Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-May-2017

عن قمة «الحزام والطريق».. للتعاون الدولي - محمد خروب
 
الراي - على مدى اليومين الماضيين, التأمت في العاصمة الصينية بيجين قمة غير مسبوقة وبخاصة في بنود جدول اعمالها الطَموح, الذي هدف الى احياء طريق الحرير «القديمة», ولكن على أسس جديدة تتوسل تطبيق معايير تكنولوجية مُتطوِرة, واخرى تلحظ مصالح جميع الدول التي تمر فيها هذه الطريق, وثالثة ترى فيها تكريساً لمبادئ الشراكة والحوار وتعزيز السلام بين الدول؟, بعيدا عن لغة القوة وسياسات الاملاء والانانية التي برزت في اتفاقات دولية, واخرى ذات طابع اقليمي وثالثة اتخذ منها «الاقوياء» في السياسة والاقتصاد, وسيلة لابتزاز الآخرين ومنعهم من الاستفادة من ثرواتهم,تحت طائلة فرْض العقوبات او انتهاج مبدأ «الحمائية» متى شعروا ان الاتفاقات المذكورة لا تمنحهم السيطرة او تزيد من سطوتهم, كما نرى الان في محاولة الرئيس الاميركي ترامب المس – حدود الالغاء والشطب – للكثير من الاتفاقات الدولية التي وقعّت عليها بلاده, مثل اتفاقات التجارة الحرة مع دول النافتا (مثلا) واتفاقية المناخ التي لم يجف حبرها بعد مؤتمر باريس الاخير، ناهيك عن محاولة واشنطن ضرب قواعد «العولمة» التي كانت أحد ابرز الضاغطين والمروجين والحاثين على منحها الفضاء الدولي المناسب, وها هي الان تريد وضعها جانبا او تطبيق ما يؤمِّن منها مصالحها, وادارة ظهرها لغيرها من المواد والبروتوكولات. ولم نجد سوى الصين ــ اقلُّه في ما هو مُعلَن ــ «تتصدى» للتحذير من مغبة سلوك واجراءات كهذه، جاء التحذير الصيني هذا, ضمن كلمة الرئيس شي جين بينغ في مؤتمر دافوس الاخير.
 
ما علينا..
 
القمة التي انهت اعمالها يوم امس في بيجين, وانتهت بالتوقيع على بيان مشترك حول التجارة والترابط التجاري بين شركاء طريق الحرير الجديدة، كانت لافتة في عدد قادة الدول المشاركة, إذ زاد عددهم على 29 رئيس دولة ورئيس حكومة,إضافة الى ممثلين عن 130 دولة وعشرات المنظمات والشخصيات الدولية, كأمين عام الامم المتحدة ورئيس البنك الدولي ومديرة صندوق النقد الدولي.. الامر الذي اضفى اهمية استثنائية على الخطط التي تم طرحها من قبل المُضيف الصيني, حيث يوصَف المشروع الذي يحمل اسم «حزام واحد وطريق واحد» بانه «مشروع القرن» وهو مشروع تبنّاه شخصيا الرئيس شي بينغ منذ العام 2013 ولم يتباطأ العمل عليه والترويج له ورصد الموازنة الخاصة به, والتي كشف عنها الرئيس الصيني في كلمته الافتتاحية للقمة, عندما تعهّد تخصيص (124) مليار دولار لمشروع طريق الحرير, ليكون طريقا «للسلام ولمّ الشمل والتجارة الحرة»، في الوقت ذاته الذي دعا فيه الى «نبذ النماذج القديمة للتنافس ودبلوماسية العاب القوة»..
 
الرسالة الصينية واضحة والمشروع طموح الى حدود اثارة مخاوف دول عديدة, بعضها مجاور للصين مثل الهند التي لم تشارك في القمة كونها ابدت حساسية ازاء مشاركة باكستان في «الطريق الجديدة» خصوصاً ان جزءاً منها سيمُر من منطقة كشمير المتنازَع عليها، وبعضها الآخر يتعلق بأوروبا حيث اثار ممثلو الاتحاد الاوروبي في القمة, شكوكهم ومخاوفهم بشأن ما وصفوه بـ»الشفافية والمناقصات العامة ومعايير حماية البيئة الدولية» التي ارادوا من بيجين ان تلتزم معاييرهم, وان توقِّع وثيقة خاصة في هذا الشأن، الا ان الصينيين... رفَضوا.
 
كان لافتاً ايضا سيطرة التجربة الكورية الباليستية التي اجرتها بيونغ يانع عشية افتتاح قمة حزام واحد وطريق واحد...على مناخات القمة, والتي سعت واشنطن الى استغلالها بالتحريض على كوريا الشمالية والإعتراض على مشاركة وفد منها في القمة (كان على مستوى وزير الخارجية), الاّ ان المضيف الصيني لم يمنح اهمية للاعتراض الاميركي بل وظهر وزير الخارجية الكوري الشمالي في الصورة التذكارية الجماعية التي التُقِطت بداية القمة, ورشحت انباء عن اجتماع تم بين الوفدين الكوري الشمالي ونظيره الجنوبي, وإن كانت اي نتائج لم ترشح عن ذلك الاجتماع الذي يأتي في وقت تم فيه انتخاب رئيس كوريا جنوبي جديد, يدعو الى انتهاج سياسة اكثر اعتدالا تجاه الشطر الشمالي, مبدياً استعداده للذهاب الى بيونغ يانغ لايجاد حلول لِأزمة متمادية, تُصرّ واشنطن التركيز عليها, من اجل تمرير مخططاتها العسكرية في تلك المنطقة الحيوية من العالم, والمرشّحة بأن تكون بؤرة توتر جديدة, اذا واصل الاميركيون عسكرة العلاقات فيها وتحديدا في بحري الصين الشرقي والجنوبي على حد سواء.
 
في السطر الاخير... قمة حزام احد وطريق واحد, تفتح الطريق على مشهد دولي جديد, يتم فيه اعادة تأهيل الدول الواقعة طول طريق الحرير الجديدة, وتربط شعوب نحو من 60% من سكان العالم, وتُسهِم في انتاج 30% من الناتج المحلي الاجمالي العالمي.. فضلا عما توفِّره من امكانات وفرص عمل وتعاون في مجالات عدة, قد «تُقنِع» اصحاب الرؤوس الحامية واصحاب الرساميل الضخمة ونادي المجمع الصناعي العسكري الأكاديمي في الولايات المتحدة الأميركية, بان المستقبل هو للتعاون والحوار والشراكة والاحترام المتبادَل للمصالح والخصوصيات الثقافية للشعوب والسلام, وليس للحروب والهيمنة والاستعلاء ومزاعم «الإستثناء الأميركي» التي تدّعيها واشنطن وافقار الشعوب وعسكرة العلاقات الدولية.
 
kharroub@jpf.com.jo