Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Jan-2020

هؤلاء أخطر من «الصفقة»..!*حسين الرواشدة

 الدستور

لكي نفهم مدى الخطر الذي تشكله صفقة القرن بالنسبة للأردن يفترض ان ننتبه الى أربعة سياقات، الأول انها جاءت بقرار جاهز من البيت الأبيض بدون اية مفاوضات مع الأطراف العربية المعنية بالقضية الفلسطينية، وبالتالي فهي بمثابة «فرض أمر واقع»، تماماً كما كانت الحرب على العراق عام 2003 بقرار امريكي منفرد، الثاني ان هذه الصفقة جاءت في سياق حالة عربية «بائسة» تماماً، تزامنت هذه الحالة العربية مع «توحد» إسرائيلي على هدف واحد  لاقتناص الفرصة، فمن غير المتوقع ان نسمع من معظم العواصم العربية رداً حازماً عليها، سواءً بسبب عدم القدرة او عدم الرغبة، الثالث ان خطر تسويق «الصفقة» او التطوع للتكيف معها، سواء بحسن نية او بسوء نية، لا يقل خطراً عن اقراراها واشهارها، أقصد هنا ان بعض الأطراف في بلداننا العربية بدأت بطرح «بالونات» اختبار في سياق تسويق «الصفقة» او اقتراح ما يلزم من مخارج لتسهيل «ابتلاعها» وتنفيذها.
يبقى السياق الرابع وهو ان عصر التسويات في عالمنا العربي، وعلى صعيد قضيته التي كانت «الأولى والمركزية»، انتهى الى غير رجعة، وبالتالي فنحن أمام تحولات قسرية جديدة عنوانها «التصفيات» الكبرى، وهذه لن تقتصر على هذه «الصفقة» وانما ستتجاوزها الى صفقات أخرى ستكون امتداداً لهذا الزلزال الكبير،  وستشمل ارتداداتها المنطقة العربية، وربما الإسلامية ايضاً.
سأشير هنا – فقط- الى السياق الثالث، باعتباره الأخطر – في تقديري-، لأكثر من سبب، أبرزها يتعلق «بماكينة» تنفيذ الخطة الأمريكية أو فرضها في بيئات ترفضها، اذ لا يمكن ان يتم ذلك بسهولة دون توافر «اذرع» او روافع تتعهد بمساندتها وفتح القنوات أمامها، لا اتحدث هنا عن قرارات تصدر فقط، وانما عن محاولات تبدو أحياناً بريئة، وقد تأتي في سياقات تحذيرية او تحليلية، لكنها في الحقيقة عكس ذلك تماماً، (خذ مثلاً فتح ملف فك الارتباط)، لان المروجين لها يعرفون تماماً من اين تؤكل الكتف، ولأنهم ثانياً «يلبسون» طاقيته الوطنية والدفاع عن المصالح العليا، لكنهم في النتيجة يقدمون «خبراتهم» ونصائحهم لتمرير الصفقة، من خلال إيجاد «بيئة» اجتماعية تتصارع عليها، او تتواطأ لقبولها، أو من خلال «التغطية» على خطرها الأصلي لحساب قضايا أخرى اقل من خطراًواهمية.
لكي نفهم مدى الخطر الذي اشرت الى سياقاته الأربعة سلفاً، ارجو ان ننتبه الى ان هذه «الصفقة» التي تم تنفيذها قبل اشهارها تمثل تهديداً لوجودنا (أمننا الوطني) كدولة وكمجتمع، وليس تهديداً لحدودنا (مصالحنا) فقط، كما انها – وهذا الأهم- ليست قدراً لا مفر منه، ولا سبيل لمواجهته او إزالة ما يترتب من آثار «للعدوان» الذي يتضمنه، على العكس تماماً، فهي كأي حرب يمكن رفضها ومواجهتها والتحايل -سياسياً- عليها، ولدينا أوراق عديدة لفعل ذلك،  لكن بشرط واحد وهو ان نمتلك الإرادة الحقيقية، ونفتح عيوننا على أية «أبواب» يفتحها البعض لتسهيل «ابتلاعنا» لها، أقصد هنا الطابور الخامس الذي بدأ يتحرك لتخويفنا من «الكارثة» وتيئيسنا من مواجهتها، والتطوع لتجريف «القنوات» لتعبر الينا كأي عاصفة دون ان نرفع اصواتنا بكلمة: «لا» واحدة.