Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-May-2017

أفكار ومـشاريع - د. صلاح جرّار
 
الراي - قد تكون الفكرة التي يعرضها أيّ إنسان عاديّة وليس فيها ما يعدّ إبداعاً أو يشكّل إضافة جديدة، ولكنّ طريقة تنظيمها وعرضها وتحديد آليات تنفيذها والنتائج المرّجوة منها تجعلها تبدو فكرة رائعة رائدة متميّزة.
 
وفي المقابل قد تكون الفكرة التي يعرضها إنسان آخر فكرة جديدة خلاقة ولم يُسبق إليها، لكنّ سوء عرضها وتنظيم مفرداتها وغياب منهجية تنفيذها يجعلها تبدو فكرة هزيلة أو متواضعة.
 
إنّ أمّة العرب من الأمم التي تندرج في النوع الثاني الذي يمتلك الأفكار الخلاقة لكنّهم عند الفعل لا يحسنون ترجمة تلك الأفكار إلى فعلٍ نافع ينتفع به صاحب الفكرة نفسه أو المجتمع الذي ينتمي إليه. ولذلك كان الإنتاج النظري العربيّ غزيراً وباهراً، إلاّ أن الفعل العربيّ ظلّ قاصراً أمام عظمة تلك الأفكار.
 
وفي المقابل نرى كثيراً من الأمم المتحضّرة تحوّل الفكرة العادية إلى فعلٍ خلاق باهر ينفع الناس، وهذا ما يجعلنا –نحن العرب- ونحن نشاهد ابتكاراً أجنبيّاً نبادر إلى القول إنّ فكرته بسيطة وهي موجودةٌ في تراثنا.
 
لكنّنا يغيب عن بالنا أنّنا أبقينا على الفكرة وهي عندنا جامدة لا فعل لها، بينما أخذها غيرنا وطوّرها وحوّلها إلى جسمٍ نابض بالحياة ومؤثر في المجتمع والكون.
 
إنّني أومن أنّ الحضارة ليست بغزارة الأفكار ولا بجدّتها فقط، بل إلى جانب ذلك لا بدّ من العمل على إيجاد قنواتٍ تحيل هذه الأفكار بطريقة منظّمة ومنهجيّة ومدروسة ومخطّطٍ لها بدقة إلى فعل نافع ملموس. وبذلك أؤمن بقول الجاحظ قبل قرون بعيدة في الحديث عن علاقة اللفظ بالمعنى: إنّ المعاني مطروحةٌ في الطريق.
 
وأقول إنّ الأفكار مطروحة في الكتب والمخطوطات والأبحاث والمكتبات والجامعات والمؤسسات التعليمية والبحثية، وهي تحتاج لدينا من يحوّلها إلى مشاريع تخدم الأمّة وترقى بها وتعيد لها دورها في الإسهام في بناء الحضارة البشرية.
 
salahjarrar@hotmail.com