Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Mar-2018

آخرها الإعتداء على المياه - د. محمود عبابنة

الراي -  الخبر الصادم الذي أوردته الصحف يوم الجمعة الماضي، ومفاده حصول 1200 حالة إعتداء على المياه، وضبط 1000 بئر مخالف، و136 ألف سرقة مياه من الخطوط الرئيسية، وضبط 61 حفارة مخالفة خلال الخمسة سنوات الماضية، يشير إلى أننا ما نخرج من ظاهرة مروعة حتى ندخل أخرى أكثر إيلاماً، فبعد موجة السطو المسلح (18 (حالة في شهر واحد، كشفت لنا الأخبار عن التعامل مع 117 متهما بفرض الأتاوة أو الخاوة على التجار والمستثمرين، ظواهر متزامنة وصادمة ومروعة في دولة ترفع شعار الأمن والأمان، وسيادة القانون، وتحظى بقيادة حكيمة وحكومة تنال الثقة، وجهاز أمني متطور وذي كفاءة تدعو للتساؤل... أين الخلل، وماهي الأسباب لهذه الظواهر الهجينة على مجتمعنا؟!.

محامي الشيطان.. يقول ما تنادي به القيادة الحكيمة بأوراقها النقاشية، ذات التوجهات العامة المؤسسة على الحاكمية والشفافية لا يتم الأخذ بها والخطى نحو الوصول إلى دولة مدنية تشريعاً وواقعاً ليست حثيثة، والثقة النيابية للوزارة، أعقبها خروج نصف أعضاء الوزارة من الخدمة، فإذا نالوا الثقة فلماذا تم إقالتهم، وإذا دخل تسعة آخرون من أصحاب الكفاءات فمن سيعطيهم الثقة، أم أن الثقة تستمد من الرئيس وتنتقل بحكم الشفعة لزملائه الجدد.
أما الجهود الأمنية، فلا تثريب على دورها، ولا يمكن أن نزرع شرطي مرور في كل شارع، أو وضع دورية شرطة في كل حارة، أو نشر لجان التفتيش في كل مزرعة، ومراقبة كل حفارة بالقمر الصناعي، وشكراً لجهود وزارة المياه على جهودها المثمرة التي أسفرت عن ضبط هذه الحصيلة من الإعتداءات على شريان حياتنا ومياهنا القليلة أصلاً.
الموضوع لا يكمن في الحكومات وأشخاص وزرائها، أو رئيسها الحالي الذي قدم بعفوية مرافعة قوية على شاشة التلفزيون، وهو يجتهد ويحاول ولكل مجتهد نصيب، الموضوع أن حالة الإحباط والفقر وفقدان الثقة بمؤسسات الدولة، وسياسة الجباية التي لم تبدأ بزمن هذه الحكومة، بل إن منهج إطالة اليد على جيب المواطن، وحالة التنمر الاجتماعي، وسرقة موارد الدولة من مياه وكهرباء، بدأت منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن.
المسألة ليست بأشخاص رؤساء الحكومات الذين يأتون ويذهبون ويتفاوتون في نسب فشل ونجاح نسبية ضئيلة، لا تغير من واقع مؤلم يتفاقم ويكبر ككرة الثلج، من أوجه بشاعته على سبيل المثال وليس الحصر: إنهيار منظومة التعليم والتربية، وسوء توزيع الخدمات والمكتسبات خارج العاصمة، ومنح الرخص المخالفة وفي القطاعات المغلقة كمظهر من مظاهر المحسوبية والواسطة، وتنفيع فلان وتعيين فلان، وعزز ذلك ترهل ومناكفة القطاع العام للمواطن والمراجع والمستثمر، كل ذلك أدى بالمواطن الغلبان لفقدان الثقة بمؤسسات الدولة ومعاداتها، والإعتداء على مقدراتها، والتنمر على هيبتها.