق او جدّي بها.
 
يجدر الان وبخاصة بعد خذلان الاميركان لكرد سوريا في عفرين, التي رفضوا بعناد ومكابرة الإستماع لصوت العقل والمنطق والمصلحة الوطنية ويسلموها للجيش العربي السوري، كي يُحبط غزوة غصن الزيتون, التي رغم مرور اكثر من شهر على بدئها, ورغم ارتكاباتها الوحشية بحق المدنيين وقوافل المساعدات الانسانية التي حاولت العبور الى المدينة, تكاد تقع في دائرة حصار... الغزاة الأتراك.
 
يجدر بهؤلاء استدراك الامور قبل فوات الاوان, وإعادة قراءة المشهدين الاقليمي والدولي, في ضوء ما يحدث الان على الساحة السورية, وافتضاح الاهداف الاميركية التركية, التي لم يتخل عنها الحليفان الاطلسيان.. وذلك عبر عودة هؤلاء الى دائرة الوطن السوري والتخلّي عن اوهامهم, ومغادرة مربع الوهم الذي «أوقعهم» فيه الاميركيون, وظنوا( لفرط سذاجتهم طوال فترة استخدام الاميركيين لهم) ان مشروع «روج آفا» الإنفصالي, قد بات مسألة وقت ليس إلاّ. وهاهم الان يستفيقون على خديعة اميركية لا نحسبها جديدة او مفاجِئة, سواء على صعيد خذلان الكرد انفسهم ام على صعيد تخلي واشنطن عن حلفائها الاقربين, في اللحظة التي ترى فيها الدوائر الاستخبارية الاميركية انهم باتوا عبئا عليها, او ان هناك من يوفر لهم البضاعة بشكل ونوعية افضل من «الأدوات» السابقة.
 
حان الوقت لكرد سوريا ان يستفيدوا مما حدث لابناء جلدتهم في العراق قبل خمسة اشهر فقط, اي إسفتاء 25 ايلول الماضي, عندما خذل الاميركيون والاسرائيليون مسعود برزاني, وكيف غدت «مكتسبات» اقليم كردستان طوال ربع قرن مضى, مجرد تاريخ من الاوهام والتكاذب والتضخيم المزيّف, وتجربة مدينة «القامشلي» خير مثال على أن بامقدورهم العودة الى حضن الوطن, ومنع تقسيم سوريا واحباط المخطط الاميركي التركي, حيث يعمل الجيش السوري على حماية المدينة(القامشلي) من الخارج, فيما الإدارة المحلية بيد الكرد... انفسهم. أليس في ذلك مصلحة لسوريا؟ قبل ان نقول «النظام» او اوهام الكونفدرالية, التي روّج لها... باستعلاء وغطرسة صالح مسلم, الذي ضحّى به المُشغِّلون الاميركيون...
سريعاً؟.
 
مُضي كرد سوريا وراء سراب الوعود الاميركية الكاذبة, لن تكون نتائجه مختلفة, عن الوهم الذي زرعه الاميركيون والاسرائيليون في رأس مسعود برزاني. ونتائج «عناد» كاك مسعود, ها هي مطروحة على «الجدار» وفي شوارع اربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة وكل بلدة وقرية في إقليم «شمال العراق» كما يُصِر اردوغان على وصفه, تجنباً للاعتراف بانه اقليم «كردستان العراق»... كما هي تسميته الرسمية.