Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Mar-2017

خوارج العصر و خوارج الدهر - خوارج السابق وخوارج اللاحق - السفير ياسين الرواشدة
 
الراي - لابد من تسليط الضوء على الصلة التاريخية والفكرية الظلامية لخوارج الماضي والحاضر والقاء الضوء على مدارك وطرق تفكير تلك المجموعات الهدامة للامة وللدين.
 
و لقد اطلق العديد من المفكرين والعلماء على ما يسمى «داعش» بأنها خوارج العصر الخارجة عن الملة المدمرة لها ومن اطلق هذا اللقب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حيث وصفهم بالنعت الملائم. و انطلاقا من ذلك رايت ان ألقي الضوء على الخوارج سابقا ولاحقا واعطي الامثلة لتوضيح طبيعة هذا الفكر الضال:
 
- كانت الامة مجتمعة على كتاب الله وهدي رسولة وسنته المحكمة المتفق عليها والتي تناسب الزمان والمكان والعقل والمنطق والحكمة.
 
واذا قلنا ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وضع وصاياها ثابته ابد الدهر في خطبة الوداع في مكة المكرمة عندما قال « تركت فيكم كتاب الله وسنتي فان تمسكتم بها فلن تضيعوا ابدا....» وكان خطابه ذاك وصية ومنهجا يحتذى به في التسامح والرافة والحكمة
 
(مع الالتزام بالثوابت) ليجتمع الناس على كلمة سواء تمنع الفرقة والتشرذم والفتنة.
 
ومن اسباب المصائب التي حلت بصفوف المسلمين من فرقة وتصارع هو ظهور «حركة» الخوارج الذين لم يعلنوا فقط اختلافهم في الراي او الاجتهاد بل اثاروا الحروب وسفكوا الدماء وشتتوا الامة.
 
والاخطر انهم البسوا صراعهم وخلافهم مع الامة بتلبيسها بغلاف ديني – فاثاروا الشكوك والبسوا التعابير والكلمات ثوبا غير ثوبها وفسروها تفسيرا غير تفسيرها معطين لانفسهم الحق والتميز والتفوق في فرض الراي بالقوة و بحد السيف... بينما كان الرسول الكريم نفسه يحاجج ويحاور ويناقش ويقنع ويقتنع... فما بالك ببقية الناس الاقل كفاءة وعلما ومعرفة وحجة ومعصومية..
 
وقد اثار الخوارج بنشر الشبهات مشاعر صغار النفوس والعقول والسن مثيرين الوسواس الخناس.. فخرجوا على الائمة وولاة الامر المنتخبين و المبايعين المختارين مستحلين الحرمات ناشرين الرعب بحجة «خروج عن الدين « معطين لنفسهم دون غيرهم حق منح صكوك الغفران وحق «اصلاح الحال «..
 
لذا فانه من الواجب الشرعي والضرورة الحياتية التصدي لهذه الشرذمة واثبات خطرها سواء بالحجة الدينية او بوسائل الحماية الدنيوية والتي تملكها الحكومات والدول القائمة والواجب المحافظة على رعاياها.
 
يساوون عادة ما بين «كفر الشرك « و «كفر النعمة» ويعتبرون ان كل مرتكب لذنب صغير او كبير هو مشرك بالله بل زعموا ان «اطفال المشركين هم مشركون « ويلزم اخذ الحد منهم. ولذلك استحلوا قتل اطفال مخالفيهم وقتل نسائهم سواء كانوا من المعاهدين او المشركين غير المحاربين ام لا.
 
كما انهم يستهلوا في اطلاق صفة «المنافق» على كل من يخالفهم ثم يعتبروا النفاق – حسب تعريفهم هو من الكبائر ويقولون ان المنافق « اشر من الكافر « اي وجب قتله. رغم ثبوت الاسلام والايمان لدى هذا « المنافق»..
 
كما انهم يطلقون اوصاف «ائمة الجور « جزافا معتبرين ان الخروج عليهم واجب وقتالهم ضرورة. و ذكر ابن حزم ان من غريب اقوال الخوارج ان كل معصية يتم فيها الحد ليست كفرا و كل من لا يقام فيها فهي الكفر اي ان تراخى صاحب الامر او امتنع عن اقامة الحد على شخص ما فانه براي اهل الخوارج اقامة الحد وقتل ذلك الشخص اصبح واجبا.
 
فهم كفروا الخليفة الامام علي بن ابي طالب لانه وافق على التحكيم مع معاوية.. بل كفروا كل رجال علي و كل رجال معاوية..مفسرين خطا مبدا « ان الحكم لله «...
 
وهم من قتل عليا بحجة انه قبل التحكيم ومعتبرين ذلك خروجا عن الشرع.. وقد نعتهم الامام باقسى النعوت والاوصاف.. كما انهم كفروا الخليفة عثمان بن عفان لانه ولى في مناطق وولايات احدا من اقاربة.. او كما هم فسروا ذلك..
 
بل انهم يكفروا المسلم المجتهد او من كان نتيجته عمل نافع لكن لا يوجد نص يدعمه..
 
فالصلح الذي عمله علي و معاوية هو امر محمود في الشرع و في المنطق لكن خوارج الدهر قد حرموه ووصفوة بالعمل الكفر لسوء مقصدهم وقصر فهمهم. رغم ان الاية الكريمة صريحة في القول « و ما كان الله ليضل قوما بعد ان هداهم..».
 
ومن اشكال التكفير عند خوارج العصر تكفيرهم للحاكم الذي «ياذن ويصرح بالتعامل بالربا او انشاء بنوك ربوية» حتى ولو لم يضلوه شخصيا بل يكفروا وضع الحراسة على البنوك « الربوية» او دخول وسائل الاعلام او الترخيص لها والتي لا تحترم اسلوبهم وفهمهم للمحرمات اي انهم يكفروا التبرج والسفور والموسيقى...ووو
 
ويحرم ويكفر الخوارج و بالقطع « الحكم او التعامل في شيء لم يرد ذكره في كتاب الله « حتى ولو كان نافعا للناس فهم وبشكل قطعي يعتبرون ان الله لم ينزله فبالتالي هو محرم ومن يعمل به كافر. وهم يذهبوا الى التكفير بالولاء لغير المسلمين – الكفار – وهو عندهم تكفير مطلق.
 
و تكفير «الاستعانة بالكفار او التعامل معهم والمعاملات معهم كلها محرمة وعقوبة مرتكبها القتل...;كما انهم عملوا على تكفير ائمة المسلمين الذين كاتبوا ملوك مصر بل كفروا من خالط هؤلاء من المشايخ... والعياذ بالله.
 
واعتبروا ان المكاتبة او الموالاة او المصالحة او تبادل الهدايا هي امور محرمة «شرعا»!!. معتبرين ذلك بانه تطبيقا للاية الكريمة « ان الحكم الا لله».
 
فلا عجب فهؤلاء قد انكروا على الخليفة علي بن ابي طالب قبوله بالتحكيم (في الخلاف بينه وبين معاويه ) وانكروا عليه قبول تحكيم ابو موسى الاشعري و عمرو بن العاص.. قائلين اذا كان الامام علي على حق فلماذا يقبل التنازل والتحكيم و اذا كان على خطا فعليه ان يتنازل اي ان مبدا التحكيم عندهم مرفوض « شرعا» !.
 
ذلك خلافا للاية الكريمة التي قالت» يا ايها الين امنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا–و لا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا «!!.
 
كما ان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تكفير المسلم كما في الحديث « ومن دعا رجلا بالكفر او قال عدو الله وليس كذلك الا جار عليه..
 
وقال « من حلف على ملة غير الاسلام فهو كما قال – و ليس على ابن ادم نذر فيما لا يملك و من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة و من لعن مؤمنا فهو كقتله له و من قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله « !. و قال « ايما امرئ قال لاخيه يا كافر فقد باء بها احدهما ان كان كما قال والا رجعت عليه».
 
و قال تعالى « ما كان الله ليظل قوما بعد ان هداهم «..التوبه 115.
 
وقال ابن تيمية « ان اول بدعة في الاسلام كانت تكفير بعض اهل الاسلام» ولهذا كان اهل العلم والسنه لا يكفرون من خالفهم لان الكفر حكم شرعي.. كما ان الجهل بالشيء لا يكفر صاحبه... فالله هو الرقيب الحسيب ويعرف ما في القلوب و ليس البشر.
 
وقال العلماء ان «تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من اعظم المنكرات.. وهؤلاء هم من الخوارج والروافض الذين يكغروا ائمة المسلمين باعتقاد انهم اخطاوا في الدين.. ذلك انه لا يحوز التكفير لمجرد ارتكاب الخطا.. و بهذا الغوا مفهوم الاجتهاد والتباين في التفسير و دخلوا في النوايا و فسروا ما في القلوب..
 
والاصعب انهم يعتبرون ان المسلمين يعيشوا اليوم « في الجاهلية « معتبرين ان المسلمين في المجتمعات لا تعيش في دولة اسلامية شرعية حسب مفهومهم اي ان الزمان استدار وعاد لهيئته الاولى وان الناس عادة من عبادة رب العباد الى عبادة العباد واعتبروا ان ترديد لا اله الا الله عند مسلمي اليوم بان ليس لها مدلول ولا مضمون كون المجتمعات «فاسقه» بنظرهم اي يفسقون ويكفرون كل المجتمعات الاسلامية بحجة ان لا تحكمها دول شرعية اسلامية.. و بذلك يلغوا دور الفرد وبان الاسلام جاء من اجل الانسان وان الفرد الصالح هو الاساس... اي انهم يصرون على بناء سقف المنزل قبل تثبيت اساسات البيت.
 
ذلك انهم يعتبروا الدول الاسلامية وحكامها هم في حكم الطائفه الممتنعة وبذلك يروا تكفيرهم هكذا بالجمله بل مشروعية قتالهم بينما يعتبروا نفسهم هم الوحيدون اهل الحق وانهم المخولون بتصحيح المسار و فرض الشرع حسب تفسيرهم..
 
ومعلوم في الشرع ان قتال « الطائفه الممتنعة» لا يجوز قبل دعوتها وتنبيهها الى خطئها ومحاورتها واعطائها الفرصة للعدول عن خطئها و ان اصرت ولم تعد رغم منح الفرص والتحذير فان صاحب الحق في اعادتها الى جادة الصواب او محاربتها هو من اختصاص ولي الامر وضمن الشروط وتبيان الوسائل والاسباب.. هؤلاء الخوارج يكفرون من يصلي ويعبد ويتشهد لمجرد الشبهن او انهم يفسرون ان الصلاة والصيام وبقية الفرائض لا تقبل اذا كان الشخص يرى المعصية ولا يغيرها او يدرأ السوء منها..مخالفين كل التعاليم في الكتاب والسنة والحديث الذي يقول من راى منكم منكرا فليغيره بيدة وان لم يستطيع فبقلبه.. ولم يقول من لا يغير بيده فهو كافر...و في الحديث الشريف واضح في التحذير من التكفيرين « من كفر مسلما فقد كفر «...
 
والغريب انه لا يعترفون للجنود والعساكر بالايمان والعبادات لانهم حسب زعمهم « يحرسون القانون الوضعي او الحكام الظالمون او المجتمعات الفاسقة و يحرسون البنوك الربوية.. و بهذا يحللون قتل اولئك العساكر !!!!.
 
فالخوارج العصر يكفرون النطق بالقسم الذي يقوله رؤساء الدول او الحكام او الوقوف للنشيد الوطني او استقبال او فتح سفارات الدول «الكافرة او المشركة» و عضوية الامم المتحدة بل يكفرون زيارة او تجارة مع الدول غير المسلمة اما المسلمة فيعتبرونها ظالة ومرتدة.
 
ويمنعون التراخيص التجارية للبنوك والمحلات التجارية والتي فيه منتوجات من بلاد غير اسلامية كما يحرمون المعاملات مع غير المسلمين.. ويخلطون ما بين الذنوب والمعاصي و ما بين الكفر وضرورات الاخذ بالتدرج في العقوبة..
 
ويعتبرون ان المشاركة في الانتخابات سواء التصويت او الترشيح هو من الكبائر وحتى اولئك من يقول انه يدخل البرلمان للدعوة الى الله ونشر العدالة والحق فيعتبرونه كاذبا كافرا.
 
اي انهم لا يتظرون الى المغزى والمضمون من الفعل او المؤسسة بل الى الصورة والديكور والتفصيل ويعطونه اولويه على المقصد الشرعي وهو تحقيق الخير والعداله والنظام والحق في المجتمع عبر تلك المؤسسات التشريعية والمسماه برلمانات او مجالس شورى. مناقضين قوله تعالى « يا اهل الكتب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله الا الحق».. ونهى النبي عن الغلو « اياكم والغلو فقد اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين « و عن ابي هريرة قوله صلى الله عليه وسلم « ان هذا الدين يسر و لن يشاد الدين احد الا غلبه «..
 
وعن علي رضي الله عنه « سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج في اخر الزمان قوم احداث الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية يقراون القران لا يجاوز حناجرهم يمرقون في الدين كما يمرق السهم من الرمية».
 
وفي قول للامام علي اني سمعت رسول الله يقول يخرج قوم من امتي يقراون القران ليس قراءتكم الى قراءتهم بشيء و لا صلاتكم الى صلاتهم بشيء و لا صيامكم الى صيامهم بشيء يقراون القران يحسبون انه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية «.
 
الغلو في الاعتقاد والاعمال والعبادات فتراهم يشددون على انفسهم ويكلفونها فوق طاقتها وتركوا التيسير والفرص الواردة في الشريعة.. و يرفضون المفهوم الشرعي « ان الحسنات تمحو السيئات» اذ ان مرتكب السيئة او المعصية يقيمون عليه الحد دون منح الفرص للتوبة او التراجع او اعطاء الكفارة.
 
و من غلو خوارج هذا العصر تحريم الدراسة في المدارس الحكومية ويدعون الى هجرها ويسمونها مدارس الطواغيت وهذا وارد في كتاب احد زعماء خوارج زماننا المقدسي في كتابه « اعداد القادة الفوارس بهجر فساد المدارس « واشار الى تحريم العمل في الوظائف الحكومية بل ان بعضهم دعا الى تحريم الصلاة في المساجد» الحكومية» واصفينها بانها « مساجد اضرار « ويحرمون الصلاة خلف ائمة المساجد التي تنفق عليها الدولة بحجة ان الائمة يتبعون للحكام الطواغيت لانهم يتقاضون رواتب منهم..بل ان بعضهم دعا الى ترك صلاة الجمعة حيث عللوا ذلك بسقوط الخلافة وانه لا جمعة الا بخلافة!.
 
وقيل ان عبد الله ابن الصحابي الجليل خباب بن الارث رضي الله عنه انه سئل حدثنا عن ابيك بحديث سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول هؤلاء قال ان رسول الله قال» ان فتنة تكون يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها دينه يمسي فيها مؤمنا ويصبح فيها كافرا ويصبح فيها كافرا و يمسي فيها مؤمنا «..
 
وعندهم مبدا وقول وفعل «قتل كل من كان على غير راينا حتى لو كان من او من غيرنا او حتى لو كان على ديننا»..
 
ان اخبار الخوارج الاولين ويعززة فعل الاخرين تدل على استمرار نهجهم ومسلكهم المشين الذي يدل على الغدر والادهى انهم يبنون الاعتقاد و بئس سوء الاعتقاد والغلو الظاهر في الدين.
 
ان هؤلاء الخوارج يفسرون الايات والاحاديث على غير مقصدها بل يلوون عنق النصوص والحقائق التاريخية من السيرة ويجيرونها كدعم لافعالهم المشينة.
 
وينسى هؤلاء وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ان «الدين النصيحة» التي قالها ثلاثا..
 
ان افعال الخوارج المعاصرين تدل على التوافق بينهم وبين الخوارج الاولين في استحلال الدماء والاموال وفي سبي النساء والاطفال او تسخيرهم كانتحاريين وقنابل و عبوات بشرية ناسفة..
 
ان افعال جماعة «التكفير والهجرة» في مصر عندما خطفوا وقتلوا وزير الاوقاف انذاك حسين الذهبي وهو العالم الجليل بسبب انه وافق ان يشترك في حكومة « الشرك « عام 1977.
 
وهناك دعوة للمدعو» ابو قتاده الفلسطيني « والذي «يفتي» بقتل النساء والاطفال درءا لاحتمال هتك اعراضهن.
 
ويشير المقدسي المتناقض الاقوال والافعال في احد كتبه والذي يعنونه بالتحذير من الغلو لكنه يقول في ذات الوقت « الحاكم الكافر»–وهم حكام المسلمين الذين لا يطبقون الشريعة برايه – هؤلاء لا تجوز بيعتهم و لا تحل نصرتهم ولا يحل القتال تحت رايتهم ولا التحاكم اليهم او الصلاة خلفهم وخلف اتباعهم كما لا تحل ولايتهم على اي مواطن مسلم بل يجب منازعة ذلك الحاكم وخلعه وتنصيب الحاكم المسلم العامل بالشرع مكانه – هكذا في دعوة للانقلاب لكن دون وضوح في الرؤية او تقديم او تعريف من هو حسب شروطهم الحاكم المسلم ؟ او بتعبير اخر انهم يضعون انفسهم البديل الوحيد وانهم الوحيدون المسلمين العاملين بالشرع.
 
وبهذا لا يكفر الحكام المسلمين جميعا بل يكفر المجتمعات الاسلامية لانها بنظرهم « تتبع « لذلك الحاكم «الضال «. وهو بهذه الدعوة يدعون الى الفوضى وسفك الدماء والتخريب والنزاع بين المسلمين.. وبهذا لا يراعي المقولة الشرعية في « التفضيل في درجات الخطا والفساد ايهما اشد وايهما اخف او دماء واعراض ومصالح المسلمين وبالطبع لا ياخذون بالاعتبار فقه الضروره عندما يتحدثون عن العالم الخارجي المحيط او الانظمة السياسية او تبيان حجم الضرر وحجم المنفعة في مثل تلك الشعارات البراقة بالظاهر والتدميرية في المضمون الفعلي.
 
بل ان «مفكريهم يبررون قتل رجال الجيش والامن بالدرجة الاولى بحجة انهم من ادوات السلطان الجائر و في هذا ظلم وخيانة فمن اعطاهم الحق او الدليل الشرعي على هذا و بل من كلفهم شرعا بذلك.. انهم يعتبرون انفسهم النخبة ويفصلون ويفسرون كما لو انهم المسلون الوحيدون والمعصومون وبقية المسلمين ليسوا كذلك او عليهم فقط السمع والطاعة.
 
بل ان بعض ادبياتهم ومنها الرسالة الثلاثية للمقدسي والتي يشير فيها الى اولوية قتل رجال الجيش والامن في البلدان الاسلامية بل تعدى ذلك الى تفسير اغتيال الصحابة والائمة الاوائل مثل عمر وعثمان وعلي بانه كان فعل مسلمين ضد حكام مالوا عن طريق الصواب او تجبروا... هكذا جزافا.. بحجة ان عمر كان صلبا وان عثمان قد ولى احد اقاربة وان الامام علي قبل الصلح والاحتكام مع معاوية على احقيته في الخلافة وانه تساهل او قبل – باغتيال الخليفة الثالث.. بالنسبة لهؤلاء الخوارج سفك دماء المسلمين او الفتنة بينهم اقل خطرا من مبدا التشدد في الاجتهاد في « مزايدة « فجة على اصحاب رسول الله عليهم رضوان الله.
 
ان خوارج العصر يطالبون بالخروج على ولاة الامر حسب تقييمهم لمن هو ولي الامر وكيفية واولوية الخروج عليه دون التدرج في مناصحته او اخذ وتبيان حجم الشر والضرر من ذلك على المجتمع الاسلامي و ما اذا كان في ذلك خطر اشد وفتك اعم وهلاك اشمل.
 
ذلك لان الفساد في قتال ولي الامر هو اشد واخطر من السكوت على ظلمه..
 
ان فكر الخوارج وسلوكهم الشاذ في المزايدة وتفسير مفاهيم العدالة والمساواة والشرع وصلت عند الخوارج السابقين حدا ان احدهم وهو «ذو الخويصرة التميمي قد تجرا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يوزع الغنائم على طريقته فيعطي للمحتاج اكثر او للاسر الكبيرة اكثر من غيرها وهكذا بحكمة وعمق في مفهوم العدالة بينما كان التميمي يرى ضرورة توزيع الغنائم بالمساواة بين الجميع دون تمييز بين الناس حسب الحاجة او الضرورة حيث تجرا ذو الخويصرة على الرسول قائلا « اعدل فانك لم تعدل « حتى ان رسول الله رد عليه « ويحك و من يعدل ان لم اعدل «...
 
ان الخوارج يعتبرون ارتكاب الذنوب والسيئات مساو للكفر ويدعون معه استحلال لدماء المسلمين بل انهم يعتبرون ان دار المسلمين هي بالضرورة « دار حرب» ويعتبرون ان لا حوار او كلام مع الكفار « وهذا الاصطلاح لديهم واسع فيضم غير المسلمين والمشركين وبل « المنافقين « من المسلمين و كلهم منافقون او موالون للحكام « بشكل مطاطي يفسرونها بشكل انتقائي حسب ما يريدون دون ضوابط او حجج شرعية. بل انهم يعتبرون ان» المسلمين وغير المسلمين «هم في صراع ابدي وحرب مستمرة ويسيرون في خط متواز لا يلتقيان حتى يبيد احدهم الاخر وبالطبع يتوقعوا ابادة الطرف الاخر الحتمية..هكذا دون اعتبار لعوامل القوة والضعف وللتدرج في الدعوة والدعوة هي احسن وان الله جل وعلا هو الذي يحاسب الناس كلهم على افعالهم وان هؤلاء الخوارج الذين ينصبون انفسهم اوصياء لله وكاتبي صكوك غفرانه ليسوا الا اصحاب فتنة وخطر على المسلمين قبل غيرهم.
 
ان خطر هؤلاء الخوارج المعاصرين شديد فعليهم ينطبق الحديث الشريف « الفتنة اشد من القتل « انهم اصحاب الفتنه فهم يفتنون الكثير من الشباب بشعاراتهم وكلامهم المعسول في الظاهر والخطير المدمر في المضمون. و قد قال عنهم ابن حزم في كتابه « الفصل في الملل والاهواء والنحل» يقول « اعلموا ان جميع فرق الظلالة لم يجر الله على ايديهم خيرا و لا فتح بهم من بلاد الكفر قرية ولا رفع للاسلام راية «.
 
و لنا في قول رسول الله وسنته القدوة الحسنة فهو من قال في حجة الوداع مخاطبا المسلمين « الا اخبركم بالمؤمن ؟ من امنه الناس على اموالهم وانفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب « رواه مسلم.