Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Nov-2018

إشكالية المجتمع الدولي.. ومآس يندى لها جبين الإنسانية - غازي خالد الزعبي

الراي -  المجتمع المعاصر كيان انساني موحد ضمن دولة ذات سيادة يصدر عنها رأي عام مؤثر يتناسب مع واقعها المادي والمعنوي ، وذلك من أجل بلورة صيغة عالمية استراتيجية تسهم في حل قضايا الشعوب العادلة ، وترسخ حالة التعايش بين الطوائف والاديان ، وتنمي سبل التفاهم في العلاقات الدولية على أسس أخلاقية وحضارية ودينية تردم الهوة بين الواقع والمثال، وبين الكائن وما يجب ان يكون من أجل خير وسعادة البشرية قاطبة.

ومصطلح المجتمع الدولي الذي كان في الماضي حالة جنينية يحلم بها المفكرون من اجل بناء مجتمع حضاري ينعم بالسلام وأواصر الصداقة الدائمة اصبح اليوم وسيلة افتراضية ابتدعها الاعلام العالمي للتغطية على ممارسات الدول المهيمنة ذات النظرة الاحادية الجانب، واستخدامه كمرجعية مضللة للتدخل في شؤون الاخرين، وفرض العقوبات التعسفية عليها ليتحول الى لغة متداولة للتعمية على حقائق الاوضاع القائمة وخلط الاوراق لإلهاء الشعوب وعدم تحمل مسؤولياتها الوطنية والهروب من الواقع بالقاء اللوم على المجتمع الدولي الافتراضي.
وخارطة العالم المعاصر لا تحتوي الا على خليط من المجتمعات المتعددة الميول والولاءات، والثقافات الغير المتجانسة والمصالح المتضاربة، الامر الذي لا يمكن من الخروج لرؤية مشتركة تجاه المشكلات العالمية المطروحة، او حشد القوى لحل الصراعات الدولية المزمنة.
واذا كان المقصود بالمجتمع الدولي هو الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة ، فقد شلت فاعليتها تحت وطأة تحكم الدول المارقة في مصيرها من خلال النظام المغلق الذي لا يؤدي سوى الى صياغة قرارات تعسفية ليس لها اي مصداقية ، ويحيل هذه المنظمة الى جزء من المشكلة بدل ان تكون وسيلة للحل، واستخدامها كمنصة عالمية لتبرير العدوان والغزو الهمجي المسلح، الامر الذي يدعو بإلحاح الى اعادة النظر في هيكلتها لتحظى بالثقة والاحترام ، والامثلة على ذلك لاتحصى ، مثل القضية الفلسطينية التي لم تصل الى اي حل عادل، واجتياح العراق وسورية الذي تجاهل القرارات الاممية وضرب بها عرض الحائط ، والربيع العربي الذي تحول من ظاهرة شعبية عفوية ليخوض في مستنقع الامر الواقع المزمن، ومواجهة القوه المفرطة في غياب الديمقراطية والشرعية الدولية.
ومن السذاجة السياسية التعويل على المجتمع الدولي ليضع حدا للممارسات العدوانية المستشرية في عالم اليوم في ظل وجود سياسات عالمية هجينة لاتستند الى اي خلفية قانونية او اخلاقية او دينية سمحة،لتصبح لعبة القوة هي سبيل فض النزاعات، واللغة الوحيدة المتداولة برغم ما تخلفه من فساد في الارض ، ومآس يندى لها جبين الانسانية.