Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Dec-2017

الفصل الضائع من الزمن العربي ؟ - محمد كعوش

الراي -  البداية لم تكن خطأ، رغم الهزائم والانكسارات والكبوات، لأن روح الأمة لم تهزم وارادتها لم تنكسر، وظل لنا الأمل، ولكن اليوم، مع انسحاب الزمن العربي الى الخلف، وظهور هذه الموجة المتوحشة التدميرية التي أتت بها أدوات عربية وأقليمية لصالح اجندات خارجية ، هناك من يقود الأمة كلها الى خارج التاريخ أو حافة الهاوية ، وهو المشهد الذي يجعلنا نتساءل: الى أين يأخذنا قطار الحاضر ؟

لا أحد يستطيع متابعة التفاصيل الشيطانية، أو الألمام بكافة جوانب المشهد بصورته السريالية، بسبب تسارع الأحداث وحركة التغيير في المصالح والأهداف والتحالفات في منطقة تتناسل فيها الحروب والأزمات على مدار الساعة.
امام هذا الواقع المدمر نتسلح بما بقي فينا من روح عربية في محاولة لإستعادة الفصل الضائع من الزمن العربي الجميل، ولكن هذه المعارك المفتوحة التي لا تنتهي، المدعومة عربيا واقليميا ودولية اضاعت صرخة الروح واستغاثة الدم، وحوّلت الجرح النازف الى أزمة وجود تهدد الهوية العربية ، وتعيدنا الى مرحلة ما قبل الدولة ، بفضل من اصابتهم العاهة الطائفية التي استقطبت غرائز الشارع عبر توظيف المقدس.
لكن قبل النهاية بقليل تكشفت تفاصيل لعبة الدم المتوحشة، الموشحة بالتسمم الروحي والأخلاقي، والمعبرة عن كل معاني حداثة الأنحطاط وانتهازية التحالف ، كما بانت اهدافها المتمثلة بتخريب النسيج المجتمعي وتفكيك الدول وتدمير الأسلحة وحل الجيوش لتنفيذ مراحل مشروع التقسيم المشبوه ، واقامة دويلات طائفية وعرقية في شرق اوسط جديد.
هذه الحروب التدميرية التفكيكية ، التي استهدفت اكثر من بلد عربي ، كان هدفها منح الزمن الأسرائيلي فرصة التحرر من كل الضغوط ، والتحرك في كل الأتجاهات لأخراج اسرائيل من عزلتها ومن أزمتها ، واطلاق يدها لأكمال مشروع التهويد والتوسع في الأستيطان ، وبالتالي التحكم بمسار مستقبل المنطقة لمنع اقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة !!
كيف نفسر هذا الالتباس للناس في وقت لم يعد فيه العدو واحدا أو مشتركا ، وبوجود الكثرة التي اصابتها اللوثة المذهبية المتطرفة المشبعة بالتعصب ، وبعض المثقفين الذين يعيشون حالة من الأغتراب والتناقض ، وينقلبون على ذاتهم امام كل منعطف ؟
الخطير في الأمر أن لا أحد يشعر بالخزي من هذا الأنهيار العام ، وألأخطر أن بعض اللاعبين المعنيين بالصراع القائم ، لم يقرأ التاريخ ولم يفهم الصهيونية على حقيقتها كحركة استيطانية توسعية ، لها فكرها ومعتقداتها الخرافية القائمة على البندقية والتوراة ، وأن اسرائيل بلا حدود ثابتة ، بحيث ترك قادتها لجنازير الدبابات مهمة رسم حدودها التوسعية حسب الفرص التاريخية. المتاحة ، والتي عززها الربيع العربي الذي هو في الحقيقة « الربيع من أجل التطبيع»!!
نراهم بوضوح رغم الغموض ، هم ، واقصد اللاعبين الذين يدعمون المسلحين المتطرفين بالسلاح والمال ، بحيث تهنا في الصراع الدموي الهدام ، نجحوا الى حد ما في خلط الأوراق والأولويات ، فجاءت النتائج في صالح اسرائيل واهدافها ، لدرجة التفكير باعادة احياء المشروع الصهيوني الكبير ، واصبحت تلعب منفردة لأنها غير ملزمة بتقديم اي شيء للمفاوض الفلسطيني يتجاوز اعتباراتها الأمنية المطاطة.
لذلك لم تلتزم الحكومة اليمينية المتطرفة في تل ابيب بتطبيق بنود معاهدة اوسلو ، التي وافقت عليها ووقعتها قبل 23 عاما ، واكتفي قادتها بادامة الحديث عن سلام فارغ من العدالة والحق من اجل كسب المزيد من الوقت فحسب ، حتى انهم تمردوا على قوانين الشرعية الدولية.
هذا السلوك المتعنت سببه الموقف الأميركي الملتزم بامن اسرائيل ، اضافة الى التزام واشنطن المطلق بالدعم السياسي والعسكري للكيان الصهيوني ، وآخر مبادرة هي اطلاق وعد ترمب بنقل سفارة واشنطن الى القدس باعتبارها «عاصمة اسرائيل اليهودية» ، دون مراهنة على شكل وحجم ردود الفعل العربية والأسلامية على هذا القرار ، وهي المشكوك فيها منذ البداية!