Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Aug-2019

عقوبات أمريكية !!*كمال زكارنة

 الدستور-سياسة فرض العقوبات على بعض الدول والشعوب التي تنتهجها الولايات المتحدة الامريكية ،كوسيلة وطريقة لتأديب الانظمة الحاكمة في تلك الدول ،واجبارها على الاذعان ومحاولة تطويعها وارغامها على الانحناء والسير تحت جناح الادارة الامريكية ،اقل ما يقال فيها بأنها سياسة تدميرية اجرامية بامتياز من المفروض ان يعاقب عليها القانون الدولي ،ومن الطريق ان بامكان الولايات المتحدة قلب الحقائق وتغيير الواقع وتشويه الصورة النمطية لاي دولة في العالم والباسها الصبغة «المارقة» والسلوك الارهابي ووضعها على القائمة السوداء وتعريضها لاشد العقوبات واسوأ انواع الحصار الاقتصادي الذي قد يتطور الى قطيعة كاملة .

لا يمكن لاحد ان يتنبأ برد الفعل الامريكي على سلوك وسياسة اي دولة في العالم ،وحتى تنجوا  الدول من العقوبات والحصار المختلف الوانه والمتعددة اشكاله ،يجب ان تتناغم سياساتها وسلوكياتها ونهجها مع الرغبة الامريكية وينسجم معها ،ودون ذلك فهي معرضة للعقوبات .
النظام الذي يصنف مشاكسا وفقا للتقييمات الامريكية ،فان فرض العقوبات على شعبه وبلاده وارد جدا وعليه ان يتهيأ له ،وقد يكون اي موقف سياسي من قبيل رفع يد ممثل دولة معينة في مجلس الامن الدولي او الجمعية العامة للامم المتحدة سببا وجيها للادارة الامريكية لفرض العقوبات والحصار على تلك الدولة ، وقد تكون زيارة زعيم دولة ما ،لدولة اخرى لا تربطها علاقات ودية مع واشنطن سببا في وقوع تلك الدولة في مصيدة العقوبات الامريكية ،وربما يودي تصريح صحفي لرئيس او مسؤول في دولة معينة ،باقتصاد ومستقبل تلك الدولة بسبب العقوبات الامريكية ،والامثلة على ذلك كثيرة .
كارت العقوبات الاصفر الذي يتلون بسرعة الى البرتقالي والاحمر ،جاهز والنسخ منه تملأ جيوب الرئيس الامريكي ،يستطيع رفعه والتلويح به وتطبيقه وهو في اي مكان في العالم ،على اعتبار  ان العقوبات سلاح فعال جدا ،وغير مكلف بالنسبة للولايات المتحدة ،لكن هذا النوع من السلاح يعتبر الاكثر فتكا وتدميرا على المستويين الشعبي والانساني وان كانت نتائجه تظهر ببطء ،فهو تجويعي اولا ويطيح بصحة الانسان ثانيا ،ويؤثر سلبا على جميع مناحي الحياة الاخرى ويؤدي الى تراجع مستويات المعيشة ،لان الفئة المستهدفة للعقوبات هي الشعوب قبل الانظمة ،من خلال زيادة الضغوط عليها لتحريضها ضد انظمتها الحاكمة وتحفيزها على مناهضتها والثورة ضدها ،وهي حسابات خاطئة في معظم الاحيان ،وغالبا ما تكون ردة الفعل الشعبية معادية للولايات المتحدة ،وتتحول المواقف الشعبية الى وطنية خالصة والتزام بالدفاع عن المصالح الوطنية والقومية وتزداد شعبية النظام وقوته مما يؤدي الى فشل سياسة واهداف العقوبات .
 والاكثر غرابة في الموضوع ،ان الولايات المتحدة تفرض في الغالب العقوبات على بعض الدول وتعاقب شعوبها بالتجويع والافقار والعوز والحاجة والتجهيل والمرض وغير ذلك من النتائج الكارثية الناجمة عن فرض العقوبات والحصار الاقتصادي ،تحت ذريعة معاقبة النظام واحترام حقوق الانسان ، فهي تقتل ملايين البشر بالتمويت البطيء بحجة العمل على انقاذهم ،يا لها من مفارقة عجيبة!!.
كلما اصطدمت الولايات المتحدة ،سياسيا او تجاريا او اقتصاديا او عسكريا في سياق الحرب الباردة ،مع دولة معينة تفرض عليها عقوبات تعتقد بأنها كفيلة لاجبارها على دخول الحظيرة الامريكية ،والانصياع لاوامرها وتوجيهاتها ومواقفها .
سياسة فرض العقوبات التي تتأثر بها الشعوب اكثر من الانظمة الحاكمة ،نهج امريكي تدميري تخريبي يفتك بالانسانية ،وتعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الانسان ،يجب التصدي لها دوليا وعدم المشاركة بها وحماية البشرية من شرورها .