Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jun-2020

تعقّد الصراع في ليبيا*د. محمد حسين المومني

 الغد

ليبيا ساحة مفتوحة للحرب تتصارع فيها القوى الدولية والاقليمية، بعض دول الخليج، تركيا، روسيا، أميركا، فرنسا، ايطاليا ومصر كلها دول لها حضور امني وعسكري في المشهد الليبي تحاول الحفاظ على مصالحها هناك. هي سورية الجديدة تتشابه ايضا في واقعها الامني والسياسي الى حد كبير مع دول مثل لبنان والعراق التي تعتبر منقوصة السيادة بسبب نفوذ دول اخرى بها تتحرك وتتدخل من خلال قوى سياسية محلية تنفذ اجنداتها. آخر المواجهات داخل ليبيا دخول مصر على خط النزاع بقوة وعلانية لمواجهة نفوذ تركيا، بعد تعاظم التدخل العسكري التركي بصورة غير مسبوقة في ليبيا، أثار ريبة كثير من دول المنطقة المتوجسة اساسا من تمدد النفوذ التركي الايديولوجي تحت عنوان دعم الاخوان المسلمين في عدد من دول الاقليم، فيما تعتبر غالبية دول الخليج ومصر حركة الاخوان المسلمين حركة ارهابية وقد اعلنتها رسميا كذلك. المواجهة المفتوحة جزء من لعبة توازن القوة الاقليمي، في اقليم يستحق ان يوصف انه اقليم منهار لا يقوى على التعامل مع تحدياتها العسكرية والامنية والسياسية بصورة ذاتية نظرا لغياب منظومات صناعة قرار اقليمية فاعلة.
ثمة مصالح تركية في ليبيا اقتصادية واستراتيجية وايديولوجية. الاقتصادية تتمثل بالنفط وعقوده وإعادة الإعمار والاستثمارات المجدية التي قد تأتي من ليبيا، والاستراتيجية تتمثل في ان النزاع الليبي يسحب جزءا من الاقتتال من شمال سورية للذهاب الى ليبيا ليحاربوا مع طرفي الاقتتال هناك، واما ايديولوجيا فتركيا تتدخل لصالح حكومة الوفاق التي تنتهج وتقترب فكريا من الاخوان المسلمين وفكر الاسلام السياسي. هذه المصالح دعت تركيا للتحرك وللتدخل ميدانيا، ولذات الاسباب تقف بوجهها دول خليجية ومصر وسابقا روسيا، فيما دول اوروبية تراقب المشهد وتسعى للحفاظ على مصالحها المرتبطة ايضا بالنفط وبالهجرة غير الشرعية وتهريب البشر القادمين من السواحل الليبية. نزاع لا يبدو انه سيكون يسيرا مرشح لمواجهات عسكرية دموية قادمة لن يكون لتركيا الغلبة فيها لثلاثة اسباب، الاول، المعارضة الداخلية القوية ضد التدخل التركي في ليبيا وان ذلك استنزاف مغامر وغير مجد للموارد وان خلف هذا القرار عقلية امبراطورية ستؤذي تركيا وتستنزفها فهي تتصرف كما لو انها الدولة العثمانية إبان عهدها، والثاني، البعد والمسافة الجغرافية التي ستزيد من تكلفة التدخل وتعلي من عدم رجاحته وجدواه، والثالث، ان من البديهي ان الدول الاخرى خاصة القريبة من ليبيا ستغضب بشدة ولن تسمح لتركيا ان تجعل من ليبيا منطقة نفوذ ايديولوجي خاص بها ولا ان تحصل على عقود النفط واعادة التعمير.
المشهد معقد وسائر للتصعيد، لا يبدو الحل الا بالمواجهة او بأن تقوم حكومة الوفاق بإحداث التوازن المطلوب بين كافة الفاعلين في المشهد الليبي، وان تقف وتمأسس العلاقة الاستراتيجية معهم بهدف انهاء كافة الوجود غير الليبي في ليبيا، لا ان تدخل لعبة الاصطفاف مع جهة بعينها، والاهم، ألا تكون ذراعا لأيديولوجيا سياسية دينية عابرة للحدود.