Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Oct-2018

تعالوا نلملم أطراف البيت - جهاد المومني

الراي -  لم نختلف فيما مضى ولن نختلف اليوم على أن الاردن هو بيتنا الذي ليس لنا سواه في هذا الكون مهما اتسع وفتحت لنا الابواب كي نرحل عنه، فكل ما دونه مجرد اماكن اقامة سرعان ما نسلم مفاتيحها لاصحابها ونرحل عنها لنعود الى بيتنا نتوسد اوجاعنا ونلتحف آمالنا ونغفو آمنين على انفسنا من ذل الترحيل والتهجير واللجوء المهين في بحار الدنيا، هذا الوطن نحبه اغنياء وفقراء، جوعى ومتخمين، مُنصَفين ومظلومين، وحين نغضب لا نغضب منه بل نغضب له، هذا الوطن حتى لو كنست رياح الصحراء الى ارضه الاغبرة محملة بنكبات العرب ومحنهم يبقى اردنيا جميل الوجه كبير القلب نقي الضمير، لا يوصد الباب بوجه مستغيث ولا ينفي معارضا لنظامه وحكومته ومن يدعي بغير ذلك أفاق منافق .

تغيرت بعض الثوابت في بلدنا هذا صحيح، وتراجعت الخطوط الحمراء بمقدار غضب الناس من سوء الحال هذا صحيح ايضا، ولكن متى كانت خطوطنا الحمراء نارا ارهبت من يقترب منها،  ألم يقفز بعضنا فوقها ولم يطلق عليهم الرصاص، وكم مغامر تجاوزها ولم تعلق لهم المشانق ولم تقطع السنتهم، بل تضاعفت حظوظهم وتحسنت فرصهم وليس لأردني ان يدعي البطولة في تحمل البطش والتعذيب في المخابرات من اجل مبدأ او موقف او رأي سياسي فما من بطش وما من تعذيب ولم يكن يوما من ممارسات الدولة الاردنية، ومن يدعي البطولة في مواجهة مع النظام الاردني يفتري ويوهم الناس بمعارك لم تقع وقصص من مخيلة راويها ولا اساس لها في الواقع.
عاتبون نعم، غاضبون لا، حتى لو عبست وجوهنا وثقلت اصابعنا على حروف الكلمات الجارحة وصرنا ننتقي اوجعها، وبلغ العتب حد الشتيمة والاتهام والتجريح والتخوين، هذا عتب الأردني وليس غضبه وكل ما يقال يلامس مشاعره الطيبة المرهفة تجاه بلده ونظامه السياسي ممثلا بالقائد الزعيم جلالة الملك، وكيف لأردني الا يتذكر فضل هذا البلد وتسامح نظامه، وهل من شيم الأردنيين الانكار حتى ننسى أن العرب كل العرب حسدونا أردنيتنا ويحسدوننا اليوم عيشنا ونظامنا حتى ونحن نمر بأسوأ ظروفنا.!
حالنا في هذا الزمان صعب لا تسر صديق، لكننا نفخر بمعظم الاسباب التي ادت الى عوزنا وانقلاب اوضاعنا رأسا على عقب، ولا نستثني منها غير الفساد والمحسوبيات التي انتهت الى قرارات خاطئة ومكلفة على جيب المواطن وعلى الخزينة، والدسائس التي اوقعت بعض الخراب وانتقصت من كرامة الاردني، اما الاسباب السياسية فمدعاة فخر لنا جميعا، فلا وقعَنا سرا على صفقة، ولا تنازلنا عن حق لنا بل ازددنا تمسكا بكامل حقوقنا وبالقدس وبحقوق اللاجئين فاحبطنا مخطط الولايات المتحدة التي تريدنا الى نبادر الى التنازل كي يتبعنا الآخرون وننهي قضية الشعب الفلسطيني بأقل كلفة على اسرائيل وعلى المجتمع الدولي الذي ابهرناه بتصميمنا على رفض النماذج الكرتونية من الحلول، رفضنا الفدرالية والكونفدرالية وسخرنا من مؤامرة ادارة ترمب رغم ان الولايات المتحدة تقدم لنا من العون والمساعدات ما لا يقدمه أحد، ومع ذلك غامرنا بالمساعدات وقلنا لا مدوية للمشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية وابعدنا شرور حلها على حسابنا.
قضيتنا مع الحكومات معروفة وواضحة، ففي كل مشاكلنا هي حاضرة وكان على برلماننا الذي انتخبناه ان يحاسبها او ان يوقفها عند خطوطنا الحمراء وذلك اضعف الايمان، لم يحدث ذلك واصبحت مصالح الاشخاص تتحقق من رصيد الوطن وعلى حساب مصالحه الكبرى، فجعلنا من نوابنا وسطاء لقضاء الحاجات واقصيناهم عن همومنا الكبيرة فاستغلت الحكومات حاجتنا وشغفهم بالشعبية وسيطرة على ارادتهم وبالمحصلة خسرنا اكبر حليف لنا في الرقابة ومنع الفساد الا وهو البرلمان.
هناك من يتهم قانون الانتخاب في ضعف البرلمان وعدم تأديته لدوره كاملا، غير صحيح بطبيعة الحال، فمتى كانت البرلمانات تستمد قوتها من قوانين الانتخاب في اي بلد في العالم، والذين جاءوا نوابا هم من هذا الشعب وقد انتخبهم نفس الشعب ولكنهم سرعان ما أدركوا ان الشعب الذي يمثلونه ليس حليفهم ولا هو مصدر قوتهم امام عقوبة دستورية هي الحل، فمنذ اليوم الاول كشف ظهورهم للحكومة واصبح حل البرلمان قرارا شعبيا يحقق للحكومات بعض الشعبية ويقربها من الناس.!
قال الملك قبل عدة سنوات ان بقاء الحكومات مرهون برضى البرلمان وان بقاء البرلمان مرهون برضى الشعب، ليست احجية يصعب فهمها، لكنها لم تفهم في سياقها الصحيح ولو فهمت لتغير الحال كثيرا، فالقاعدة دستورية بامتياز، فالحكومة لا تكون شرعية بدون ثقة نواب الشعب الذين ينتخبهم، فلماذا تجاهل الشعب حقه في انتخاب من يمثلونه ويسقطون الحكومات نيابة عنه فتخلى عنهم ودفعهم الى التحالف مع الحكومات بدلا من التحالف معه.!
من مصلحة اي سلطة في العالم، في الديكتاتوريات وفي الديمقراطيات،افساد البرلمانات والاعلام، ومع ذلك نجدد نحن الشعب الاردني في كل يوم سخطنا على الحكومة وعلى البرلمان وعلى الاعلام، وبالنتيجة اصبحت المعادلة على النحو التالي،الاعلام والحكومة والبرلمان في جهة، والشعب في الجهة المقابلة، اما محاور معركتنا ضد هذا الثلاثي القوي فنريدها عبر الوسيط العادل جلالة الملك المرجع الذي لديه الحلول، فاليه نشكو الحكومة ونريده ان يقيلها، واليه نشكو البرلمان ونريده ان يحله ويخلصنا منه، واليه نشكو الاعلام ونريده ان يسكته ويغلق منابره الرسمية ويبقي على خزعبلات المدونين ومروجي الاشاعات ونشطاء الهواتف الخلوية، فهل هذا هو طريقنا الذي سنسلكه نحو المستقبل ونحن أكثر من يطالب بالملكية الدستورية قبل ان نحقق لانفسنا حلم الحكومات البرلمانية؟
أكثر اشكال الفساد انتشارا في الاردن نوع تراثي اسمه المحسوبية والمحزن ان الاردني الذي يطالب بالعدالة وتكافؤ الفرص هو من يمارسه في كل خطوة من حياته حتى في استصدار شهادة ميلاده،او على الاقل هو من يشجع عليه بجعله اولا على اجندة حياته المهنية قبل تعليمه الاكاديمي وكفاءته وجهوده وخبراته، المذنب في هذه الظاهرة العجيبة مجهول الهوية، فالمواطن يطلب من النائب او من المسؤول مباشرة او عبر (وسيط ) وبالنتيجة يؤخذ الحق من صاحبه ليعطى لشخص آخر ربما لا يستحقه او لم يحن دوره ليأخذه، ومن عواقب هذه السلسلة من الفساد ان النائب يرهن ارادته للسلطة التنفيذية، ومتى حدث ذلك يتنازل عن واجبه في الرقابة ويغمض عينيه عن قضايا الفساد الكبير لأنه يستجيب لطلبات المواطن ويمارس الفساد الصغير ارضاءً له.
لست هنا لأحمل المواطن مسؤولية تردي الاوضاع والفساد والفقر، وانما هي محاولة للبحث عن الحلول التي سبقنا اليها العالم الديمقراطي، وما من حل لمشالكنا سواها مستهلها ممارسة الديمقراطية بقدر ما تحقق لنا قبل المطالبة بالمزيد، واسناد من انتخبنا وتشجيعهم على مواجهة الفساد الكبير بتحصينهم ضد استغلال الحكومات وابتزازها لهم والمحافظة على تحالف قوي مع الاعلام لأنه ملاذنا الوحيد اذا فرطنا بمجلس النواب واعتبرنا وجوده عالة علينا.
تعالوا نلملم اطراف البيت ونبادر الى عقد اجتماعي جديد يقوم على مواطنة خالية من التخوين والاتهامية كخطوة اولى قبل الشروع بممارسة المواطنة الفاعلة واساسها القناعة المطلقة باننا مصدر السلطات بموجب الدستور، لكننا من يتنازل عن هذه القوة الدستورية بتقاعصنا عن تأدية دورنا وممارسة حقوقنا كمواطنين، ومع ذلك نأخذ على رؤساء الحكومات عندنا تنازلهم عن ولايتهم العامة وصلاحياتهم، نحن مصدر القوة ومصدر الضعف وكل ما نفعله اليوم يكرس حالة الضعف ويدفع الى الخوف من المستقبل .
تعالوا نتخلى عن عدميتنا الخانقة ونحرر انفسنا من عقدة التشاؤم وسجنها المظلم الذي وضعنا انفسنا فيه وقبعنا امام هواتفنا وحواسيبنا نلطم شرور الفساد والفاسدين الكترونيا فأشبعانهم ذما ورجما بالسخرية من عجزنا وأكتفينا بكيل اللعنات لهم بينما هم يستمتعون في مصايف العالم بما نهبوا.
تعالوا نحرك المياه الركدة في عقولنا ونبحث عن طريق آخر نسلكه لانقاذ انفسنا من الغربة وفقدان الأمل، خطوتنا الاولى تجديد الثقة بالثوابت العظمى، بالوطن اولا وبالملك عبد االله وبابناء وبنات الاردن الاوفياء المخلصين، نكف عن الانكار وعن التخوين، فكم ظلمنا من المخلصين الاوفياء ممن تمسكوا باردنيتهم حتى لحظة اقالتهم وقاوموا الفساد وهجمات التجنيس الدولية ودافعوا عن لقمة الخبز وعن مقدرات الوطن، تركناهم لمصائرهم التي اختارها لهم الفاسدون ووقفنا الى جانب من اقصوهم، ارادونا ان نحتقرهم كي ياتوا ببدائلهم وقد فعلنا، وارادونا ان نطعن بالاجهزة الامنية كي يسهل عليهم تفكيكها وجعلها الحلقة الاضعف، وارادونا ان  نشتم تلفزيوننا الوطني واذاعتنا الوطنية وجريدتنا كي يأتوا بتلفزيونهم واذاعاتهم وجريدتهم واعوانهم، وارادونا ان نغتال كل اردني وطني باتهامه بالفساد كي يتسنى لهم اقصاء شرفاء الاردن واستبدالهم بفاسدين محصنين.
طريقنا للنجاة يكون بالاعتراف أننا من سلم مفاتيح البلد، وبالايمان أننا ما زلنا قادرين على استردادها، لنقطع الطريق على من يتهم الاردنيين باحتقار القوانين وكراهية النواب ورفض الاحزاب، لنحترم القوانين اذن نكاية بمن يريدنا ان نتطاول عليها كي يبقينا متهمين بالهمجية ولا نستحق الديمقراطية والحريات، وليس لنا غير الاحزاب وسيلتنا الوحيدة الى الحكومات البرلمانية وهم لا يريدوننا ان نصل اليها ولذلك يفعلون كل شيء حتى يبقى الاردن بلا احزاب ويبقى الاردني عدوا للحزبية لانها وصفة اقصائهم وخلاص البلد من فسادهم .
اقطعوا الطريق على طابور الطفيليين المنتفعين من لحم ودم هذا الوطن، تحابوا واتفقوا على انكم شعب واحد مهما أختلفت أطوال جذوركم في ارض الأردن، فما من فرق بين اردني واردني الا بمقدار حبه وولائه، كل ما في الأمر ان احدهم وصل الى هذه الارض قبل الآخر، اقطعوا الطريق على الاوغاد المندسين في بيوتكم ومراكز عملكم وفي احلامكم يفسدون مستقبل اطفالكم، يكرهونكم، ولطالما كرهوكم وسيورثون كراهيتكم لذريتهم الفاسدة، التفوا حول اردنيتكم واحموها بالارواح لو فرضت الكريهة عليكم واعلموا ان وجودكم في وطنكم اصبح عبئهم الاكبر وهمهم الاول الذي يناقشونه في صالوناتهم الباذخة، فاحذروا لقد بدأت مرحلة الاستعباد .
jehadmom@yahoo.com