اشتهر العالم البريطاني الراحل بعمله الرائد في ما يتعلق بالثقوب السوداء والنسبية، وألّف كتباً علمية عديدة، وعلى الرغم من إصابته بالتصلّب الجانبي الضموري، وهو مرض عصبي انتكاسي يصيب الخلايا العصبية الحركية لدى الشخص البالغ، ويسبب له الشلل ويجعله غير قادر على التكلّم إلا بواسطة جهاز كومبيوتر بصوت اصطناعي، إلا أنّه تحول الى سمة مميزة له، وأصبح هوكينغ المولود في أكسفورد أحد أعظم العلماء المعاصرين، كما تحدّى التوقعات الطبية التي لم تكن تمنحه سوى عامين من الحياة بعد إصابته بالمرض العضال عام 1963 ،علماً بأنّه فقد القدرة على الحركة تماماً والكلام بشكل تدريجي.

شاءت الأقدار ان يكون تاريخ وفاة انيشتاين هو يوم ولادة العالم ستيفن في 8 كانون الثاني 1942 وبعد 300 عام على وفاة العالم الشهير غاليليو،وكأن عالم يسلم الراية لآخر ،التحق ستيفن في البداية بـ «جامعة أكسفورد» لدراسة العلوم الطبيعية في العام 1959 ،قبل أن يحصل على شهادة دكتوراه في علم الكون من «جامعة كامبريدج» التي ترأس فيها قسم الأبحاث التابع لـ «مركزعلم الكون النظري».

وفي العام 1974 ،أثبت هوكينغ نظرياً أنّ الثقوب السوداء تصدر إشعاعاً على عكس كل النظريات المطروحة انذاك، وسمي هذا الإشعاع بـ «إشعاع هوكينغ»، و نشر كتابه المعروف «تاريخ موجز للزمن» في العام 1988 ،وبيعت منه أكثر من 10 ملايين نسخة ، واعتقادا منه أنّ الإنسان العادي يجب أن يعرف مبادئ الكون، عمد إلى تبسيط النظريات باسلوب سلس.

الشيء الملفت للنظر في عالمنا هذا مواقفه المشرفة تجاه القضية الفلسطينية التي كان مناصرا لها عن اقتناع تام ومناهضا لاسرائيل ، أبرزها رفضه تلبية دعوة لزيارة «إسرائيل» عام 2013 للمشاركة في حفلة بمناسبة الذكرى السنوية التسعين لولادة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز،ولم يكتف بذلك بل أعلن حينها مساندته لمقاطعة «إسرائيل»، مكرّراً التحذير في أكثر من مناسبة من وقوع «كارثة» جراء استمرار الكيان الغاصب في سياساته وممارساته تجاه الشعب الفلسطيني.

العالم الراحل ستيفن كان له بالاضافة الى أنه فيزيائي كبير وعالم مذهل اسهامات عظيمة في مجال الفيزياء مثلما كانت له فلسفته في الحياة فهو القائل اننا مجرد سلالة متطورة من القرود على كوكب بسيط هو أصلا نجم متواضع جداً، لكننا قادرون على فهم الكون، وهذا ما يجعلنا مميزين للغاية، ويقول حول النساء «النساء هن أكبر ألغاز هذا الكون»، مؤكداً أنّ هذا اللغز على وجه الخصوص «سيبقى بدون حل...

هو سر الحياة الأكثر غموضاً وإثارة للاهتمام» ويقول ايضا حول الحياة: تذكر أن تنظر إلى النجوم وليس إلى قدميك، ولا تتخل أبداً عن العمل، فالعمل يعطي المعنى والغاية للحياة، وبدونهما الحياة فارغة،وان الحياة ستكون مأساوية إذا لم يكن فيها مساحة للضحك ، ويقول ايضا لا أعتقد أن الجنس البشري سيبقى على قيد الحياة خلال الألف عام القادمة، إلا إذا انتقل إلى الفضاء، هناك الكثير من الحوادث التي يمكن أن تقع على كوكب واحد، لكنني متفائل بأننا سنصل إلى النجوم.

وفي مقابلة نشرت في صحيفة الغارديان عام 2011 تحدث عن الموت قائلا عشت مع احتمال الوفاة المبكرة على مدى السنوات الـ 49 الماضية،لست خائفا من الموت، ولست مستعجلا لوقوعه، فمازال لدي الكثير لأفعله.

كان رحمه االله عالماً عظيماً ورجلاً استثنائياً تحدى المرض بشجاعة فائقة وابتسامة لا تفارق محياه وعقل جميل رأى الحياة جميلةعلى الرغم من مرضه العضال ، ولم تمنعه اعاقته من انجاز الكثير من النظريات والاختراعات.....سيعيش عمله وآراؤه لسنوات طويلة مقبلة.....بقي أن نشير الى أن قصة حياته موضوع فيلم «نظرية كل شيء» عام (2014 ــ إخراج جيمس مارش).

Tareefjo @yahoo.com