Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Mar-2017

‘‘حرس الحدود‘‘: حدودنا محمية إلكترونيا وبشريا وبالعتاد
 
عبدالله الربيحات
عمان- الغد-  في الوقت الذي يحتضن فيه مخيم الركبان الحدودي شمال المملكة، لاجئين سوريين، عانوا الأمرين جراء أزمة بلادهم العالقة إلى اليوم، للهروب من جحيم حربها المحتدمة، تسبب المخيم نفسه بإيلام الأردنيين قبل أقل من عام، حين أقدم إرهابيون خرجوا من بين جنباته، على ارتكاب تفجير أودى بحياة سبعة شهداء من القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي.
"الغد" ووسائل إعلام مختلفة رافقت قوات حرس الحدود أول من أمس في جولة بالمنطقة الشمالية الشرقية، والتي تمتد على طول 430 كم على الحدود الأردنية السورية العراقية، تنتشر عليها ابراج وآليات عسكرية ودوريات راجلة، تراقب الحدود، وتترصد المتسللين، سواء أكانوا متجهين إلى المملكة أو إلى دول الجوار. 
في الجولة، التي رافق الإعلاميين فيها قائد حرس الحدود الأول العميد الركن بركات مشهور العقيل، ومدير التوجيه المعنوي العميد الركن عودة الشديفات، تتكشف وقائع حياة رجال حرس الحدود؛ عيون متيقظة، وأيد على الزناد، وآليات مجهزة ومستعدة للرد على أي تهديد، ولو كان بعيد المدى، فكل جندي هناك، هو عين تحرس الأردن، ويحتفظ بحق الرد على اي تجاوز مباشرة ودون الرجوع إلى أحد. 
هناك، وعلى مسار الخط الحدودي، تتكشف للعين المراقبة، جهود هؤلاء الجنود الدؤوبة، في منع أي تسلل أو عبث، وهو ما تلمسه في سيادة الهدوء، حتى ضمن المنطقة المحرمة، ما يظهر فعليا قدرة هذه القوات في السيطرة على الوضع، وضبط المنطقة الحدودية، لا سيما مع سورية، التي تشهد تدفقا كبيرا للاجئين.
وعلى مدار الساعة، كنا نرى أداء هذه القوات من كتائب وألوية حرس الحدود، وقدرتها على تأمين الحدود المتنوعة جغرافيا، وفي بعض أجزائها تكون وعرة جدا معيقة للحركة، ما يضاعف مسؤولية القوات التي تتبع إجراءات وقائية صارمة، لتأمين المنطقة من أي اختراقات أو اعتداءات أو تهديدات معادية ونشاطات غير مشروعة.
وإلى جانب هذا الجهد الوقائي والأمني، فإن حراس الشمال الأردني، يبذلون جهودا إنسانية راقية، لاستقبال وتأمين اللاجئين القادمين من سورية. وتقدم الاحصائيات التي اظهرها مرافقونا، أن عدد السوريين اللاجئين للأردن، وصل الى نحو 620 ألفا، منذ بداية الأزمة السورية قبل ستة أعوام.
ويظهر لنا مرافقونا في الجولة، أن هذا الرقم مسجل رسميا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مبينا أن هذه الاعداد تتعلق بمن وصلوا وأمن دخولهم عبر منافذ غير رسمية، وحصلوا على المساعدات الأولية، ومن ثم أودعوا في مراكز استقبال ونقلوا إلى مخيمات اللاجئين.
وبالرغم من غلبة الهدوء في اجواء المنطقة، فإن مرافقينا تحدثوا عن عمليات تصد، تكاد تكون يومية، منعت أثناءها آلاف عمليات التسلل والتهريب التي تفاقمت بعد تردي الأوضاع الأمنية في سورية.
ويؤكدون أن هذه المهمة ليست سهلة، بل أضافت إلى عملهم أعباء جديدة، لكنهم "لن يتوانوا" عن صد أي محاولات تسلل، لافتين إلى أن آخر هذه المحاولات جرت قبل أسبوعين، إذ اشتبكت القوات فيها مع 13 مسلحا، أصابت منهم اثنين، بعد محاولتهم عبور الحدود في شاحنة محملة بـ3346 كيس حشيش، و2220 حبة كبتاغون و86 ألف طلقة خرطوش و26 ألف طلقة "كلاشنكوف، إلى جانب أسلحة مختلفة.
يكشف من التقيناهم من حرس الحدود، أن الجانب الأردني الحدودي يتمتع بهدوء واطمئنان، بفضل السيطرة المحكمة عليه، في وقت يعيش فيه الآخرون على الجانب الآخر "أوضاعا صعبة وخطرة، لذا فإن ما يقدم عليه رجال حرس الحدود، هو منح اللاجئين السوريين، كل ما يطمئنهم في حال وصلوا إلى ساتر ترابي لحرس الحدود، لانه يمثل لهم "الجدار الأخير"، ويأتي كنقطة النهاية لرحلة طويلة وشاقة، هربا من ويلات الحرب في بلادهم.
لا يقتصر جهد حرس الحدود على هذه المهام، الأمنية والمعيشية للاجئين، بل يتجاوزها إلى تأمين هؤلاء اللاجئين صحيا، فقد افتتح في المنطقة مجمع الركبان للمعالجة الطبية والاستجابة المتقدمة في منتصف كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، ليستقبل حتى اليوم 1037 حالة، نسبة النساء والأطفال فيها 66 %، وجرى تحويل 51 حالة للمستشفيات الأردنية. 
يشير المرافقون إلى أن التفجير الإرهابي الذي تعرضت له نقطة حرس الحدود في الحادي والعشرين من حزيران (يونيو) العام الماضي، وتسبب باستشهاد سبعة جنود، أوقفت على إثره المساعدات لمخيم الركبان، لاسباب أمنية.
وكشفوا أن هذه المساعدات توقفت مؤقتا، إذ عادت ثانية، لتصل إلى 15 ألف أسرة سورية تقريبا، ولتشتمل على مواد غذائية ومياه وبطانيات وملابس واغطية بلاستيكية وغيرها من لوازم العيش، وذلك في نطاق جولة مساعدات أولى. 
يتحدث العميد العقيل قائلا إن "المنطقة التي استهدفت سابقا بتفجير إرهابي، نقلت إلى مقر جديد، وجرى تحصينها، وهناك اوامر للجنود في النقاط المتقدمة، بتطبيق قواعد الاشتباك والرد على التهديدات مباشرة"، موضحا أن الحدود "محمية إلكترونيا وبشريا وبالعتاد والعدة بنسبة تصل إلى 100 %". 
ويشير العقيل إلى أن مهام حرس الحدود تضاعفت في الأعوام الأخيرة، لـ"عدم وجود قوات أو عناصر أمنية في الجهة المقابلة على الحدود السورية والعراقية، كذلك جراء محاولة تسلل إرهابيين على شكل لاجئين"، مؤكدا أن الحدود مع العراق وسورية "آمنة ومحمية، والحركة تسير بشكل طبيعي"، لافتا إلى أن حرس الحدود، يرصدون كل ما يحدث، في نطاق عقيدة قتالية وأسلحة فعالة ومتطورة. وأكد أن "الحدود آمنة جدا بفضل نشامى القوات المسلحة، ومما زاد من أمنها، منظومة أمن الحدود الجديدة، والتي تغطي مساحة حدودية واسعة، وهي عبارة عن كاميرات مربوطة بشاشات عبر نظام (الويرليس)، تستطيع قيادات حرس الحدود في عمان والزرقاء مشاهدتها".
ويوضح العميد العقيل ان "كوادر القوات المسلحة، مدربة ومؤهلة، ومستعدة للقيام بواجبها في حماية الحدود"، مؤكدا جاهزيتها العالية، لـ"صد أي اعتداء وملاحقة الإرهابيين والمخربين"، لافتا الى انه بعد التفجير الإرهابي، خصصت ثلاثة معابر لمخيم الركبان، الأول للحالات المرضية والاثنان الآخران لتقديم المعونات، وكل من يعبرها يخضع لتفتيش دقيق.
ويضيف العقيل أن الحدود اغلقت بقرار سياسي، ترجمة لاستراتيجية عسكرية، بحيث تدخل الحالات المرضية فقط، وبعد تماثل أصحابها للشفاء يعادون لمخيماتهم، مضيفا أن "من يحملون الجنسية الأردنية، يجري التدقيق عليهم امنيا، ويسمح بدخولهم، لكن حتى اليوم لم نصادف أي حالة من هذا النوع". 
ولفت إلى أن المساعدات توزع وفق منظور واضح، إذ تصل حصة الفرد الواحد من المياه في مخيم الركبان إلى 12 لترا في اليوم، و25 لتراً في مخيم الحدلات، بحسب الين دوبيلكور المتحدثة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وفي هذا النطاق تؤكد دوبيلكور، انه "لولا تعاون قوات حرس الحدود، لما تمكنت الهيئات الأممية من ايصال المساعدات للاجئين السوريين في هذه المنطقة"، مؤكدة أن "الهيئات الاممية لم ولن تتخلى عنهم منذ بدء الاحداث في سورية قبل سبعة أعوام، وانهم معهم ولن يتركوهم وحيدين". 
سبعون ألف لاجئ سوري في مخيم الركبان، 10 % منهم يعتقد بأنهم من ذوي انتماءات متطرفة وفق العقيل، الذي بين أن حالات التهريب العام الماضي وصلت إلى 47، تورط فيها 131 مشتبها به، مقارنة بـ8 تورط فيها 13 مشتبها به خلال الربع الأول من العام الحالي، ووصل عدد محاولات التهريب العام الماضي إلى 22، تورط بها 35 مشتبها به، بينما وصلت العام الحالي إلى 9، تورط فيها 12 مشتبها به. 
ويشير العقيل إلى أن المضبوطات العام الماضي، تمثلت بـ34 ألف كف حشيش، و34 ألف حبة مخدر، و4 كغم هيروين، ونحو 700 رأس مواشي، وخمس قطع اسلحة وخمس آليات. 
ام نبيل اللاجئة السورية في الركبان؛ أكدت أن وضع المخيم الإنساني مترد، ولا يوجد فيه الا الماء، وهناك نقص كبير في الأغذية والخدمات الاخرى، بخاصة العلاجات الطبية، ولا مكان للعلاج غير المجمع الطبي الذي تديره منظمات أممية عاملة في الاستجابة الإنسانية على الساتر الترابي، لكن لا يمكن الوصول اليهم الا بالتنسيق بين قوات جيش العشائر والجيش الأردني. 
ام أغيد، لاجئة أخرى، أكدت أن تردي الاوضاع الإنسانية لا يمنع زيادة أعداد اللاجئين في المخيم، ما يزيد العبء ومعاناة اللاجئين هناك، في المقابل يؤكد اللاجئون الذين التقتهم "الغد"، حفاوة استقبال عناصر حرس الحدود لدى وصولهم للأراضي الأردنية، مشيرين إلى أن هذه المعاملة نبيلة وإنسانية للغاية.