Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-May-2022

منتدون: رواية »يحيى« لسميحة خريس ملحمة أدبية متكاملة

 الراي - نسرين الضمور

قال متحدثون في الندوة الثقافية التي نظمتها مديرية ثقافة الكرك بالتعاون مع منتدى جماعة درب الحضارات الثقافي، احتفاء برواية «يحيى» للروائية سميحة خريس، ان الرواية تعد ملحمة ادبية مكتملة الاركان استطاعت خريس ومن خلال بطلها «يحيى بن عيسى الكركي» نبش التاريخ واستحضار الماضي بعين معاصرة طارحة لسؤال الحرية بحنكة سردية متفردة.
 
واعتبر المتحدثون في الندوة التي اقيمت بمركز الحسن الثقافي وحضرها جمع من الادباء والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي،وادارها الدكتور باسم الزعبي، ان الرواية تطرح سؤال الحاضر من خلال العودة للتاريخ ونسج الاحداث والتحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي واكبت سيرة «يحيى الكركي» بابعادها العقلية والنفسية والوجدانية عارضة لقضية الحراك الفكري والجدال المتواصل بين المذاهب الفكرية المختلفة.
 
وتحدثت الروائية خريس صاحبة «دفاتر الطوفان» و«القرمية» و«الصحن» و«الخشخاش» و«شجرة الفهود» وغيرها، عن اهمية الاحتفاء للمرة الثانية في الكرك بروايتها «يحيى» بطبعتها الجديدة الصادر عن (الان ناشرون وموزعون) في (460) صفحة، ورسمت لوحة غلافها الفنانه رنا حتاملة، شاكرة للكرك واهلها هذا التكريم مثمنه دور ثقافة الكرك ومنتدى درب الحضارات كمؤسسات راعية للثقافة وناقلة للصوت الابداعي للجمهور.
 
وقالت خريس ان الرواية نسبت للكرك لان بطلها ابن الكرك وجزء من احداث جرت بالكرك قبل (700) عام واستكملت في القاهرة ودمشق. مضيفة ان فكرة الرواية جاءت من وثيقة عثمانية صغيرة اشارت الى بطل الرواية الذي كانت مسيرة حياته بكل تجلياتها مثار اهتمام لرفضة للظلم والتعصب والانغلاق.
 
موضحة انها لم تؤرخ لمرحلة معينة ولا للحاضر، بقدر ما كانت تراقب مجمل التجربة الانسانية للولوج للحقائق العريضه.
 
من جانبه قال رئيس منتدى جماعة درب الحضارات الاديب نايف النوايسة إن للقراءة الإبداعية للاديبة خريس ذائقة خاصة؛ فهي لا تنشد الشهرة وان تحصلت لها ولكنها تحمل رسالة. مشيرا الى ان خريس استطاعت التقاط خيط الرواية حين قرأت عن «يحيى الكركي» في كتب التاريخ التي ارّخت لاحداث القرن السادس عشر الميلادي وأدركت ما في محنته ما يستدعي الكتابة واسقاطها على الخطاب الفكري العربي والاسلامي وتغييب العقل والنظر الامر الذي قاد الى اعدامه.
 
وبين النوايسة أن «يحيى» العالم الفقير الذي نبغ في العلوم الدينية ومناهج الحوار العقلي حاجج علماء زمانه في الازهر والمسجد الاموي وغلبهم، لا بل حاكم عقولهم واساليب تفكيرهم وهاجم قواعد الوعاظ والمنتفعين الذين ادركوا ان هذا الرجل يهز الارض من تحت اقدامهم، فخافوا على مصالحهم وسعوا لتصفيته.
 
وأشار النوايسة الى ان للرواية ثلاثة خطوط هي: المرأة والتراث والمكان، وفي خط المرأة يؤكد النوايسة ان خريس جعلت للمرأة دورا مهما في صنع الاحداث، فكانت هي ضابط الاتزان في الرواية من البداية حتى لحظة التصفية. اما خط التراث فيرى النوايسة انه اتخذ مسارين اتجه الاول نحو التراث الشعبي والاخر الى المأثور الديني وما يتصل به من المأثور الصوفي. ويعتقد النوايسة ان الخط الثالث المكان هو منطقة جلجول غرب مؤته بالكرك كأحد الحواضر التي شكلت المشهد الحضاري ذات يوم على بساط خشن مليء بالأشواك والعذابات في فترة الحكم العثماني ف? المنطقة.
 
من جهته قدم الشاعر والاديب الناقد د.حكمت النوايسة ورقة نقدية للرواية بعنوان «بين الرواية التاريخية والتخييل التاريخي»، قائلا ان الرواية بينت التسلسل الكرونولجي لتشكّل الباحث الفيلسوف، فيحيى لم يبدأ بطرح أسئلته في القضايا الفلسفية، وانما بدأها بتأمل الكون المحيط ومن خلال تزمين تلك الاسئلة، اضاف النوايسه: نقف على المتاعب التي واجهتها تلك الشخصية فالسياق التاريخي لتلك الولادة والزمان التاريخي والاجتماعي والثقافي وسيطرة الغريب الضعيف على اقطار الارض العربية، وتفشي الجهل والظلم وسيطرة أدواته، كل هذا يجعلنا نقف ?لى الخلفية الصعبة لولادة الشاب الباحث عن الاسئلة والذي استعلي عن سياقة، فهو في ميل الى المتصوفية والمعارف المتعالية وربط هذه المعارف بالواقع.
 
وأشار د.النوايسة الى البطل الاخر في الرواية الذي قال انه يعده مجازيا بطلا مساعدا؛ وهو كتاب «عيون الحكمة» لابن سينا الذي عثر عليه احد الرعاه وأعطاه ليحيى ورافقه في اغتراباته القسرية، والذي يروي ظمأ الباحث عن المعرفة المتعلق بأسئلتها، واستطرد الدكتور النوايسة في سرد احداث الرواية منذ ان هرب يحيى الى مصر وعودته الى الكرك منهك الجسد مريضا لتقوم اخته مريم بعلاجه، ليسترد عافيته ويعود للسفر الى دمشق بحثا عن الاجازة للافتاء لتكون نهايتها بقتله هناك.
 
ويرى د.النوايسة ان الرواية تستفيد من القصة الحاملة للانفتاح على قرن من الزمان ساد فيه الجور والظلم والخلاف بين المذاهب ومعاداة أي تدبر وتفكر ومحاولة لإعمال العقل في امور الدين، كما تلظم الرواية الاطار الجغرافي الذي تسيطر عليه الدولة العثمانية، فضلا عن انفتحها على مصادر المعرفة الاساسية اكانت المتعلقة بالكتب الذهنية او الكتب النقلية.
 
واضاف د.النوايسة ان القصة الحاملة توحي بان الرواية تاريخية، ولكن التفاصيل ترينا غير ذلك؛ اذ يتحرك المخيال بملء الفراغات الاجتماعية والثقافية وبناء التفاصيل الدقيقة التي لا تذكرها قصص التاريخ عادة. مضيفا القارئ يشعر كثيرا انه يفارق التاريخ ويدخل في السرد الخيالي المستند الى تفاصيل اجتماعية ومكانية وحياتية، لافتا الى ان الرواية اشتملت على الكثير من النصوص المنقولة من مراجع وكتب استدخلت في الرواية في اماكنها السياقية المناسبة لتكون حججا في المحاورات او مواد لتأملات البطل المركزي «يحيى»، وهو الامر الذي يعد من ?صعب الامور على الروائي في زمن الرواية الحالي. من جانبها قالت مديرة ثقافة الكرك عروبة الشمايلة ان رواية «يحيى» عمل ابداعي ثري وان الاحتفاء بها للمرة الثانية بالكرك تقدير لحجم العمل وجهد الروائية خريس التي اثرت الوطن بنتاجها الفكري الإبداعي الغزير. مشيرة الى ان مركز الحسن الثقافي بفضاءاته سيبقى دائما حاضنا للابداع والمبدعين على امتداد مساحة الوطن.