Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jun-2017

الكوكبُ الورديّ ! - د. لانا مامكغ
 
الراي - عُقدَ اجتماعٌ سرّي في فجرِ ذلك اليوم، حين كان الأزرقُ الدّاكنُ ينسحبُ بهدوء أمامَ الوهج الرّهيف في الأفق المُعتم... وسكنت أصواتُ الغابة ترقّباً، وطال انتظارُ ساكنيها إلى أن انبثقت من مكانٍ ما غيمةٌ وردّيةٌ شفيفة لتنسابَ مرتفعةً وسطَ ابتهالاتٍ هامسة للأشجارِ والأعشابِ والكائنات... ثمّ لتبتعدَ ممتزجةً بخيوطٍ من ضوء الشّمسِ التي أطلّت لترمي على الأشياء غلالة من نورٍ آسر لم تعرفْه الدّنيا من قبل...
 
عندَ ظهيرة اليومِ نفسه، وفي قاعةٍ مغلقةٍ مُعتمة؛ وخلالَ اجتماعٍ لعددٍ من الرّجال المقطّبين تحت غمامةٍ من دخان السّيجار... قرّرَ رئيسُهم إلغاءَ الصّفقاتِ جميعِها وإنهاءَ الاجتماع... ليقفَ الحضورُ مصفّقين مهللّين للقرار، ثمّ ليخرجوا من المكان وقد علت ملامحهم فرحةٌ غامضة !
 
في مكانٍ آخر، وداخل قبوٍ مظلم مُحاطٍ بحراسةٍ مشدّدة، كان ثمّة خبيرٌ يضعُ الّلمساتِ الأخيرة على السّلاح الأحدث... ليجدَ نفسَه فجأة يُتلفُ البرنامج والوثائقَ المتّصلة به، ويخرجَ سريعاً وقد علت أساريرَه بهجةٌ طفولية !
 
ساعةَ العصر؛ وفيما كان أحدُ الحكّام على يخته الفاخر يستعدُّ للانطلاق في رحلة بحرية مع عائلته وحاشيته، وفي اللحظة التي احتضن حفيدَه الصّغير، وجدَ نفسَه يطلبُ مهاتفةَ رئيسِ الدّولة المجاورة ليتفقّ معه على التّهدئة وتحويلِ ما يُنفق على التّسليح بينهما إلى مشاريعَ تنمويةٍ مجتمعية تقضي على الفقر في البلدين على السّواء... وهللّ الأخير للمبادرة ليعلنَ لشعبه النّبأ؛ فعمّت الأفراحُ في البلدين معاً...
 
عندَ المساء؛ وفيما كان أحدُ المستثمرين يجلسُ مع مديره الماليّ للاطّلاع على الأرباح المتوقّعة من بيع المجمّعات السّكنية الأخيرة... سرحَ في الأصفار العديدة... ثمّ ليقرّر فجأة تخصيصَها للشّباب المقبلين على الزّواج بأقساطٍ رمزية ودون فوائد... وكلّف لجنةً مختصّة للمتابعة !
 
وتابعت وسائلُ الإعلام في مواقعَ مختلفة الأخبار المتعلّقة بتحويل مستشفياتٍ استثمارية ضخمة يملكُها أطّباءٌ مرموقون إلى مستشفياتٍ خيريّة للفقراء !
 
وضجّت وسائلُ النّقل بأعدادِ المسافرين المتوجّهين إلى بعضِ البلاد للتّطوع ومساعدةِ ضحايا الحروبِ الأخيرة...
 
وانشغل العالمُ بالتّغييرات... في الوقت الذي انشغلَ فيه العلماُءُ بتحرّي السّر وراء التّحوّلات، لكن دون جدوى، كما رصدت الأقمارُ الصّناعية تحوّلَ لونِ كوكبِ الأرض من الأزرق المضمّخ بالأحمر القاني... إلى اللونِ الورديّ الباهر!