Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jun-2017

في منطق القول والتفكير - د. صلاح جرّار

 

الغد- ما زلنا في حاجة إلى أن نتقن منطق أقوالنا، لأنّ منطق الأقوال مرتبطٌ بمنطق التفكير، ولأنّ كليهما مرتبط بمنطقية أفعالنا، وكلّما كانت أفعالنا مستندة إلى أسس وقواعد من المنطق السديد فإنّ نتائجها تكون حتماً سديدة ودقيقة ونافعة.
 
ما زلنا بحاجة إلى أن نتعلم أنّ الأحكام التي تنطلق من قاعدة ثابتة متفق عليها ليست أحكاماً عشوائية، وأنّ رفض هذه الأحكام يجب أن يستند إلى مدى مخالفتها للقاعدة التي بنيت عليها وانطلقت منها، ومتى لم يجد رافض هذه الأحكام دليلاً على مخالفتها للقاعدة التي انطلقت منها، فإنّ عليه أن يختار بين أن يعترف بالحكم المبني على تلك القاعدة أو أن يعلن فساد القاعدة التي بني عليها، ولا بدّ له في هذه الحالة أن يحشد ما يمكن من البراهين والحجج والأدلة المقنعة على فساد تلك القاعدة. غير أنّه ليس من المنطق أن نذهب إلى التنكر للقواعد الأصلية التي توافقت عليها العقول كلّما ساءنا حكمٌ أو نتيجة بنيت على تلك القاعدة، أو وفق أهوائنا ونزعاتنا ومصالحنا الشخصية أو غير الشخصية. فإذا سلّمنا على سبيل المثال بمنهج الديمقراطية، فإنّه لا يجوز لنا أن نتنكر لهذه الديمقراطية إذا أفرز تطبيقها ما لا يرضينا. وكذلك يقال عن العدل والحرية وحقوق الإنسان أو أي منهج نرتضيه في حياتنا.
 
وثمّة وجه آخر من وجوه إتقان منطق القول والتفكير والعمل، أنّه لا يجوز الحكم بفساد النتيجة بإخضاع النتيجة لقاعدة أخرى غير التي بنيت عليها، فعلى سبيل المثال لا يجوز أن يقاس على الفاسد لتسويغ واقع فاسد أو الحكم بفساد واقع صالح، فإذا كان على سبيل المثال رجلٌ يصلّي ويصوم ويتصدّق ويكفّ أذاه عن الناس، لا يجوز أن نحكم عليه بأنّه فاسد لأنّ رجلاً آخر يصلّي ويصوم ولكنه يسرق ويغش ويؤذي الناس.
 
كما أن نجاح الفاسد لا يعني بأيّ حال تسويغ الفساد وقبوله، وأنّ نجاح المستبدّ في جانب ما من جوانب الحكم في بلده لا يعطيه الشرعيّة في ممارسة الاستبداد ما دمنا متفقين على أن الاستبداد في جميع أحواله مرفوض، لأنّ مضارّه أكبر بكثير من مكاسبه.
 
وفي منطق القول والفكر والعمل لا يصحّ أبداً أن نبدّل مقاييس الأحكام كيفما اتّفق حتّى نجد مقياساً يتفق مع أهوائنا، فالمقياس الذي نبدأ به علينا أن نستمرّ في الالتزام به إلى نهاية المسألة التي نتحدث عنها.
 
إنّ التنقل بين المعايير والمقاييس التي تنطلق منها الأحكام في مسألة واحدة وفق الأهواء والنزعات هو صورةٌ من صور خلط الأوراق تؤدي في الواقع إلى إضاعة الحقائق وتزويرها وتوظيفها في خدمة المصالح الضيّقة ونزعات التعصّب.
 
salahjarrar@hotmail.com