Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Mar-2017

محاكمة امتحان التوجيهي - د. كميل موسى فرام
 
الراي - تسربت أنباء عن نوايا وزارة التربية والتعليم بإلغاء امتحان التوجيهي وأيجاد بدائل لتقييم الطلبة بنهاية مرحلة الدراسة الثانوية تمهيدا لتغير جذري بوسائل القبول الجامعي، وهي خطوة جديرة بالاهتمام والمناقشة على جميع المستويات المشاركة بالامتحان؛ الطلبة، الأهل، المعلمين، الوزارات المعنية، المصلحة الوطنية بمن يمثلها، بناء على مراجعة مستفيضة لمراحل الامتحان منذ التأسيس حتى وقتنا الحاضر، وربما هي مناسبة للتذكير أن معظم أصحاب القرار قد مروا عبر بوابة التوجيهي باعتباره الوسيلة الوحيدة التي تحقق القدر الأكبر من العدالة بين المتقدمين بالرغم من اعترافنا بوجود سلبيات عديدة لهذا الامتحان بظروف الترهيب التي ترافقه، خصوصا أن بصمات ضبط الامتحان في السنوات الأخيرة قد ساعدت بإعادة هيبته وعدالته ولو بصورة جزئية.
 
امتحان التوجيهي بواقعه حدثا عائليا متعدد المستوى، ويعني الأهل بدرجة كبيرة تفوق حدتها عن الطالب المعني، مرحلة استنفار عائلية بأعلى درجاتها تختلط فيها الأحلام، الضغط النفسي، الخوف، هواجس الموفقية، تحصيل معدل تراكمي يسمح بتحقيق طموحات الذات أو ربما أمنية النجاح الأعرج، فمعدل التحصيل هو الأساس بدخول بوابة القبول الجامعي، بالرغم أن واقع الدراسة في مدارسنا المنتشرة بربوع الوطن يفتقر للعدالة، فأنعدام المقارنة بين امكانات المدارس بأي من معطياتها يقف حاجزا منيعا ببؤرة التعميم، بدليل أن هناك اعتراف وزاري بوجود قائمة طويلة من المدارس الثانوية - وبأسف - تسمى المدارس الأقل حظاً اعتمادا على العديد من مؤشرات التقييم، ولو استعرضنا الحملات السنوية التي تحاكم هذا الامتحان، فهي موسمية، عنوان مشوق لأي وزير جديد لهذه الوزارة السيادية، فهناك ركن ثابت/ متغير يعتمد على قناعة وزير التربية الذي يشغل المنصب، لتتبدل هذه القناعة برحيله، ويؤسفني القول إن جميع التعديلات عبر تاريخ هذا الامتحان لم تناقش بقدر الأهمية والنتائج المتوقعة، فهي وليدة فكرة فردية، تطرح على مجلس يصادق عليها خشية عقاب الاعفاء او التقاعد حتى إذا تبرع أحد الأعضاء بالمناقشة، فهو يدرك ثمن جرأته المغلفة بالندم بإنهاء مسيرة الاجتهاد، وربما الاستشهاد بالتعديلات التي أقرت على أسس هذا الامتحان ابتداء من العام الجامعي القادم واقع يعطينا الحق بالمناقشة بهدف المحافظة على قيم هذا الامتحان المميز، فمثلاً، هناك تساؤل يحتاج لتوضيح عن فائدة زيادة عدد المواد التي يتقدم فيها الطالب حتى لو قُسمت هذه المواد لإلزامية باحتسابها في المعدل ومواد تحتاج لنجاح وزاري لا تدخل في المعدل العام، إضافة لتعديل سلبي كارثي بحرمان الطالب من إلغاء العلامة المحصلة لمادة أو أكثر شريطة النجاح فيها كما كان سابقاً.
 
استعراض ركن الأداء بين سنوي لمرة واحدة أو على فصلين دراسيين قد نال قسط من الاجتهاد والتغير بدون مبررات تعكس الواقع الايجابي للتعديل، فلو كان هناك خطة مدروسة لمراجعة ظروف الامتحان السنوية لما أصبحنا نجادف بقارب النجاة للامتحان وقدسيته، فمن الأداء لمرة واحدة سنوية انتقلنا للامتحان على فصلين دراسين، ثم عودة لأداء الامتحان لمرة واحدة بنهاية العام الدراسي لعدة سنوات، تلاها قرار جديد بتسرع غير مدروس بالعودة لنظام الفصلين والذي يشكل قبولا لدى المعنيين بالأمر من الطلبة والأهل والمعلمين، ولكننا تفاجأنا قبل سنوات بقرار مجلس التربية والتعليم لأداء الامتحان لمرة واحدة اعتبارا من العام الدراسي القادم، مع فاصل تهديد بإعدام الامتحان بدون مبررات مقنعة، فوجود منافسة حديثة مع الامتحانات الموازية والبديلة، يجب أن يكون سببا للحفاظ على رمزية الامتحان ومرونته بالاستفادة من ظروف المنافسة التي يجب أن تؤسس للتحسين المبرمج وليس العكس بإثارة موجات من الترقب والقلق بين الطلبة ضمن مسار سنتهم الدراسية الحاسمة التي هي مفتاح مهنة المستقبل.
 
للتوضيح، يمثل امتحان التوجيهي ركنا مميزا للمسيرة الدراسية وشمعة تربوية أضاءت الدرب فحافظت على الطريق الصحيح لتطور التعليم ويجب علينا جميعا أن نكون شركاء بتطويره، بالرغم أنه لا يحقق العدالة المطلقة، فالتفكير بإلغائه بدون بديل يحقق درجات المساواة بين الطلبة هو سلاح مدمر لمستقبل الجزء الأكبر من طلاب الوطن.