Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Feb-2018

بأيِّ ذنب قُطِعَتْ؟ - ناديا هاشم العالول

الراي -  شاركنا مؤخرا الأجيال الصاعدة بغرس فسائل الشجر بالأرض الطيبة، فشاهدناهم وهم ينثرون الحماسة والشغف والحبور والأمل بسواعد غضّة تؤكد على ان اليد التي تقطع شجرة ستتصدى لها سواعد الخير بزرع عشْرة.. فبوركت كل الهمم الخيّرة!

فعلا.. كفانا عبثا بالأرض الطيبة –البعض وليس الكل–ممّن يحملون في ثناياهم عدوانية صارخة ضد الطبيعة والإنسان، مفرّخة بدورها إرهابا على الصعد كافة بما فيها الإرهاب البيئي المنظم» الذي ضرب اشجار الأودية الجميلة، والقمم الجبلية حتى المتنزهات العامة، من عمليات قطْع ونشْر فردية وجماعية لأشجار معمّرة يتم اغتيالها بل ذبحها بالمناشير الكهربائية وتقطيعها ومن ثم بيعها، فساد و إفساد بيئي يلتهم الأشجار بشكل منظم وجريء نتيجة أنانية مستشرية، وعدم التزام بمضامين ديننا الحنيف وتطبيقها سلوكا وفعلا وعملا بالرغم من قيام –البعض- بتأدية العبادات على احسن وجه لكنهم أبعد ما يكونون عن تطبيق مضامينها على ارض الواقع.. وهذا هو الفساد بعينه، وقد نهى سبحانه وتعالى عن الإفساد في الأرض بقوله: «ولا تُفسدوا بالأرض بعد إصلاحِها».. كما ورد النهي عن قطع الشجر بل حثَّ على غرسه بقول النبي صلى االله عليه وسلم:
«إنْ قامتْ الساعة وفي يد احدِكم فسيلة فليغرسْها، فمن استطاع الاَّ تقوم حتى يغرسَها فليغرِسها»..
محذرين من تفاقم العدوانية كونها غريزة طبيعية موجودة عند المخلوقات كافة بما فيها الإنسان، تعكس نفسها بالألفاظ والأفعال مما يصعب القضاء على العنف تماما وإن كانت الحاجة الماسة تدعو إلى تقليصه والحد من آثاره السلبية..
فارتفاع وتيرة العنف المتفجرة كلما دقّ الكوز بالجرّة لهو أمر جدير بالدراسة والمتابعة والتقييم مبتدئين بالأسباب المؤدية إلى ذلك، مع تفنيد الحالات وحصر المتشابه منها ووصف العلاج المناسب لكل مجموعة من هذه الحالات بما يتفق وطبيعة العنف وجذوره من أسباب نفسية، جينية، إجتماعية، ثقافية، تربوية بالإضافة للأسباب الإقتصادية المحفّزة لإطلاق العنف من بين ثناياها نتيجة الفقر والحاجة المحبطيْن لصاحبها عبر تغذية نفسيّة سامة تتضمن شتى المشاعر السلبية تجاه نفسه مكبّلة إياه بعنف داخلي يكئبه أو عنف خارجي يؤذي غيره بما فيه كوكب الأرض.. كوكب الحياة الذي أودع االله فيه كلّ ما يحتاجه الإنسان والحيوان من مُتطلّبات الحياة والبقاء..
فكوكبنا بمثابة كنز من العطايا الإلهية التي لا تُعوّض من الماء الذي يُشكّل أكثر من ثلثي مساحة الكرة الأرضيّة، والغلاف الغازيّ والغلاف الجوّي الذي يمنح الأرض غطاء جويّاً تتوفّر فيه العناصر الجويّة الغازيّة المناسبة للحياة على سطح الأرض.. ناهيك عن الغطاء النباتيّ الأخضر مكسبا الحياة البشريّة والحيوانيّة والطبيعيّة العديد من الفوائد والمزايا، غطاء أخضر متمثّل بالأشجار والنباتات يزود الجوّ بعنصر الأكسجين الضروري للتنفّس والحياة منقيا الجوّ من غاز ثاني أكسيد الكربون. ملطّفا الأجواء مخففا من درجات الحرارة، ناشرا الهدوء والأعتدال المناخي..
غطاء اخضر باشجار تزيّن البيوت والشوارع والحدائق العامّة، بخضرتها وألوانها الزاهية فاالله جميل يحب الجمال.. فكيف نقوم بتشويه جمالياته؟ فهذا هو الجحود بعينه! ناهيك عن كونه مصدرا للغذاء والدواء أبرزها الحصول على العلاجات المستخلصة من
جذوع الأشجار أو من زهر الثمار أو من ثمارها الناضجة.. إضافة لروائحها الزكيّة والطيّبة كأشجار الورود، والزهور، والياسمين، وعطورها
المستخلصة.. ولن نسى الصناعات المتمحورة حول اخشابها.. والدفء المنبعث من جمر اخشابها..
فيكفي أن الأشجار هي بمثابة الدرع الحامي للقشرة الأرضيّة من الانجراف درع يثبت تربتها منعا لزوالها ولتصحرّها..
ولا عجب ان رسول االله صلى االله عليه كان يوصي جنوده بقوله: (سيروا بسم االله وباالله وفي سبيل االله وعلى ملّة رسول االله، لا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة،» ولا تقطعوا شجرا» إلا أن تضطروا إليها)..
وهنا نتساءل عن دور التربية بأنواعها وبالأخص الأسرية منها: إذْ لماذا تغضّ الأم النظر عن طفلها عندما يقطع فرع شجرة بالشارع او بحديقة عامة.. بينما تلومه لو فعل الشيء نفسه بحديقة منزلهما؟
توجّهٌ خطير ينبثق عنه سلوك يجدر التوقف عنده لكونه ينثر بذور الازدواجية لتمدَّ جذورها بالشخصية الإنسانية فتتألق ازدواجيتها اثناء التعامل مع كل ما هو عام وكل ما هو خاص.. مغتالين بتربيتنا هذه عناصر الخير زارعين بذلك بذور الفساد الأولى دونما دراية! فلنتق االله جميعنا.. ولنزرع قصدا وعمدا بذورَ الخير بالأرض وبالإنسان وبكلّ مكان!