Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Feb-2019

ماركس الذي رهن ملابسه ونظّر للثورة العالمية د.أحمد جميل عزم

 الغد

احتفل ماركسيون وغير ماركسيين، العام الفائت 2018، وما يزالون يحتفلون، وينظمون ندوات ومحاضرات، بمناسبة ذكرى مائتي عام على ولادة كارل ماركس، رمز الحركة الشيوعية في العالم، ورمز الحركات العمالية. ولا شك أن ماركس بعيداً عن السياسة، أو بالإضافة إليها، مثل، أحد أكثر الأشخاص الذين أثروا في التاريخ، وفي حياة الناس. لقد بات لكثير من الشيوعيين والماركسيين، في الماضي على الأقل، نمط حياة وطريقة كلام مميزة، حتى أن هذا النمط كان جزءا من جاذبيتهم لأجيال من الشباب من الجنسين. 
تعكس سيرة ماركس، الشخصية، وكتاباته، وعلاقاته وتوجهاته السياسية كثيرا من المعالم التي تؤكد بعض الصور الشائعة عن الشيوعيين، ولكنها تختفي في بعضها. 
ولد كارل ماركس في 5 آيار (مايو) 1818، لأبوين يهوديين، كان كلاهما من عائلات الحاخامات (رجال الدين اليهود)، لكن عائلته تحولت إلى المسيحية بينما كان في سن السادسة. وربما كان الأثر الاجتماعي الفكري لعائلة زوجته أوضح، ففي سن السابعة عشرة تمت خطبة ماركس إلى صديقة طفولته، جني فون وستفالن، الناقدة المسرحية التي تكبره بأربع سنوات، ولها أثر على تفكيره، كما كان والدها صديقه، وكانا كثيرا ما يتحدثان في الأدب وقضايا أخرى. وانتقل في تشرين أول (أكتوبر) العام 1843 إلى باريس مع زوجته، ليعمل رئيسا لتحرير مجلة “كتب السنة الألمانية الفرنسية”، وكان بالفعل مهتما بالاشتراكية والعمال. 
فشل مشروع المجلة، وأصدر عددا واحدا فقط، ولكنه أسهم في معرفته ألمانيا آخر هو فردريك إنجلز، الذي كان لوالده الثري مطحنة قطن في مانشستر في انجلترا، ما جعله مطلعا على أوضاع العمال ومؤيدا لهم. قدم إنجلز، المعجب بقدرات ماركس الفكرية، مساعدة كبيرة لماركس حياتيا وسياسيا. فعدا مساعدته في اللغة الإنجليزية، دخل ماركس وعائلته، وأولاده الخمسة، ضائقة مالية عندما انتقلوا للعيش في لندن، لدرجة اضطراره رهن ملابسه للاستدانة في مرحلة. ومما ساعده أنه عمل مراسلا لصحيفة أميركية، ثم صار إنجلز يعطيه 350 جنيها استرلينيا سنوياً كمساعدة. وإنجلز هو من ساعد ماركس في دخول الرابطة الشيوعية السرية العام 1847، التي كلفت ماركس وانجلز، كتابة “البيان الشيوعي” الشهير، الصادر العام 1848. 
رغم الفقر يعتقد أن ماركس وعائلته كانوا يشعرون بسعادة وانطلاق.
تبدو لمحة أخرى لتقديس ماركس لحياة العائلة، انتقاده مثلا لظروف الاختلاط بين الجنسين في المصانع الرأسمالية. 
عندما توفيت زوجته العام 1831 عانى ماركس بعدها خصوصا أنه كان مريضا، وعندما توفي كان صديقه إنجلز “فوق رأسه”.
سياسياً، دخل ماركس في خلافات عديدة داخل الحركة العمالية ذاتها، فاختلف مع الفرع الإنجليزي في المؤتمر الدولي السنوي للعمال، الذين كانوا يريدون المزاوجة بين القومية والنضال العمالي، فيما يريد هو حركة عابرة للقوميات، فانسحب من المؤتمر العام 1871. واختلف مع الأجنحة الفوضوية في الحركة العمالية، خصوصا الفرنسي جوزيف برودون، والروسي ميخائيل بوكانون. وبينما تحول الأول ليقبل بالعمل في ظل الدولة الفرنسية، فإن الثاني كان يرفض فكرة السلطة، بما في ذلك فكرة حكومة العمال، التي اقترحها ماركس. وكان ماركس كما يقول عنه كتاب صادر سنة 1922، يرى في بعض خصومه جواسيس للحكومة، مثلما اتهم بوكانون، رغم رفض الأخير لفكرة الحكومة أصلا. كذلك اعتقد ماركس أن الاستقبال الفاتر لكتابه رأس المال، سنة 1867، هو “مؤامرة صمت”، قبل أن يصبح الكتاب دليل الحركة الشيوعية الألمانية بعد سنوات.
القرن العشرون هو قرن الحداثة، أي الفكر القائم على وجود قوانين ونظريات تفسّر وتوضح وتسيّر العالم، وماركس من أصحاب الفضل الأكبر على فكر الحداثة. 
لا يمكن لمن يقرأ سيرة ماركس الشخصية، والسياسية، إلا المقارنة مع بعض سمات الحركات الشيوعية. فالشك الدائم في الخصوم وفي ارتباطاتهم الأمنية والسياسية، سمة للفكر الإديولوجي عموماً، والماركسي واليساري من مقدمته.
عربياً، لعب الفكران، الإسلامي للإخوان المسلمين، وما انبثق عنه، والماركسي وما انبثق عنه، دوراً كبيراً في تشكل الشخصية العربية في القرن العشرين، وحتى المزاج العربي. لذلك فإن تفكيك وتحليل شخصيات مثل سيد قطب، وحسن البنا على صعيد الإخوان المسلمين، وماركس ولينين في الجهة الأخرى، تساعد كثيراً على فهم كثير من المشاهد حولنا.