Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Aug-2017

مَن يطيح مَن.. المعارضة التركية أم أردوغان؟ - محمد خروب
 
الراي - في احدث تصريح له بعد نجاح مسيرة «العدالة» التي قادها مشياً على الأقدام من العاصمة انقرة الى اسطنبول لمسافة وصلت الى اكثر من 450 كيلومتراً، احتجاجاًعلى الحكم الذي أصدرته المحكمة بسجن عضو البرلمان عن حزب الشعب والصحافي البارز السابق انس بربر اوغلو لمدة (25)عاماً بتهمة التجسس، فقط بسبب نشره صوراً لشاحنات كانت تحمل اسلحة لمسلحي المعارَضة السورية (إقرأ داعش والنصرة)... «وَعَدَ» زعيم المعارضة التركية/ رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيلتشدار اوغلو، دول الاتحاد الاوروبي بإطاحة الرئيس اردوغان في عام 2019. ولأن عامين كاملين يفصلاننا عن «تنفيذ» وعد اوغلو، وهي فترة طويلة نسبياً في بلد يشهد تطورات متلاحقة يقودها في شكل شخصي وعلى اكثر من «جبهة» الرئيس التركي نفسه، وتتميز معظم مواقفه بالارتباك والتقلّب المحمول على غضب وعصابية واتهامات تطال الجميع في الداخل وخصوصاً في الخارج، كان أخرها اتهام اردوغان المانيا بأنها تدعم «الارهاب»، فإن من المبكر الرهان على اقوال «إعلامية» بل رغائبية كهذه، يُطلِقها زعيم حزب ما يزال – في ما يبدو – يعيش نشوة الانتصار «النسبي» الذي حققته مسيرة العدالة التي قادها وانضم اليها جمهور كبير، ليس بالضرورة انه من جمهور حزب الشعب الجمهوري العلماني الذي أسسّه مصطفى كمال، وانما كانت (المشاركة الشعبية) مثابة نوع من الاحتجاج على سياسات اردوغان الداخلية، التي خلقت ازمات افقية وعامودية في المشهد التركي، وبخاصة بعد الانقلاب الفاشل في 15 تموز 2016، والذي اعتبره اردوغان فرصة للتخلص من خصومه ومنافسيه على الساحة التركية وداخل حزبه ايضاً، ناهيك عن تحقيق «حلم حياته» وهو إخضاع المؤسسة العسكرية لسلطته عبر اجراء عملية تطهير واسعة داخل صفوفه شملت قيادات وكوادر مهمة ورفيعة وذات خبرة، انعكست سلباً على اداء الجيش التركي نفسه وبخاصة في ظهور ضعفه وتخبط قيادته سواء في المواجهات التي لم تتوقف في جنوب شرق تركيا مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني، أم خلال غزوة «درع الفرات» التي استهدفت الشمال السوري وعجز جحافل ثاني اكبر جيش في حلف الاطلسي عن إحراز نجاحات ملموسة في المعارك مع «داعش»، الأمر الذي تطلّب من أنقرة عقد صفقات مع التنظيم الارهابي كانت تنص على السماح للارهابيين بالانسحاب مقابل ضمان سلامتهم وتأمين اسلحتهم، ناهيك عما «نجح» فيه اردوغان عندما استخدم «قانون الطوارئ» الذي ما يزال قائماً منذ فشل الانقلاب قبل عام، للتنكيل بخصومه وإسكات صوت الصحافة والبرلمان ووسائل الاعلام وتفريغ القضاء من كل صوت مستقل (حتى لا نقول معارض) اضافة الى طرد مئات الآلاف من الموظفين في مختلف المؤسسات الحكومية بذريعة الشك فيهم بأنهم من مؤيدي الداعية فتح الله غولن وايضاً تفريغ الجامعات التركية العامة والخاصة من اساتذتها وتركهم في مربع البطالة، فقط لإنهم يُعبّرون عن آراء مستقلة ولا يُهرولون وراء حزب العدالة والتنمية.
 
لماذا حدّد كمال اوغلو العام 2019 لإطاحة اردوغان؟
 
فقط...لأن الاستفتاء الشعبي الذي جرى في نيسان الماضي، والذي شكّل انتصاراً لاردوغان وإن كان انتصاراً بطعم الهزيمة، كونه لم يمنح اردوغان سوى نسبة 4ر51%، حدّد (الاستفتاء) والتعديلات الدستورية التي اقرّها البرلمان التركي، الذي يتوفر فيه حزب العدالة والتنمية الحاكم على اغلبية لا تصل الى الثلثين، شهر تشرين الثاني 2019 لاجراء انتخابات عامة ورئاسية وفق التعديلات الدستورية، التي تُحوِّل النظام البرلماني الحالي الى نظام رئاسي سيسمح لاردوغان بالبقاء في الحكم (إذا ما فاز في الانتخابات الرئاسية) بالبقاء في القصر الابيض الباذخ الذي يقيم فيه الآن... حتى العام 2029.
 
فهل يستطيع كمال اوغلو تحقيق وعدِه او حلمِه.. (لا فرق)؟
 
الأمر مرهون بقدرة المعارضة التركية على انجاز برنامج «كفاحي» مشترك لمواجهة اردوغان، الذي بات يشعر بفائض قوة بعد الاستفتاء، وإن كان على الصعيد الخارجي وخصوصاً علاقاته مع اوروبا يعاني الكثير، فضلاً عن الركود وتراجع نسبة النمو التي يعانيها الاقتصاد التركي وتوتر علاقاته مع واشنطن وحلف الاطلسي بعد ان بدأت صفقة صواريخ S400 مع روسيا تأخذ طريقها الى التنفيذ، كذلك دعم واشنطن لِأكراد سوريا في تحرير الرقة، ولأن اردوغان نجح في «شقّ» هذه المعارضة التي لم تكن موحّدة اصلاً، عندما «استمال» الى جانبه حزب الحركة القومية اليميني بزعامة دولت بهشلي، ما أسهم في نجاح الاستفتاء وقبلَه التعديلات الدستورية داخل البرلمان، فإن قدرة حزب الشعب التركي بزعامة كمال اوغلو وحليفه حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي) ستكون محدودة في مواجهة اردوغان وحزبه، الذي عاد الى رئاسته وأبعد معظم قياداته التي يشك في ولائها لشخصه، اضافة بالطبع الى ان اوغلو نفسه ما يزال عاجزاً عن طرح مبادرة قابلة للتنفيذ وقادرة على توحيد او انشاء جبهة توافقية مُعارِضة تستفيد من حال الغضب الشعبي الآخذ في التصاعد ضد سياسات اردوغان الداخلية والتي تقول نسبة منهم ان الرئيس تحول الى.. «ديكتاتور».
 
قد لا يكون لدى كمال اوغلو الرصيد السياسي والشعبي الكافي لتحقيق «وعده» الذي اطلقه عبر مقابلة مع مجلة «فوكس» الالمانية، وقال فيها «سنعمل ما بوسعنا من اجل اطاحة حكم اردوغان في انتخابات 2019 وعلى الاوروبيين ان (يثقوا) بذلك، وفي تلك الانتخابات – يواصل اوغلو – سنجمع كافة القوى المؤيدة للديمقراطية وسنستريح من اردوغان.. الى الأبد».
 
هل يملك القدرة والآليات وخصوصاً التحالفات لـ «انقلاب» ديمقراطي.. كهذا؟
 
الانتظار قد يطول ولكن ليس.. كثيراً.
 
kharroub@jpf.com.jo