Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-May-2021

استمرار الحرب على غزة ينطوي على خطر عال

 الغد-هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل 18/5/2021
 
في بداية يومها التاسع فإن المعركة بين إسرائيل وحماس توجد عمقا في مرحلة المراوحة بالمكان. رسميا يصفون لنا الصورة التالية: الجيش الإسرائيلي مستعد لمواصلة الهجوم المقبل بقدر ما يحتاج الأمر. وحتى الآن توجد لديه قائمة طويلة من الأهداف التي ينوي تفجيرها في قطاع غزة، حماس تستنجد من أجل وقف إطلاق النار، وإسرائيل ترفض بشكل عام مناقشة ذلك لأنه يوجد لديها، كما قلنا، الكثير مما ستفعله في غزة.
عمليا، الظروف مختلفة كليا، دائما توجد أهداف أخرى لمهاجمتها، لكنهم في الجيش يشخصون أننا قد وصلنا إلى مرحلة الإنتاج الحدّي المتناقص الذي فيه إنجاز آخر تكتيكي ومتراكم لا يساعد بالضرورة على تغيير نتائج المعركة. إسرائيل كانت ستكون سعيدة بإنهاء القتال لأن العمليات العسكرية حققت معظم ما أرادت تحقيقه وهي غير معنية بالدخول البري الى أراضي القطاع. والمجهول الأساسي هو حماس لأنه من غير الواضح تماما إذا كان قادتها، بلوروا موقفا موحدا حول مسألة إطلاق النار.
حماس بدأت أيضا تطرح مطالب حول تغيير الترتيبات المتبعة في الحرم، التي لا يمكن لإسرائيل الاستجابة لها. وأيضا هذا يمكن أن يعقد المفاوضات التي تجري بوساطة مصر والولايات المتحدة. وهناك صعوبة أخرى تتعلق بالجهاد الاسلامي: إسرائيل اغتالت أول من أمس قائد اللواء الشمالي في الجهاد، الأمر الذي سيحث الجهاد على اتباع أجندة منفصلة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار.
الجيش الإسرائيلي سجل عدة نجاحات ضد حماس. الاختراقة البارزة اكثر هي انتزاع الثقة بالنفس التي راكمتها حماس، بدءاً من القيادة وحتى النشطاء العاديون في المجال التحت أرضي الذي تم حفره تحت المباني والشوارع في القطاع. والمعلومات الدقيقة والقدرة التي راكمها سلاح الجو لحفر ثغرات عميقة تحت الأرض تقوض الإحساس لدى حماس بأن الأنفاق هي مكان آمن.
يبدو أنه في عدد من الحالات خاف نشطاء حماس مؤخرا من تلبية أمر الدخول الى الأنفاق. إنجازات أخرى تم تسجيلها في الإصابة المتزايدة للخلايا التي تطلق الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات ومواقع إنتاج السلاح والأعضاء الكبار في حماس والجهاد الإسلامي. بمعان كثيرة، أسبوع من القتال في هذه المرة يساوي سبعة أسابيع من عملية الجرف الصامد في 2014.
ولكن كل ذلك لا يغير الصورة الأساسية. إسرائيل خرجت (أو انجرت خلف حماس) إلى معركة هدفها هو الردع وليس الحسم. والأمل في أن عدة هجمات مفاجئة أخرى وعدة اغتيالات مؤلمة أخرى ستحسن بشكل جوهري ميزان الردع وتُطيل الفترة التي تريدها غزة لنفسها إلى حين المعركة المقبلة، لا تلغي الأخطار التي تكتنف استمرار القتال.
حتى الآن كان للجيش الإسرائيلي الكثير من العقل والحظ. في هذه الأثناء لم يتم تسجيل أي خسائر كبيرة بسبب قصف الجبهة الداخلية، رغم أن حماس تقوم بإطلاق صليات ثقيلة ومركزة أكثر مما كان في السابق. وفي الوقت نفسه تم إحباط معظم هجمات حماس. الجدار الذي بني على طول القطاع منع حتى الآن تسلل الخلايا عبر الأنفاق (الخلايا التي حاولت فعل ذلك إصيبت في الأنفاق في بداية القتال، ونحو 20 من أعضائها الذين هم نشطاء في قوة “النخبة”، قتلوا) والهجمات بواسطة طائرات مسيرة وغواصات مسيرة تم إحباطها.
ولكن عاجلا أم آجلا سيتشوش أمر ما، إما أن تسجل حماس إنجازا هجوميا مفاجئا يهز معنويات إسرائيل أو يتم اختطاف جندي أو يرتكب الجيش خطأ يؤدي الى قتل جماعي في أوساط المدنيين الفلسطينيين ويثير الانتقاد الدولي. مع ذلك، عدد المدنيين الذين قتلوا في الهجمات يرتفع بشكل حاد. في بداية القصف كانت النسبة بين النشطاء القتلى والمدنيين القتلى أربعة نشطاء مقابل مدني واحد. أما الآن، حسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية التي تقوم بنشر قوائم القتلى من النساء والأولاد، فإن النسبة تقترب من 1: 1.
هذه نتيجة متوقعة لمحاربة تنظيمات تعمل داخل التجمعات السكانية. نسبة الخسائر يتوقع أن تميل أكثر تجاه المدنيين كلما استمر القتال. هذه المعطيات أصبحت تثير عدم الرضا في عدد من الدول الأوروبية وفي وسائل الإعلام وفي الإدارة الأميركية والكونغرس. بالصورة التي كانت متوقعة جدا تتسع معارضة العملية في أوساط أعضاء الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي.
الانتقاد ربما تتم ترجمته في القريب إلى طلب متزايد من إسرائيل لوقف إطلاق النار. هنا تلعب دور العملية التي حصلت على اهتمام قليل في الساحة البيتية. السبت الماضي قصف سلاح الجو البرج الخامس للمكاتب في غزة منذ بداية القتال بعد أن أمر المدنيين بإخلائه بشكل سريع. ومثلما في الهجمات السابقة التي يسميها الجيش “أهداف القوة”، تم تبرير هذه العملية بذريعة أن المبنى توجد فيه مكاتب استخدمتها حماس. ولكن المشكلة أنه تم تدمير مكاتب وكالة “اسوشييتد بريس” وقناة “الجزيرة” ووسائل إعلامية أخرى أيضا.
هذه العمليات تقلص الائتمان الدولي لإسرائيل الذي تراكمت فيه الدماء، ولا سيما في قصف حماس المتكرر لتل ابيب والمنطقة الوسطى. في إسرائيل المس المتعمد بوسائل الإعلام يثير بصعوبة الإجماع العام. وفي الغرب هذا يضاف إلى إدعاءات وسائل الإعلام الأجنبية (التي ينفيها الجيش الإسرائيلي) بأن الجيش الإسرائيلي خدعها بشكل متعمد عشية قصف الأنفاق الكبيرة في 13 الحالي.
إدارة بايدن طلبت توضيحات من إسرائيل عدة مرات، ووزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، أعلن بأن المعلومات التي تم عرضها عليه في المحادثات مع الإسرائيليين لم تقنعه بعد بأنه كانت توجد في المبنى منشآت لحماس بررت القصف. وفي قنوات غير رسمية، يبدو أن الولايات المتحدة تحث إسرائيل على الإنهاء إزاء عدد المصابين المتزايد. في وقت ما هذا الطلب سيصبح طلب علني.
الضفة تستيقظ
القتال في القطاع ينعكس أيضا على الوضع في الساحات الأخرى. مؤخرا سجل هدوء نسبي في التوتر في القدس وداخل حدود الخط الأخضر. والضفة في المقابل تقلق كبار الضباط في جهاز الأمن. فيوم الجمعة الماضي أجريت عدة مظاهرات صاخبة لإحياء ذكرى النكبة وأكثر من عشرة فلسطينيين قتلوا، اثنين منهم قتلا أثناء محاولة المس بجنود. ومحاولات تنفيذ عمليات دهس وطعن حدثت أيضا خلال العيد.
التصعيد في غزة يشعل الضفة ويؤدي إلى ارتفاع عدد محاولات تنفيذ عمليات من قبل أفراد. هناك تخوف أيضا من تشكيل خلايا محلية ستحاول تنفيذ عمليات إطلاق نار في الشوارع أو اقتحام مستوطنات لتنفيذ حملات قتل. في إسرائيل يقلقون من انخفاض مستوى التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومن قوة تضامن سكان الضفة مع نضال حماس.
الجيش الإسرائيلي توجد له الآن في الضفة 24 كتيبة، تقريبا ضعف ما يكون لديه في الأيام العادية. كتائب احتياط وكتائب نظامية تم نقلها إلى الضفة بدل فصائل حرس الحدود التي نقلت إلى حدود الخط الأخضر. ربما أن عدد القتلى المرتفع يرتبط أيضا بإدخال قوات أقل تدريبا إلى الضفة، وبالتحديد في وقت التسخين الأمني.
صعوبة أخرى تتعلق بالتنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية. رئيس السلطة، محمود عباس، يوجد تحت ضغط كبير إزاء التعاطف المتزايد مع حماس في الضفة. وإذا حدثت موجة عمليات في الضفة فربما ستفضل أجهزة الأمن الخاضعة له الوقوف في الجهة الأخرى ولن تتدخل. السلطة نقلت لإسرائيل رسائل تقول إنه بعد أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في القطاع ستكون معنية ببادرات حسن نية تجاهها في القدس، ولا سيما في الترتيبات حول الحرم، بهدف تحسين مكانتها هناك، وبالتالي تحسين وضعها في أوساط الجمهور الفلسطيني، وهذا الطلب أيضا هو جزء من المنافسة الداخلية مع حماس.