Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-May-2017

أزمة صندوق تقاعد المهندسين والعمل النقابي - م. رائد الخطيب
 
الراي - القيم و تعددها و تصادمها موضوع له أهميته , خاصة في هذه الظروف التي كثر النقاش و التداول حــول موضــوع ازمــة صندوق تقــاعد المهنــدسين الاردنيين المستعصية و ابعادها الاقتصادية و الاجتماعية على صعيد الوطن نتيجة التصلب و تحويل النقابة إلـــى شبكة مصالح و منافع بين افراد الحزب الحاكم في النقابة ( الاخوان المسلمين غير المرخصين ) المستحوذين على قيادة دفة النقــابة و من يدور في فلكها من المنتفعين و المحاسيب.
 
و التستر على من اوصل الصندوق الى ازمته المالية المستعصية نتيجةً لسياساته و ادارته لدفة النقابة لعقدين و نصف , هـذه الازمة المستعصية التـي تطل علينا اليوم بوجه اخر عبر الرسائل و المنشورات التي ترسلها و تحشد من خلالها قيادات وازنة لها عشرات الاعوام فــي قيـادة القائمة التي في دفة قيادة النقابة , اذ انها تستمرئ خطاب « التحصن بثقافة المظلومية « و الاستهداف , خطاب تحشيدي تحريضي قائم على فئوية , طائفية , أيدولوجي قائم على ثنائيات التكــفير « اما. او « , « حق. باطل « ينم عن ذهنية عصبوية لا تقبل الاخر او الاختلاف.
 
يقول المفكر العربي محمد عابد الجابري في كتابه « العقل الساسي العربي « الى أن العقيدة القبيلة , الغنيمة هي المقولات الحاكمة للعقل العربي , و لكن بعد دخولنا الى عصر الحداثة يجب تفكيك هذه المفاهيم.
 
تحويل القبيلة ( و للقبائل اشكال منها الجماعة ) الى مجتمع مدني منظم سياسياً و حضارياً و اجتماعياً , و تحويل الغنيمة إلى اقتصاد منتج ( و عدم اعتبارها غنيمة نتائج لغزوة صندوق الاقتراع ) , و تحويل العقيدة إلى عقل نقدي. و هنا يتم التعامل مع الديمقراطية بوصفها غنيمة من غنائم الحرب , الديمقراطية بهذا المعنى تجربة مبتسرة يتم اختزالها بطرقة ضيقة في « آلية التصويت « و هي تفتقد الكثير من اسس الديمقراطية: من ابرزها التعددية السياسية , و حقوق الاقليات , و قبول الاخر.
 
و هذا بالتالي ينم عن ذهنية تؤمن بأن ما لديها هي الحقيقة المطلقة , و هذه الرؤية المشوهة التي تنشأ عن رحم منطقي فاسد هي المسؤولة عن العنف و التشدد و عن اقصاء الاخر و اخضاعه لما نخضع له. و عــن عصبــوية طائفيــة قائمة على ثلاثية « التماثل. التطابق. الاجماع « , أن الخطورة ببث هذه الصفات بوصفها صفات ملازمة لثقافة سائدة في مجتمع , فأن هذه الثقافة لا بد ان تنتج سلطة قمعية تتأسس على الحالة المعرفية للتعصب, و المسافة قصيرة جداً بين التعصب بوصفه حالة معرفية سائدة في ثقافة من الثقافات , و بين التسلط بوصفه علامه من علامات المجتمعات القمعية المتخلفة التي تستأصل الحرية من قلوب شعوبها , فالتعصب الفكري هو الوجه الاخر للاستبداد السياسي , الامر الخطير أن هذا الخطاب يقوم على التسلط و الاستبداد و الغاء الحرية و العقل, و بهذه الحالة أن المجتمع معرض في كل لحظة لخطر الفوضى الشاملة و هذا ما حصل للأنظمة الاقليمية التي حولنا.
 
يمكن أن يقال الكثير حول الخبرة الاردنية على صعيد النقابات المهنية و على رأسها نقابة المهندسين الاردنيين و دورها الوطني في سبعينيات و ثمانينات القرن المنصرم حيث كانت المتنفس و استطاعت ملَء الفراغ الذي تركته التنظيمات السياسية و على رأسها الاحزاب , و هذا فتح الباب امام النقابات لتشكل فاعلاً سياسياً اساسياً في مقدمة صفوف المعارضة , و على المستوى الفردي لبعض الناشطين النقابيين , و نتيجة لسياسات الاستنفاع و النظرة الحزبية الضيقة على حساب السياسات الوطنية و على الدور المهني الذي كانت تؤديه النقابات , هذه الخبرة التي سلبت بالعقدين الاخيرين , لكن الاهم هو اعادة الدور الاصلاحي المنتظر ببناء تنظيمات نقابية اوسع و اقوى و اكثر ارتباطاً بأجندة نخبوية و سياسية محلية.
 
الان امام المجتمع المدني و النقابات فرصة لتشكيل نواة لجماعة و طنية ديمقراطية عابرة للتيارات السياسية و الايديولوجية , تؤمن بالديمقراطية و تؤمن بالدولة الاردنية , و امامها فرصة للمساهمة في استعادة الثقة و التوازن في العمل العام وان تستفيد من اخطاء الماضي.
 
و علينا الاعتراف أن النهج الذي مارسته قيادات النقابة في العقدين الاخيرين بالمجال العام المدني و النقابي قد اصيب بالعديد من العلل و يمر حالياً في حالة من الاسترخاء و هذا لا يخدم الاجندة الاصلاحية الوطنية , فالأساس المهني و السياسي و الاجتماعي هو ما يمكن أن تبنى عليه مؤسسات المجتمع المدني و النقابات دورها المستقبلي في ضوء التوسع و الانتشار , و يجب عليها بناء معادلة وطنيه جديدة تعيدها بقوة للحياة العامة.
 
فلتكن ازمة نقابة المهندسين و هي الرائدة في العمل المهني الوطني بوابة لإعادة الدور الوطني و اعادة الوهج لمجمع النقابات المهنية , و المشاركة في معركة الاصلاح الشاملة , تعليمياً و صحياً و قانونياً و اعلامياً .