Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Nov-2017

دبلوماسية الحرير - سليم ايوب قونة

الراي - سواء عاد «سعد الحريري» من باريس الى مزاولة مسؤولياته كرئيس لوزراء لبنان ، البلد ذي السمعة الطيبة والهم الكبير خلال ايام كما جاء في الانباء أو زاد عن ذلك ، فستظل تفاصيل اسرار استقالته المفاجئة من خارج بلده ، مغلقة في وجه عامة الناس حتى اشعار اخر ، مع انه لا يخفى على أحد من عامة الناس هؤلاء ان أمر الاستقالة ملتحم عضويا بلعبة شد الحبل بين العواصم المهمة والمتنافسة على النفوذ في الشرق الاوسط! صيغة اخراج الحريري من الضيافة المريحة في الرياض وانتقاله الى باريس هي درس جديد في دبلوماسية الحرير التي تتقنها فرنسا بامتياز عندما يتعلق الامر بمنطقة أو بلد يعتبرها قصر «الاليزيه» تقع ضمن صلاحياته الوجدانية والادبية التاريخية كما هي علاقته بلبنان.

 
فضمن خيوط هذا النسج الحريري في فنون ممارسة النفوذ الفعال ينتقل رئيس وزراء دولة لبنان « سعد الحريري» الذي كان متواجدا على ارض صديقة في خطوة لافتة وذات دلالة الى مدينة لا تقل جاذبية وأهمية وهي باريس ، الى حين فك لغز استقالته كرئيس للحكومة منتخب من قبل البرلمان بالتوافق بين جميع أطياف المجتمع اللبناني ذي الاتجاهات والميول ، ما تناغم منها وما تعارض!
فهل تنجح دبلوماسية الحرير الفرنسية هذه في تحقيق أهدافها اليوم كما فعلت في الماضي غير البعيد في نفس البلد؟
أتذكرون العماد « ميشال عون» رئيس الجمهورية اللبناني الحالي عندما لجأ الى السفارة الفرنسية عام 1990 بعد اخراجه من القصر الجمهوري في بعبدا الذي كان يديره بصفته رئيسا للحكومة العسكرية التي شكلها بتكليف من رئيس الجمهورية المنتهية ولايته في ذلك الوقت « أمين الجميل» ؟ ثم مغادرته في اب 1991 الى فرنسا لكي يمضى فيها منفيا 15 عاما ، ثم عودته الى بيروت عام 2006 حيث شكل وترأس تكتلا سياسيا جديدا سماه «التيار الوطني الحر « الذي قام البرلمان اللبناني مؤخرا بانتخاب رئيسه رئيسا للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق العماد « ميشال سليمان» منذ عام 2014؟
 
ما اشبه اليوم بالبارحة مع فارق مهم واحد وهو ان الرئيس السابق « ميشال سليمان» لم يكلف قائد الجيش اللبناني العماد «جان قهوجي» بتشكيل حكومة عسكرية كما فعل أمين الجميل عام 1988 ، الذي انتهى عهده بتواجد حكومتين في أن واحد: واحدة عسكرية برئاسة العماد «ميشال عون» واخرى مدنية برئاسة الدكتور «سليم الحص» وكلاهما ادّعيا الشرعية الدستورية. أما في أحداث الأمس القريب في لبنان فقد كانت هناك حكومة تصريف أعمال واحدة برئاسة الاستاذ « تمام سلام» مع مجلس نيابي ممدد لنفسه لأجل الى حين التوصل الى انتخاب رئيس جديد كما حصل أخيرا في شخص « ميشال عون» على ان يكون « سعد الحريري» رئيسا للحكومة.
 
لكن العامل المشترك الحاسم في كلا السابقتين هو دور قصر « الاليزيه» في باريس الذي يتقن دبلوماسية من نوع خاص سواء في بيروت أو الرياض! ويبقى السؤال: ماذا سيقول «سعد الحريري» عندما يعود الى بيروت قريبا جدا كما قال ، وهل سيظل متمسكا باستقالته أم بكرسي الرئاسة ، اذ هناك كما يعلم الجميع من يدفعه نحو الاولى وهناك من يريده ان يبقى في الثانية ولكل طرف حججه وأسبابه!