Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Feb-2020

هذا ما فعلته (122) كلمة..!*حسين الرواشدة

 الدستور

هل ستفشل صفقة القرن..؟
 الإجابة هنا تستند الى مجالين، الأول: مجال الرغبات والامنيات،  وفيها تزدحم المشاعر الصادقة التي تراود الشعوب العربية والإسلامية، بكل ما تعبر عنه من رفض واستهانة بما يفعله ترامب، وما يحلم به نيتنياهو، ويمكن ان نختزل هذه الردود في عنوان «سلة القمامة» التي ألقى بها رئيس برلمان دولة الكويت الشقيقة أوراق صفقة القرن.
 اما السياق الثاني فهو القدرات والافعال بما يحمله الواقع والحاضر، ناهيك عن التاريخ، من وقائع ودروس، وما يقدمه من تجارب، وبما يسعفنا به من فهم لقوانين الكون وسننه، وموازين القوى وصراع المصالح، ونتائج المنازلات البشرية التي تفرزها القوة بموازينها المختلفة.
ساترك اختيار الإجابة للقارئ الكريم لكنني، استأذنه بتسجيل ثلاث ملاحظات، وارجو ان يدرجها في بند طلب «مساعدة صديق» فقط. الأولى من التاريخ البعيد حيث 2 نوفمبر، 1917 آنذاك بعث آرثر جيمس رسالة قصيرة لا تزيد كلماتها عن 122 كلمة موجهة الى شخص يدعى اللورد روتشيلد، وقد كتبت على ورقة بدون ترويسة، وحملت توقيعه دون ان تذكر اللقب الوزاري. الرسالة هذه كان اسمها «وعد بلفور» وقد قوبل الوعد آنذاك  برفض من احد وزراء الحكومة البريطانية، وهو اليهودي الوحيد في الحكومة (اسمه مونتاجو)، حيث اعتبر هذا الوعد مجرد انشاء «جيتو»، ومعاد «للسامية» أيضا.
الملاحظة الثانية من التاريخ القريب، رواها رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري قبل أيام، حيث قال انه زار المغرب في نهاية اذار 1991 والتقى الملك الحسن الثاني فطلب منه ان ينقل رسالة الى الملك الحسين،  محتواها «ان الدنيا تغيرت وان قطار التسوية سوف يسير في كل الأحوال،  فإما ان نصعد القطار في هذه المحطة او يسير القطار بدوننا، وسنبقى على الرصيف وحدنا، فما كان من المصري الا ان ابلغ الحسين رحمه الله.. ثم حدث ما حدث.
الملاحظة الثالثة يمتزج فيها التاريخ بالواقع، فمنذ يناير 2017 تاريخ وصول ترامب الى البيت الأبيض، مرورا بـ28 يناير 2020 تاريخ اشهار ترامب لصفقة القرن، وحتى هذا اليوم، تغيرت الدنيا من حولنا فعلا:  كتاب «الصفقة» الذي صدر لترامب قبل الرئاسة يختزل كيف تفكر أمريكا، والبعد الديني الذي يحرك السياسة الامريكية كشف المستور، كما كشفه ابان غزو أمريكا للعراق.
 نحن في العالم العربي بعد الربيع العربي 2010 تغيرنا، يكفي ان تنظر لحالة الحواضر العربية، او التحالفات العربية مع إسرائيل، او لدخول ايران على الخط، او للإرهاب الذي اصبح الفاعل الأساسي في بلداننا، او للقضية الفلسطينية التي تراجعت على اجندة العديد من عواصمنا، او حتى لأوروبا التي اعتمدنا عليها لكسب التعاطف حين كانت موحدة، او لروسيا أيام الاتحاد السوفيتي وكيف انتهت اليوم في حلبة الصراع على المصالح، وللأسف في بلداننا وعلى حسابنا.
 ستكتشف «ان العين بصيرة واليد قصيرة» وان الـ122 كلمة (وعد بلفور) التي فعلت بيننا افاعيلها على مدى 100 سنة،  تناسلت وتمددت على نحو 80 صفحة، وستتدحرج مفاعيلها على مئة سنة قادمة، هذا اذا لم نتغير نحن، ولم نرد على القدر الذي يواجهنا بقدر نصنعه بأنفسنا، لا بمعجزة ننتظرها من الغيب في زمن انتهت فيه المعجزات.