Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jun-2017

25 أيلول الكردي.. «أُحجية» التوقيت و«مأزق» الخيارات! - محمد خروب

 

الراي - إعلان الاربعاء الماضي الذي صدر عن اجتماع قيادي كردي «شبه» اجماعي، بتحديد الخامس والعشرين من ايلول القريب,موعداً لإجراء استفتاء في اقليم كردستان، لم يكن مفاجئاً في مضمونه،بقدر ما كان غير مُتوقَّع،وبخاصة في الظروف العراقية والإقليمية المتسارِعة والغامِضة والمفتوحة على مفاجآت,سواء في ما خص الخرائط الجديدة التي ستُسفر عنها المعارك الدائرة في الموصل والرقة,وخصوصاً في منطقة البادية السورية ومثلث الحدود العراقية السورية الاردنية،أم في ما يتعلق بخريطة التحالفات و»مستقبل» الجماعات الإرهابية في سورية والعراق،بعد الأزمة الخليجية المُتدحرِجة والتي عكست في اسبوعها الاول،انقلاباً واضحاً في هذه الخريطة على نحو يصعب إنكار ان ساحات المواجهة في بلاد الرافدين والشام ستتأثر كثيراً بها،إذا ما وصلت الخلافات (حتى لا نقول الحرائق) في البيت الخليجي الى «ذروتها»،وتم إغلاق ابواب الوساطات,وتمترس المختلفون «ومَن حالفَهم» في الخنادق والمتاريس المتقابِلة.
 
هنا يبدو الاعلان الكردي باعِثاً على مزيد من الاسئلة,اكثر مما هو مُؤهل لتوفير الإجابات,وإن كانت تفاصيل الاجتماع الذي ترأسه رئيس الإقليم مسعود برزاني,قد أشّرت إلى صفقة سياسية،وافقت خلالها الاحزاب المُعارِضة لهيمنة الحزب الديمقراطي الذي يرأسه برزاني,على إجراء الاستفتاء «شريطة ان يكون غير ملزِم ومثابة استطلاع آراء مواطني الإقليم لا اكثر» مقابِل موافقة برزاني على إجراء انتخابات برلمانية واخرى رئاسية بعد شهرين من الاستفتاء,اي تشرين الثاني من هذا العام.
 
الخلافات الكردية رغم «تبريدها» قد تكون عامل كبح لاحتواء تداعيات الاستفتاء – إن جرى في موعده المُقترَح – لكن ما لا يستطيع المرء استيعابه او استكناه الاسباب الحقيقية التي تقف خلف هذه الخطوة غير المتوقعة،هو ما الذي دفع السيد برزاني المعروف بحساباته الدقيقة, منح موضوع الإستفتاء اولوية في هذا التوقيت،رغم انه صحيح ايضاً ان مسألة الإستفتاء كانت سلاحاً «إحتياطياً» طالما لوّح به برزاني في وجه بغداد عند اندلاع اي أزمة،إن كانت تتعلق بالمادة «140» من الدستور التي طال انتظار الكرد لتطبيقها منذ العام 2007 حتى الان، أم في شأن عوائد البترول وحصة الإقليم من الموازنة العامة للدولة المركزية,وخصوصاً بعد سيطرة البشمركة الكردية على كركوك وسنجار,يوم العاشر من العام 2014 إثر اجتياح داعش للموصل.
 
لكنه –برزاني – لم يتّخِذ خطوة «عملية» كهذه، إلاّ يوم الاربعاء الماضي، الأمر الذي اثار ردود فعل عديدة في عواصم غربية واقليمية وبخاصة تركيا, دون ان نسمع اي رد فعل «عربي» أياً كان,و لا من اي عاصمة عربية, وكأن الأمر لا يعنيهم، حتى ان «ردّ» حكومة حيدر العِبادي في بغداد كان «حيِّياً»,وإن كان المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي قال: ان بغداد تُعارِض اي مسعى من جانب السلطات الكردية لإعلان الاستقلال.
 
الكرد من جانبهم قالوا وعلى لسان شخصية ذات ثقل في المشهد الكردي وهو هوشيار زيباري وزير المالية السابق في حكومة العِبادي ووزير الخارجية الاسبق:ان التصويت على الاستقلال,لا يعني الانفصال التلقائي او قيام الاكراد بضم منطقة كركوك او ثلاث مناطق مُتنازَع عليها في اراضي يُسيطر عليها الكرد,وإن حرِص على التأكيد ان لا تراجع عن «الاستفتاء»!
 
هنا والآن... يقع المرء في حيرة, وبخاصة في ظل الإلتباس والغموض المقصودَين اللذين يحاول مسؤولو اقليم كردستان الإيحاء بهما في مواقفهم ازاء هذا المُستجِد بالغ الأثر في خرائط المنطقة ومستقبل دولها,الذي اشغل الضوء الاحمر في اكثر من عاصمة (غير عربية بالطبع فالعرب»وجامعة ابو الغيط» مشغولون بقضايا اهمّ وأخطر, كما لا شك تعلمون) وبخاصة تركيا,التي كانت حاسمة بل «جارحة» في رفضها ومعارضتها لخطوة كهذه,كأن تصف خارجيتها الإعلان بانه «خطأ فادح» فيما يقول عنه رئيس الوزراء يلدرم بانه قرار»غير مسؤول» وأن المنطقة لديها ما يكفي من المشكلات,وان انقرة تريد وحدة الاراضي العراقية وان يعيش الشعب العراقي معاً تحت سقف دولة واحدة.. عدا عن موقف المانيا التي بدأت تلعب دوراً نشِطاً متصاعد الأهمية في المنطقة،وبخاصة بعد «البرودة»التي بدأت تفرض نفسها على علاقات برلين بواشنطن,وتصريح المستشارة ميركل: بأن الوقت قد حان لِأن تعتمد اوروبا على نفسها, وان تقرِّر مصيرها بيدها.
 
أما واشنطن فهي كالعادة, تلعب على كل الملاعب والساحات تقول الشيء ونقيضه, وتراهِن على الخلافات والتناقضات, ولا يعنيها سوى مصالحها وإراحة اسرائيل, لهذا فهي تقول: «اننا نقدِّر التطلعات المشروعة لمواطنيي كردستان العراق, إلاّ اننا ندعم عراقاً موحداً,يقوم على النظام الاتحادي وينعم بالاستقرار والديمقراطية، في الوقت ذاته الذي زعمت فيه انها عبّرَت للسلطات الكردية عن «مخاوفها» في شأن الاستفتاء.
 
هو إذن.. «لا موقف»، وهي - واشنطن - تمسِك بخيوط كثيرة في العراق وفي اقليم كردستان,حيث قواتها في الموصل التي لم تُحرَّر بعد, ولها وبريطانيا «ثلاث» قواعد عسكرية في كردستان, فضلاً عن مطار عسكري يُستخدَم لعمليات التحالف الدولي الذي تقوده اميركا ضد الارهاب (كما تزعُم).. الأمر الذي يجعل من موقفها حجر أساس في مستقبل اقليم كردستان والعراق «والمنطقة»,متى ارادت استخدام هذا النفوذ وتلك «الأوراق»؟
 
الى اين من هنا؟
 
أزيد من مائة يوم تفصلنا عن 25 ايلول,ووقائع يوميات المنطقة وميادين القتال فيها,تشي بأن المفاجآت والانقلابات غير المتوقعة قادمة لا محالة,واحتمالات إجراء الاستفتاء – في ما نحسب – تبدو غير مؤكّدة،في حال حدوث أي تطور دراماتيكي على الساحتين العراقية والسورية.
 
هل اصاب كرد العراق ام اخطأوا, بِتسرّعهم تحديد موعد الإستفتاء؟
 
.. الأيام ستقول.
 
kharroub@jpf.com.jo