Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Apr-2019

أردنيون في السجون السورية* د. محمد حسين المومني

 الغد-كثير منا بالغ بالتوقعات بشأن انفراج العلاقة مع سورية عقب فتح الحدود، والزيارات البرلمانية والنقابية التي تمت، ودعوة رئيس مجلس الشعب السوري لمؤتمر البرلمانات العربية في عمان. التفاؤل لم يكن بلا مسوغات فقد جاء بعد أن اتزنت التصريحات السورية التي كانت وبالا على سورية، خاصة تلك المتعلقة بالأردن، وظهرت اجواء توحي بأن سورية تدرك عبثية بعض السلوكيات والتصريحات وحجم تأثيرها على المصالح المشتركة الكبيرة بين البلدين. 

انتكاسة حقيقية حدثت لمسار تطور العلاقات الثنائية إثر موقف التعامل مع ملف الأردنيين في السجون السورية، ما اعاد للذهن سورية قبل الحرب في تعاملها مع شعبها ومواطني دول اخرى يزورونها. كأن سورية لم تتعلم شيئا بعد ثماني سنوات من الحرب الدموية التي راح ضحيتها مئات الآلاف كان يمكن انقاذهم بشيء من الحكمة والتعقل وسماع النصيحة وعدم الاستخفاف بمطالب شعبها التي ما تزال عادلة. سورية لا تبدو مدركة أن ملف الأردنيين بالسجون السورية لا يمكن للأردن التغاضي عنه، أو تحمل الضغوط الداخلية بشأنه، وسيكون سببا اساسيا لتدهور في العلاقات لن يتوقف عند تصريحات ومواقف سياسية بل الارجح انه سيتبع بخطوات وأوراق ضغط اخرى عديدة يمتلكها صانع القرار الأردني. 
سلوك سورية بهذا الملف الحساس والضاغط لا يوحي بتقييم موضوعي أو تقدير سوري لمواقف الأردن التاريخية تجاهها، التي صبت جميعها بضرورة الحفاظ على وحدة سورية الترابية والشعبية، والتركيز على اولوية محاربة الارهاب بدل تغيير النظام الذي كان هدف ومطلب الجميع. طلقة واحدة لم تطلق على الجيش السوري من حدودنا وهو موقف تاريخي كبير يعيه جنود سورية وضباطها في الميدان. لولا حكمة الموقف الأردني وحرفيته وعمقه وتوازنه واقناعه للدول المشتبكة بالشأن السوري، لما آل الحال الى ما آل اليه في سورية.
لم يصدر عن سورية اي ردة فعل لموقفنا المعلن والمتسق مع القانون الدولي بخصوص الأردنيين في سجونها، ما يوجب التريث بالحكم فيما اذا كان هذا الموقف مقصودا، وقرارا محسوبا، ام انه سوء ادارة مرحلي لملف خطير قد يطيح بالعلاقات الثنائية في وقت تحتاج فيه سورية لزيادة عدد اصدقائها. قد يفسر السلوك السوري أيضا أنه نهج جديد على طريقة ايران في أنها تقول شيئا وتُسمع الدول ما تريد ان تسمعه، أو تقلل من المساجلة الإعلامية والسياسية، بينما تمضي لتفعل ما يحلو لها، وبما لا يتماشى مع خطابها المعلن. أو قد نكون امام سورية جديدة تمتلك ايران فيها يد طولى تتدخل في ملفات علاقاتها مع دول الجوار بما يراعي المصلحة والرؤية الايرانية. 
أيا كان الحال او الاسباب خلف الموقف السوري، فالمسألة تحتاج لكثير من الحكمة والروية، والنحو باتجاه ايجاد حل وتفاهم سيادي حول هذا الملف، ولا يضير أن نستثمر علاقات برلمانيينا للضغط على سورية فلا بد أنهم الاكثر حرجا الآن بعد أن بادروا لإعادة العلاقة بين البلدين ليتفاجؤوا بهذا الملف الشائك. لا سبيل إلا بعلاقات واضحة تقوم على الاحترام المتبادل بين الأردن وسورية، وهذا استحقاق تاريخي وبراغماتي، لأن المصير المشترك بديهة لا يمكن القفز عنها لكلا البلدين.