Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2018

جذور الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة - بلال حسن التل

الراي -  كثُر الحديث في هذه الأيام عن الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، وهو حديث يذكرنا بحقيقة تاريخية راسخة ، سبقت كثيراً إتفاقية وادي عربة بين الأردن والكيان الصهيوني التي يعتقد الكثيرون أنها هي التي أعطت للأردن الحق في الإشراف على الأماكن المقدسة في المدينة المقدسة ، وهو الحق الذي أكدت عليه فيما بعد الإتفاقية الموقعة بين الأردن والسلطة الفلسطينية والتي رسخت مفهوم الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة.

 
ليست إتفاقية السلام او الإتفاقية الموقعة بين الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية هما السند القانوني والشرعي للوصاية الهاشمية، على الأماكن المقدسة في القدس، لكنهما وثيقتان أكدتا المؤكد، فأصل الوصاية الهاشمية على القدس والأماكن المقدسة يعود إلى ما هو أعمق في تاريخ ووجدان الأمة، وله علاقة بموقع القدس في عقيدتنا كمسلمين، ظلت القدس قبلتنا الأولى في الصلاة لسنوات طويلة، منذ أن فرضت الصلاة على المسلمين في معجزة الإسراء والمعراج، التي أظن أنها البداية الحقيقية تاريخياً وعقدياً للوصاية الهاشمية على القدس ومقدساتها، ففي معجزة الإسراء والمعراج أم رسول االله في بيت المقدس أنبياء االله في الصلاة،وهي إمامه تعني بالنسبة لنا نحن المسلمين أن الدين عند االله واحد، وأن تعددت شرائعه، لذلك فإن من صلب عقيدتنا أن نؤمن بكل أنبياء االله وكتبهم وأديانهم، كما أن من واجبنا أن نحمي مقدسات هذه الأديان، التي قَبل أنبياؤها إمامة محمد عليه السلام لهم في الصلاة، وعندي أن هذه بداية الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة التي صار علي المسلمين حمايتها بصرف النظر عن الهوية الدينية لهذه الأماكن مسجداً كانت أم كنيسة إن إسراء محمد إلى القدس، وعروجه منها بعد صلاته إماماً للأنبياء فيها، هو الأصل الشرعي والعقيدي للوصاية الهاشمية على المدينة المقدسة، وهو المفهوم الذي كرسته العهدة العمرية، فقد جاء عمربن الخطاب لاستلام مفاتيح مدينة القدس بصفته خليفة رسول االله عليه السلام وقد استلمها من بطريركها صفروينوس، الذي أصر على تسليم المدينة للخليفة لأسباب دينية لدى البطريرك، وعند قراءتنا لنص العهدة العمرية سنلاحظ دون كبير عناء أنها تجسد مفهوم الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، فقد نصت العهدة العمرية على إعطاء أهل المدينة « أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقمها بريئها، وسائر ملتها أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم،ولا ينقص شيء من أحوالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار منهم أحد، ولا يسكن احد معهم من اليهود»، إن هذا الجزء من العهدة العمرية يمثل صلب مفهوم الوصاية على الأماكن المقدسة وخاصة المسيحية منها.
 
هذا هو أصل الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة التي كلفت « آل البيت « من الهاشميين الكثير الكثير من العزم, فقد خسر الشريف الحسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى عرشه وملكه لأنه رفض أن يتنازل عن شيء من فلسطين،وظل يمارس وصاية الهاشميين على الأماكن المقدسة في المدينة من ذلك أنه عندما التقاه وفد أبناء فلسطين عام 1924 وجددوا له البيعة، وأكدوا الوصاية الهاشمية على القدس، مارس جلالته هذه الوصاية عمليا عندما تبرع رغم ضيق ذات يده بثلاثين ألف ليرة ذهبية، تم فيها الإعمار الهاشمي الأول للمسجد الأقصى، وهو الإعمار الذي توالت مراحله إلى يومنا هذا، ترسيخا لمعني الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في المدينة المقدسة.
 
خلاصة القول في هذه القضية:إن الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة ليست وليدة العقود الأخيرة، لكنها جزء من عقيدة وتاريخ الهاشميين « آل البيت «، ولعل هذا هو السبب الرئيس وراء موقف الحسين وإصراره طيب االله ثراه على أن تنص إتفاقية السلام على ما يعزز مفهوم الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، ومن ثم استثناء أوقاف القدس من قرار فك الارتباط الإداري والمالي بين الضفتين.
Bilal.tall@yahoo.com