Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Nov-2017

زواج! - د. لانا مامكغ

الراي -  دخلَ غرفة النّوم العابقة بعطرِها النّفّاذ ليقف عند الخزانةِ يُقلّبُ في ربطات عنقه حتى اختارَ إحداها، فيما كانت هي منشغلةً بوضع الّلمساتِ الأخيرة لمظهرِها. على الجدار، كانت ثمَّة صورةٌ لهما في حفل الزّفاف... وفي الزّوايا صورٌعديدةٌ أخرى التقطاها خلال شهر العسل.

في حين كانت بعضُ هداياهما المُتبادلة في مناسباتٍ معيّنة قابعةً في عتمة الأدراج المُقفلة بإحكام منذ زمنٍ بعيد...
وقفَ عند الباب لوهلة، ثمَّ مضى خارجاً، فتبعته لتجلسَ بجانبه في السيّارة ومضيا إلى السّهرة دون أن ينطقَ أيٌّ منهما بحرف.
كان الجميعُ بانتظارهما حين وصلا، فتبادلا معهم التّحيات والسّلامات الحارّة، وجلسا إلى المائدة وهما يبتسمان للرّفاق نساءً ورجالاً، وعمَّت المكانَ ثرثرةٌ، ثمَّ ارتفعت الضّحكات وسادَ الهرجُ والمرجُ... وسطَ ذلك كلِّه كان أحدُهم ينظرُ نحوهما بموّدة ليقولَ بصوتٍ عالٍ: « ما شاء االله، تزدادان جمالاً عاماً بعد عام، ربّي يخليكم لبعض... واالله كلّ ما أراكما أشعر أنَّ الدّنيا بخير ! «
فعلّق آخر بحماسة: « هذا أدعى لتغيير أفكارك السّيئة عن الزّواج يا صديقي، يعني الارتباط ليس مصيبةً بالضّرورة... أمامك نموذجٌ مشرق للموضوع ! « فضحك الحضور، وتعالت التّعليقات المرحة، وبدأوا بتناول الطّعام ليشاهدوها تبادرُ بوضع بعض الأصنافِ في طبقِه وتحرصُ على تقريب صنفٍ معيّن لناحيته... ليرتفعَ صوتُ أحدهم في الطّرف المقابل: « لاحظوا العناية والحنان... نيّالك يا عم ! « فأحاطَ كتفيها بذراعه وهو يقول: « حظّي حلو يا جماعة... بلا حسد لو سمحتم ! « فارتفعت الضّحكات مرّة أخرى لتميلَ إحداهن باتّجاه جارتها في الجلسة فتهمس: « لاحظي الذّوق والحركات الحلوة... مش مثل أزواجنا الأشاوس ! »
في لحظةٍ ما، اقترحَ أحدهم التقاطَ صورٍ تذكاريّة، ولمّا سلّط كاميرته عليهما، أمالت رأسَها باتّجاهه ، فأمسكَ يدَها وهما يبتسمان... بعد لحظات كانت الصّورةُ على مواقع التواصل الاجتماعي محفوفة برسائلِ الإعجاب والدّعوات لهما بحياةٍ مشتركة سعيدةٍ مديدة.
انتهت السّهرةُ أخيراً، فغادرَ الجميع وهم يتبادلون الوعودَ بلقاءٍ آخر، وخرجت معه أمامهم وهي تتأبطُ ذراعَه حتى وصلا إلى السيّارة، فجلست بجانبه، ومضيا عائديْن إلى المنزل دون أن ينطقَ أيٌّ منهما حرفاً واحداً.
دخلا بصمت، غيّرت ثيابها، استعدّت للنّوم، وتوجّهت نحو سريرها بهدوء، في حين جلس هو في الصّالة أمامَ جهاز التلفزيون ليبدأ في تقليب القنوات دون أن يستقرَّ على إحداها... بعد حين، وبعد أن تيقن من استغراقها في النّوم، آوى إلى السّرير قربها، وغفا...
في الصّباح، أفاقت هي على حركته وهو يستعد للمغادرة إلى العمل، فتظاهرت بالنّوم حتى خرج... فنهضت، وقضت يومها بشكلٍ اعتيادي مثل بقيّة الأيّام... هو أيضاً، قضى يومه في العملِ بشكلٍ اعتيادي مثل بقيّة الأيّام !