Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Mar-2018

نصف مبيعات الأسلحة الأمريكية كان لدول بالشرق الأوسط تقرير: هل تحتاج دول الشرق الأوسط لشراء كل هذا السلاح؟

 

برلين- تقرير جديد أصدره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري" بشأن مبيعات السلاح في العالم خلال السنوات الخمس الماضية بين عامي 2013-2017.
 
أكد التقرير تعاظم صفقات بيع السلاح لدول الشرق الأوسط، وشهدت الفترة محل الدراسة زيادة بأكثر من الضعف في استيراد السلاح في المنطقة التي تمزقها النزاعات، وهي الزيادة التي جاءت بنسبة 103 بالمائة مقارنة بالأعوام الخمسة السابقة على الفترة محل الدراسة.
 
وفي مقابلة لــ DW عربية مع بيتر ويزمان كبير الباحثين في برنامج الأسلحة والإنفاق العسكري في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري" قال إن هناك وتيرة متسارعة لشراء الأسلحة في الشرق الأوسط تتزامن مع تصاعد معدلات تصدير الأسلحة على مستوى العالم خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية، وأضاف بأن هناك دول بعينها ضاعفت واردتها من الأسلحة والأهم أن دول جديدة دخلت مجال  المنافسة في شراء السلاح، "فقد كان لدينا السعودية والإمارات واليوم لدينا مصر كواحدة من أهم مستوردي الأسلحة في الشرق الأوسط وقطر التي لم تكن على خارطة شراء الأسلحة بهذا القدر من قبل والتي تستثمر بكثافة في شراء الأسلحة المتطورة".
 
وقال ويزمان إن هذا الأمر أحد عوامل القلق لأن عدداً متزايداً من دول المنطقة أصبح يستورد المزيد والمزيد من الأسلحة ليس فقط للاحتفاظ بها وإنما أيضاً لاستخدامها، وأن أغلب هذه الدول فيما - عدا سلطنة عمان - تخوض نزاعات مسلحة إما داخل حدودها أو مع دول  أخرى في محيطها وحقيقة أن الدول تستثمر في شراء أسلحة جديدة يعكس ازمة أن هذه الدول اختارت السلاح للتعامل مع ما تعتبره مشكلات أمنية.
 
تقرير سيبري أشار إلى أن نحو نصف المبيعات الأمريكية كان لدول بالشرق الأوسط، في حين شكلت آسيا ثلث المبيعات. وكانت المملكة العربية السعودية السوق الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة، حيث استحوذت على 18 بالمائة من المبيعات الأمريكية، فيما احتلت السعودية المركز الثاني عالمياً والأول عربياً في شراء السلاح بعد الهند وقد رفعت نسبة وارداتها إلى ثلاثة أضعاف كما أن مصر تعد أكبر مستورد للأسلحة الفرنسية على مستوى العالم.
 
وفي هذا السياق وحول سبب استثمار هذه الدول في شراء الأسلحة وما قد يراه البعض تراجعاً لاهتمامها بالتصدي لما تعتبره تهديداً لأمنها القومي بدلاً من استثمار هذه الأموال في شعوبها، قال ويزمان الخبير في معهد سيبري إن ما تراه الدول كمخاطر أمنية قد لا يراه الآخرون كذلك، وأن "هذه المخاطر من وجهة نظر الحكومات أو الانظمة سواء كانت ديمقراطية جزئيا أو ليست ديمقراطية على الإطلاق هي مخاطر كبرى تهدد استمرارها لذلك تقوم باستيراد هذه الأسلحة للدفاع عن وجودها"، مضيفاً أنه يعتقد أن هذه الدول كان بإمكانها التقليل من شراء هذه الأسلحة واستخدام هذه الاموال في تطوير بلادها مع حفظ الأمن والاستقرار لشعوبها بالطبع و "هذا أمر لا يبدو أنه موجود على طاولة هذه الدول في الوقت الحالي" بحسب قوله.
 
ولا يعتقد ويزمان أن الأسباب الأمنية وحدها تقف خلف تسابق هذه الدول الشرق الأوسط على شراء الأسلحة، وأن هناك عوامل أخرى شديدة الأهمية "مثل التفاخر بحيازة كم أكبر من السلاح بجانب الفساد وتصاعد دور الجيش في المجتمعات وأن هذه كلها عوامل أدت إلى هذا الأمر". وأضاف كبير الباحثين في برنامج الأسلحة والإنفاق العسكري في معهد ستوكهولم الدولي بأن "هناك أزمة أخرى حقيقية بشأن عملية شراء الاسلحة في دول الشرق الآوسط وهي دول في أغلبها ليست ديمقراطية والخطوات التي تتم من خلالها عملية الشراء فلا يوجد مجتمع مدني مفتوح ولا نقاشات برلمانية حول ما يجب شراؤه وما لا يجب  في أغلب هذه الدول كالسعودية والإمارات ومصر لا توجد هذه النقاشات المفتوحة".
 
 
 
وتتصاعد في عدة دول أوروبية نقاشات بشأن الجانب الأخلاقي لتصدير الأسلحة لدول يعدها البعض "سلطوية" وتغيب فيها معايير الديمقراطية وطبيعة استغلال هذه الأسلحة في النزاعات التي تخوضها ما حدا بدول مثل ألمانيا والنرويج بوقف تصدير السلاح لدول مثل السعودية والإمارات، وفيما قد لا تخضع خطوات شراء السلاح في هذه الدول لآليات ديمقراطية إلا أن عمليات البيع يفترض أنها تتم من دول ديمقراطية فكيف تقوم هذه الدول "الديمقراطية" ببيع أسلحة لدول "غير ديمقراطية" قد توجه لاستخدامات أخرى تتعارض مع القوانين الدولية، وفي هذا الإطار يقول ويزمان: "لدينا نقاشات مطولة منذ عقود بشأن هذه المسألة على وجه الخصوص، فهناك دول قامت مؤخراً بمنع تصدير الأسلحة للسعودية والإمارات فيما لا يزال الجدل دائر في دول أخرى دون الوصول لقرار بشأن تصدير السلاح لأنظمة استبدادية". 
 
ويأسف الخبير في معهد سيبري قائلاً إن هذا الأمر بالفعل مخيب للآمال، ذلك أن مبيعات السلاح لازالت مستمرة في عدد أكبر من الدول المصدرة للسلاح دون أخذ كل هذه المسائل الأخلاقية في الاعتبار، وبالتالي فإن "الأنظمة السلطوية في الشرق الأوسط وإلى الآن  يمكنها الحصول على أسلحة بالقدر الذي ترغب فيه دون وجود موانع أو محددات إلا لدى عدد قليل للغاية من الدول".
 
 
 
وفيما أسفرت ضغوط المجتمع المدني في بعض الدول الأوروبية عن وقف تصدير السلاح لبعض دول الشرق الأوسط، إلا أن تأثيرها لايزال محدوداً للغاية في أغلب الدول المصدرة للسلاح، بحسب بيتر ويزمان، الذي أضاف بأن جهود هذه المجموعات والمنظمات تصطدم بكيانات هائلة تقف خلف تصنيع الأسلحة والتي لديها تأثير متنام ٍ ومتعاظم "فهذه صناعة بالمليارات والتصدي لهذا الأمر ليس بالمسألة الهينة بجانب ما تمثله هذه الصناعة من مصدر دخل هائل لاقتصاديات الدول المصنعة للسلاح" .
 
 
 
ويختتم كبير الباحثين في برنامج الأسلحة والإنفاق العسكري في معهد ستوكهولم الدولي في حديثه لــ Dw عربية قائلاً إن هناك عدد من الدول المصنعة والمصدرة للسلاح لم يعد يعنيها المسألة الأخلاقية بقدر ما تهتم بالعوائد الاقتصادية من بيع السلاح، كما تأخذ هذه الدول في الاعتبار العامل الأمني الذي يمكن أن يمثل جانباً شديد الاهمية في نظرة هذه الدول لبيع الاسلحة لجهات أو لدول معينة وما قد يحدث لها هي نفسها إن هي توقفت عن  بيع هذه الاسلحة للجهات الراغبة فيه، مشيراً إلى أن هذا الجدل يدور حالياً على نطاق واسع في أغلب البرلمانات الأوروبية ومثال ذلك مسألة بيع السلاح للمملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من ذلك قام عدد ضئيل للغاية من الدول باتخاذ خطوات فعالة في هذا السياق .(dw)