Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Aug-2017

اسمع كلامك يعجبني واشوف اعمالك استعجب ! - محمد كعوش
 
الراي - هذه العبارة التي شكلت العنوان قالها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مناسبة ما، انشرها اليوم بمناسبة ما سمعته من مصدر أميركي مؤخرا، وانا على يقين بان ليس كل ما تعلنه واشنطن هو الصحيح أو ما يمثل مقاصدها واهدافها في المنطقة، لأنها تبطن عكس ما تعلن في معظم الأوقات.
 
أعلن مصدرأميركي قبل ايام قليلة ان الولايات المتحدة لا توافق على الإستفتاء في كردستان العراق، وانها ترفض انفصال الشمال الكردي عن الدولة العراقية، انا أعرف انه كاذب لاننا نعرف تماما أن الولايات المتحدة تشكل مظلة أمنية وعسكرية للمشروع الكردي في الشمالين العراقي والسوري.
 
ولا يحتاج المراقب والمتابع الى الكثير من العناء ليعرف أن القوات الأميركية المتواجدة في شمال سوريا تقاتل لرسم حدود كيان كردي مستقل كخطوة أولية على درب تنفيذ مخطط التقسيم الذي يخدم المصالح الأسرائيلية. الحقيقة ان التدخل الأميركي في سوريا يتصاعد بمصاحبة تعزيز وتسليح هذه القوات التي تشير الى انزلاق الولايات المتحدة في الأزمة السورية تدريجيا، وقد تنامى هذا التدخل في عهد الرئيس ترمب الذي أوقف التنسيق مع موسكو في الساحة السورية.
 
اللافت أن القوات الأميركية التي غزت سوريا وتوغلت في شمال البلاد تسللت بالتدريج تحت عنوان محاربة الأرهاب والقتال ضد النصرة وتنظيم داعش، ولكن ما نشاهده يثبت عكس هذا الهدف المعلن، فالطائرات الأميركية تقصف المدنيين في الرقة، ولم نقرأ أو نسمع انها دمرت مواقع لداعش أو أي تنظيم ارهابي آخر، بل على العكس فالأنباء تؤكد أن واشنطن ما زالت تدعم وتسلح تنظيمات متطرفة تشتبك مع الجيش السوري.
 
والثابت أن الأدارة الأميركية تمارس ضغوطها على موسكو من أجل تثبيت وقف القتال في معظم الأراضي السورية، ليس بهدف السعي لتحقيق الحل السياسي للأزمة السورية، بل لتأمين مناطق آمنة لمسلحي التنظيمات المتطرفة، ولكسب المزيد من الوقت لتثبيت حقائق جديدة على الأرض تمنع تحرير كامل الأراضي السورية، كما تعرقل مشروع المصالحة والحل السياسي، وباعتقاد واشنطن أن على الزمن أن يعمل في مصلحة التنظيمات المسلحة المتطرفة، أي أن الادارة الأميركية تريد للزمن أن يكون ضابطا في صفوف القوات الأميركية المتواجدة في الشمال السوري.
 
ولكن ليس بالضرورة أن كل ما تعلنه واشنطن هو الصحيح، أو أنها قادرة على فرض ما تريد وترغب حسب شروطها، فنحن نرى أن التحالفات تتغير بسرعة وكذلك المصالح، بحيث ينقلب الحليف على الحليف، وهي تطورات تصب في مصلحة سوريا الدولة التي تماسكت فيها المؤسسات كما حافظ جيشها على وحدته في مواجهة هذه الهجمة متعددة الجنسيات، التي بلغت حدود الحرب الكونية. هذا الصمود سيغير الواقع على الأرض حتما، بعدما فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد نتيجة تحطم موجة الربيع العربي في سوريا. وهو الفشل الذي ستتقاسمه الأطراف الأقليمية والدولية المتورطة، والتي تعيش حالة نكران في هذه المرحلة، بعد انتهاء مهمة التنظيمات بتدمير أكثر من بلد عربي، وانهاك واشغال معظم الجيوش العربية.
 
في النهاية، وقبيل اسدال الستارة على التراجيديا العربية، استطيع القول ان الشوط قد انتهى، أن لم اقل ان اللعبة كلها قد انتهت وفشلت أهدافها المتمثلة باحياء الهوية الطائفية والدينية على حساب الهوية القومية العربية وقضايا الامة، واعادة تقسيم المنطقة، وانهاء الصراع العربي الأسرائيلي، وبالتالي تصفية القضية المركزية العربية، وأعني القضية الفلسطينية التي فشلت اسرائيل ومن يعاونها في انتزاعها من ذاكرة العرب، وبالتالي السطوة على حصة الشعب الفلسطيني من الجغرافيا العربية.
 
سيثبت التاريخ أن ما حدث في سوريا، وأن الدم الذي نزف بغزارة من هذا القلب العربي، شكل حدا فاصلا بين تاريخين.