Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Oct-2018

على إسرائيل الاعتذار عن النكبة - ديمتري شومسكي

 

هآرتس
 
الغد- في مقال رده على مقالي بشأن الدعم الأميركي للأونروا، يدعي عِدي شفارتس (هآرتس 26/9)، أنه في حين أن الحركة الصهيونية عرفت كيف تتنازل عن مبدأ كامل أرض إسرائيل، وعن الأساطير القومية الرئيسة لها، فإن الفلسطينيين يواصلون التمسك بتعصب بتطبيق حق العودة داخل إسرائيل ولا يبدون أي استعداد للمرونة بما يتعلق بالأسطورة القومية الرئيسية لهم.
ولكن يبدو أن شفارتس نفسه، يدرك أن الجزء الأول من ادعائه الذي يتناول التنازل الصهيوني، يرسم صورة وردية جداً للواقع، حيث أنه يكتب: "إذا قرر الإسرائيليون عندما تحين الفرصة التنازل عن مناطق في يهودا والسامرة، فإنهم يقومون بذلك... بسبب أنه في جدول أفضلياتهم توجد السيادة والتوق لحياة تفوق السيادة الجغرافية على كل البلاد" أي أن شفارتس يعترف بأن الإسرائيليين لم يتوصلوا بعد لحسم بشأن التنازل الجغرافي بين نهر الأردن والبحر الأبيض.
يجدر توضيح هذه النقطة، وسنكتفي لهذه الغاية بمثال محدد واحد. في كل جولات المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن مسألة إصبع أريئيل كانت أحد نقاط الخلاف الرئيسة في المسألة الأساسية (حدود وجغرافيا)، نظرا لأن كتلة أريئيل، والتي تمتد على حوالي 20 كم على الأراضي الفلسطينية، وتقسم الدولة الفلسطينية المنتظرة إلى قسمين، لهذا فإن بقائها تحت السيادة الإسرائيلية لن تمكن فعلياً من إقامة دولة فلسطينية ذات قدرة على الوجود. علاوةً على ذلك فإنه تحت أريئيل يوجد الجزء الأساسي للخزان الجوفي لمياه الجبل، لهذا فإن ضمها لإسرائيل سيمنع تطبيق الحقوق الفلسطينية في مجال المياه. على ضوء كل هذا من المفهوم ضمناً أن الفلسطينيين لم يستطيعوا بأي صورة الموافقة على بقاء كتلة الاستيطان هذه بأيدي إسرائيل.
ولكن، كما هو معروف من ناحية الإسرائيليين فإن ضم أرئيل في كل اتفاق مستقبلي يعتبر أمرا (مجمعا عليه). في الوقت الذي فيه الخطوات الكولونيالية الأخيرة لحكومة المستوطنين في المنطقة مثل تحويل كلية أريئيل إلى جامعة وتدشين كلية الطب بها، تجسد بصورة بارزة أن طموح إسرائيل، هو عمل كل ما بوسعها لتخليد كل جزء من هذه المنطقة، التي بدونها ليس هنالك احتمال لقيام دولة فلسطينية قادرة على العيش.
أي أن هذا الميل المتصالح لتقسيم البلاد الذي يتحدث عنه شفارتس، والتي يوجد له حقا حضور متردد في الوعي الصهيوني منذ ان طرحت فكرة التقسيم من قبل فيكتور يعقوبسون منذ بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، موجود في أيامنا في حالة تراجع واضح.
حسب رأي شفارتش فإن الفلسطينيين لم يوضحوا في يوم من الأيام أنه ليس في نيتهم إغراق إسرائيل بملايين اللاجئين. هذا ليس دقيقاً. بالعكس، في قيادة م.ت.ف والسلطة الفلسطينية يفهمون ويدركون جيداً بأن التوق إلى تطبيق العودة لملايين الفلسطينيين إلى حدود إسرائيل ليس واقعيا.
هكذا، في 2004 تعهد ياسر عرفات أن حل مشكلة اللاجئين لن يقود إلى تغيير "الطابع اليهودي لإسرائيل". بهذا فقد أكد على أقواله سنة 2002 في مقاله في نيويورك تايمز والذي كتب فيه أنه يجب التفكير بتنفيذ قرار الأمم المتحدة 194 بشأن حق العودة بصورة تأخذ بالاعتبار مخاوف إسرائيل.
شاؤول أريئيل، والذي يبحث بصورة أساسية منذ سنوات عملية السلام الإسرائيل الفلسطيني يكتب في كتابه "حق التفكير"، بأنه بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو، القيادة الفلسطينية أعلنت بأنه إذا اعترفت إسرائيل بحق العودة وأظهرت ندمها على دورها في ديناميكية خلق مسألة اللاجئين، فإن الفلسطينيين يكونون مستعدين للاعتراف بالواقع الذي خُلق منذ ذلك الحين. الإسرائيليون من جانبهم يعتقدون أنه إذا لم يتم تطبيق حق العودة فعليا في المرحلة الأولى، فإن مجرد الاعتراف يحمل في طياته نهاية إسرائيل كدولة يهودية.
خلافات في الرأي بهذه الروح تم التعبير عنها أيضا في عملية انابوليس: في حين أنه حسب ما يقول صائب عريقات إن الفلسطينيين طلبوا بأن تعترف إسرائيل بقرار 194 وتستوعب 150 ألف لاجئ خلال عشر سنوات وتتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية وتبدي أسفها كجزء أساسي، فإن إيهود أولمرت الذي لم يوافق على قبول قرار 194 كمصدر للصلاحيات، تحدث بصورة رسمية عن 15 ألف لاجئ على الأكثر سيسمح بدخولهم لإسرائيل خلال 5 سنوات وأبدى استعداداً للاعتراف في أحسن الأحوال بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين، بدون تحمل المسؤولية أو الاعتذار.
بالإمكان ألا نحب المطلب الفلسطيني بدخول 150 ألفا لإسرائيل خلال 10 سنوات، ولكن من الواضح أن 150 ألفا ليسوا ملايين اللاجئين. أي أن من يواصلون الادعاء بشدة أن القيادة الفلسطينية تسعى لإغراق إسرائيل بملايين أحفاد اللاجئين ولهذا ليس لدينا شريك، يذرون الرمال في أعين الجمهور ويفضلون مواصلة شيطنة الموقف الفلسطيني.
علاوة على ذلك: في حين أنه بالإمكان فهم الصعوبة التي تجدها إسرائيل في أن تتبنى وبصورة مباشرة قرار 194، فإن أولمرت وجد السبل للتطرق له بصورة غير مباشرة، بواسطة الاعتراف بروح المبادرة العربية)، فإنه يجب الاعتراف بأنه بدون عنصر الاعتذار الإسرائيلي عن النكبة ليس هنالك إمكانية للتقدم لا في مسألة حق العودة ولا في عملية السلام بمجملها.
طالما تواصل إسرائيل التنصل من مسؤوليتها عن تخريب المجتمع الفلسطيني في 1948، عن طريق عرض طردهم والاقتلاع القسري لمئات الآلاف من المواطنين غير المسلحين والذين لم يكن لهم دور في القتال، وهي عملية رافقها في جزء من الأماكن تفجير بيوت، محو قرى من على وجه الأرض وأعمال نهب، والتي انتهت بالسرقة الرسمية للممتلكات الفلسطينية، كنوع من "المكافأة" المقبولة على رفض القيادة الفلسطينية تقاسم الوطن مع مستوطنين جاؤوا منذ فترة قريبة، يصعب تخيل كيف بالإمكان التوصل إلى مصالحة حقيقية مع الشعب الفلسطيني.
بالمقابل، عندما يستجمع اليهود الإسرائيليون قوّتهم ليطالبوا السماح من الشعب الفلسطيني عن الدور الأساسي لأمتهم في التسبب بالكارثة الوطنية الفلسطينية، حيث أن هذا الأمر يساهم في زيادة الشرف الوطني لإسرائيل، فإن من شأنه ربما أن يشجع القيادة الفلسطينية في تليين موقفها أكثر في مسألة حق العودة.