Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Apr-2014

كرامة المواطنين وهيبة الدولة* توجان فيصل


الراية القطرية-
لا حديث الشارع الأردني الآن سوى قصة ضرب رئيس الحكومة بالحذاء. وهو ما توقعته الحكومة فعمدت من فورها لمصادرة كافة كاميرات الإعلاميين، وهو بحد ذاته إجراء قمعي. وحجم التعاطف الشعبي، إن لم نقل التأييد للفاعل والذي يمكن أن يعيد إشعال المسيرات والمظاهرات بدءا بمن تجمهر حول مبنى محافظة جرش حيث احتجز الفاعل، ألزمت بأن يطلق سراحه لاحقا بما قيل إنه إيعاز من ذات رئيس الحكومة، وقد يكون أوعز له ممن يملكون أمره بأن يبتلع كرامته.
ومن يملكون أمر هذه الحكومة تحديدا هم كامل مجموعة المتنفذين الذين لم يأتوا بالنسور لمنصب يقتتلون عليه إيثارا له، بل جيء به من صفوف البرلمانيين لأنه ارتضى أن يتخذ كل القرارات البغيضة ضد الشعب والتي تخدم مصالح هؤلاء المالية والسلطوية زاعما أنها قرارته هو، ليعودوا هم للمناصب وقد استنفدت أخطر "عبواتها المتفجرة" . وقبول النسور للمهمة يعود لنقطة ضعفه المعروفة تجاه المنصب والتي عرف منها استماتته في إرضاء من يملكون منحها، و ظهرت بوضوح عند تسميته نائبا للرئيس في حكومة عبد الكريم الكباريتي بدرجة أحرجت الكباريتي فاضطر للجمها.. فكيف إن أسمي "دولة الرئيس" ؟!
وهي نقطة ضعف قد تبدو هينة مقارنة بأغلب من سبقوه ممن ضعفهم في فسادهم الهائل. بل إن نقطة ضعفه تلك ساهمت في تلطيف أجواء الغضب من إجراءاته الجبائية، بفيض من النكات الشعبية حول "مواكبه" الضخمة التي بدأ يجول بها بلدته التي لفترة قريبة كان يقضي زياراته فيها ماشيا، وتموضعه للكاميرا منذ لحظة تكليفه، وعودته له لحظة يرى كاميرا توجه نحوه، ما أنتج كما من الصور غير الموفقة تتعمد الصحافة الساخرة والغاضبة استعمالها، دون أن يبدو أن الرجل اتعظ .. ولكن انتشاءه بالمنصب أنتج عنجهية غير مسبوقة عند أول لقاء شعبي مع حضور أرادوا محاورته رغم كل ما لحقهم وبذات شأن ما يلحقهم من صنوف الإذلال بإفقارهم في جباية جائرة، وصلت حد إعلانه عقابهم بمنعهم من الحديث، وهو ما فجّر عبوة الكرامة الشخصية والوطنية المهدورة، فغلب الجد القاتل على الهزل الذي جسده المشهد حسب الشهود، فقلب مواطن واع ومسؤول بحذائه سكرة المنصب على صاحبها، وبات على الرئيس المنتشي أن يغادره بهذه الصورة .
أدنى درجة من المنطق تحتم ترحيل الحكومة كونها باتت بلا هيبة تصد عمن يقف خلفها . فمن قبل ألزم رشق مجلس نواب بالأحذية والبيض الفاسد ترحيله وترحيل الحكومة التي أتت به.. ولكن حتى مجلس النواب التالي الذي انتشى الرئيس الحالي بتطويعه لجهة عدم اتخاذ الحكومة للحد الأدنى من الإجراءات المتوقعة إثر مقتل القاضي الأردني زعيتر، وصولا لاستصدار ثقة مجددة به من ذلك المجلس، أدى لقذفه هو أيضا بالأحذية كما المجلس السابق .
ومن غرائب الصدف أن يصيب الحذاء وزير العمل والسياحة (في طريقه للرئيس كما قال الخبر كون الأشرطة المصورة صودرت) ، والذي فجر ابنه موجة غضب شعبي على الفيسبوك قبل أيام فقط باتهام سائق سيارة "كيا" بأنه تشاجر معه عند إشارة حمراء فقط لأن" الناس غاضبون مني لأنني أقود سيارة إس كلاس مرسيدس، أعتقد أن علي استبدالها بلامبورغيني" مضيفا في وصف سائق الكيا "هذا ما يصفه أمثالنا بالحاقد .. المرء لا يستوعب نفسية هولاء المرضى الرجعيين في هذا البلد " . وحين اضطر ابنة الوزير للاعتذار نتيجة الاستياء الشعبي، قام عمه (الذي كان عين مديرا لمكتب الرئيس واضطر للاستقالة بعد شهرين حين تسرب خبر التعيين الذي اعتبره الشعب تنفيعا) بالدفاع عنه مستنكرا اعتذاره ومكررا توصيفات ابن أخيه ذاتها للشعب متعجبا هو أيضا "أكل هذا لأن عمر يركب مرسيدس" ومضيفا تهما من مثل عدم تصدي هؤلاء للفاسدين ولا لمقتل القاضي زعيتر ..إلى آخر ما جرى قمع الشعب لأنه يعترض عليه، مستشهدا بالحديث الشريف "اليد العليا خير من اليد السفلى" ، فيما الجاري هو إفقار للشعب على يد حكومة وزرت شقيقه وتعيينه هو بعض مؤشرات نزاهتها !
والمساس بكرامة الشعب جرح قديم تفتق . فقبل عقد من الزمان وقبل تفاقم الإفقار والجباية من جيوب المفقرين، الزم حال "كرامة المواطنين" أن تثار في لقاء مع رئيس الوزراء حينها فيصل الفايز أثناء زيارته لمدينة إربد (منذ انتفاضة الربيع الأردني لم يعد رؤساء الحكومات يجرؤون على زيارة المحافظات وأول خروج لجرش أودى لحادثة الحذاء) ، فجاء رد الرئيس "نحن مع كرامة المواطن ".. ثم استدرك بقول عجيب " ولكن ليس عندما تتعارض مع هيبة الدولة "!! وها هو حال هيبة الدولة حين جرى استسهال هدر كرامة المواطن!