Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-May-2018

الدور الفرنسي في الأزمات العربيّة... ليبيا وسوريا مثالاً! - محمد خروب

الراي-  عام مضى على وجود الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه (2017/5/14 ،(وهو القادم من عالم البنوك إلى وزارة الاقتصاد والصناعة والاقتصاد الرقمي, جاء به اليها سلفه فرانسوا اولاند. عام لم يستطع خلاله هذا السياسي الطارئ الذي شكّل صعوده المفاجئ وفوزه غير المتوقّع, صدمة لدى قادة ورموز

الأحزاب الفرنسية «العريقة» كحزب «الجمهورِيّون» اليميني والحزب الاشتراكي والجبهة الوطنية المتطرفة, وغيرها من تشكيلات اليسار واليمين.
نقول: لم يستطع ماكرون استمالة الجمهور الفرنسي الذي منحه التأييد في جولة الإعادة ضد مارين لوبن، وبخاصة فشله في تسويق خطته الاقتصادية الرامية الى «إنعاش» الاقتصاد الفرنسي, عندما عارضتها مختلف النقابات ومعظم الأحزاب واعلنت اضرابات مفتوحة, وما تزال موضع خلافات بين الحكومة وأرباب العمل من جهة
والنقابات من جهة أخرى. فهبطت شعبية ماكرون على نحو لافت، الأمر الذي يبدو انه كان الدافع الأساس كي
«يهرب» إلى الأمام, ويولي أهمية استثنائية لملفات السياسة الخارجية، خصوصاً بعد «إطمئنانه» الى استمرار
علاقات بلاده مع ترمب, الذي تسلّم منصبه قبل أربعة أشهر من فوز ماكرون.فراح يتطلع الى تمتين القيادة
«الثنائية» الألمانية الفرنسية للاتحاد الأوروبي, ما ينسجم تماماً مع برنامجه الانتخابي, لكنه وقد أقلقه تقدّم
أحزاب اليمين الشعبوية في أوروبا وبعضها نجح في الوصول إلى السلطة, ناهيك عن «إغراء» النموذج
البريطاني في الخروج من الاتحاد (بريكست). وجد ضالته في الأزمات العربية, التي اسهمت بلاده في اشعالها
ونشر الفوضى فيها وخصوصاً في عهدي «سلفَيه»... الأسبق ساركوزي الذي قاد عملية غزو ليبيا وقلْب
 
نظامها, بل المساهمة في مصرع رئيسها على النحو الهمجي الذي شاهده العالم, والثاني اولاند الذي قدّم
الرعاية والدعم السياسي والدبلوماسي للمعارضات السورية وارهابييها واعترف بـ»الائتلاف» مُمثلاً شرعياً
ووحيداً للشعب السوري, وواصل جمع شتات هؤلاء في هيكل متداعٍ «مجموعة أصدقاء سوريا», ولم يتراجع
ماكرون عن سياسات سلفه الفاشلة, التي كانت تزيد من التبعية لواشنطن, وبدت وكأنها تتنافس مع
لندن, كي تحتل المرتبة الأولى بدلاً منها في تحالفها مع الإدارة الأميركية.على النحو الذي سعى إليه نيكولا
ساركوزي, حيث وصفه الفرنسيون بأنه «مُمثل أميركا في فرنسا».
ما علينا..
ماكرون يسعى لاستعادة الدور الفرنسي في المنطقة, ولكن بتسرّع وكأنه في سباق مع الزمن, إما هرباً من
مشكلاته الداخلية التي تثقل عليه, وتكشف تواضع قدراته وحكومته, إزاءها وبخاصة على الصعيد
الاقتصادي، او انه يرى في «اللعب» على الساحة الدولية فرصة, يمكنه من خلالها الحصول على مكاسب
سياسية واخرى اقتصادية عبر البحث عن اسواق واستثمارات, واحتمالات نجاحه في الأخيرة تبدو مرتبطة على
نحو وثيق بالمآلات التي ستنتهي إليها الأزمات العربية, ناهيك عن مستقبل الاتفاق النووي مع إيران إثر
انسحاب واشنطن منه, وما قد تسفر عنه المفاوضات الجارية الآن بين طهران والاتحاد الأوروبي في شأن
الضمانات «المالية» التي تُطالب بها إيران مقابل استمرارها في تنفيذ الاتفاق.
في الأزمة السورية ينخرط الرئيس الفرنسي في لعبة غير مضمونة النتائج, ويبدي حماسة تفوق حماسة
إرساله كتائب من جيشه الى شرق الفرات, واندماجها مع القوات الأميركية في محيط منبج, ومحاولات باريس «حزب الحرب» في الإدارة الأميركية, هذا الحزب الذي تعزّز بانضمام بولتون و بومبيو الى فريق ترمب، وبخاصة
وضع شروط «إضافية» لدعم الحل السياسي للأزمة السورية، تتجاوز مع ما تم الاتفاق عليه في محادثات جنيف
واستانا في نسختها التاسعة وسوتشي الخاصة بالحوار الوطني السوري ـــ السوري الشامل.
سياسة فرنسا «السورِية» تبدو متماهية تماماً مع توجهات إدارة ترمب, بل ان ماكرون اعلن بحماسة انه «أقنع»
الرئيس الأميركي بعدم سحب قواته من شرق سوريا، ولا ننسى ان ماكرون شارك واشنطن ولندن العدوان
الثلاثي على سوريا، بذريعة استخدام الأسلحة الكيماوية في «دوما».
لكن اللافت هو محاولة ماكرون «الثانية» بعد فشل محاولته «الأولى» التي بدأت بعد شهرين فقط من تسلمه
منصبه لحل الأزمة الليبية, عندما جمَع الجنرال خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني في تموز 2017
وكما هو معروف انتهت المحاولة الى الفشل، لكنه لم ييأس – في ما يبدو – حيث دعا الى مؤتمر دولي في
باريس اليوم الثلاثاء, يشارك فيه ممثلو «19 «دولة, بهدف «التمهيد لانتخابات قبل نهاية العام 2018 «وسيكون
حفتر والسراج (كما عقيلة صالح حليف حفتر وخالد المشري رئيس مجلس الدولة) في مقدمة هؤلاء.
وحضرت بالطبع العبارات والمصطلحات الطنّانة, مثل «توفير الظروف للخروج من الأزمة, وذلك من خلال إشعار
الفاعلين الوطنيين والدوليين كافة بمسؤولياتهم» عن بيانات وتصريحات القائمين على «المبادرة» هذه، في
وقت يُدرك معظمهم انها لن تصيب نجاحاً يذكر، ما دام بعض الاطراف التي ستجلس على طاولة المؤتمر, مُتورّطة في دعم الميليشيات وتوفير كل ما يضمن لها مواصلة نشر الفوضى والفلتان الأمني، وما دامت
الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا, لا يعنيها من الملف الليبي سوى تدفق النفط ووقف الهجرة اليها, فيما تغض النظر عن عمليات تهريب السلاح والمخدرات التي تتورط فيها ميليشيات ومجموعات, تلقى دعماً
من جهات إقليمية ودولية معروفة.
الدور الفرنسي في الأزمات العربية وبخاصة السورية والليبية, لا يختلف كثيراً عن الدور الأميركي المعادي للعرب والمزدري للقانون الدولي والمنحاز لإسرائيل, وإن كانت فرنسا نأت بنفسها عن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة للعدو واعتبرته مجرد «خطأ». لكنها لم تعترف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وعارض ماكرون بشِدة الإعتراف بـ»الدولة الفلسطينية», رغم موافقة البرلمان الفرنسي.
kharroub@jpf.com.jo