Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Nov-2018

قانون الانتخابات حجر الزاوية والأساس* الدكتور علي عبد السلام المحارمة
 
تم طرح الدستور - 
 مفهوم الحكومات البرلمانية في سياق نقاشات وطنية تهدف للوصول الى سبل الارتقاء بالعملية السياسية واصلاح آلياتها لتفضي إلى نضوج النظام السياسي وقرارته ومخرجاته، وقد تسارعت هذه النقاشات على ضوء تفاقم الأزمات والتحديات الداخلية في كافة المجالات.
وقد أخذ هذا الحوار زخمًا إضافياً حول جدوى هذا النوع من الحكومات وماهيتها وامكانية الوصول لها عقب تبني الملك لطرح الحكومة البرلمانية في اوراقه النقاشية كسبيل للإصلاح السياسي والوصول لحالة من الديمقراطية الناضجة القابلة للحياة.
   وقد مكثت الحكومات البرلمانية بين التصورات التشاؤمية التي تعتقد بعدم امكانية الوصول لهذا النمط من الحكومات في المدى القريب، ومنها طرح حسن البراري وعامر بني عامر ناهيك عن الطروحات التي تعتقد ان اللّبس يكتنف الفكرة وتختلط أبعادها ودلالتها بين الطروحات النظرية والأكاديمية في ظل واقعنا وخصوصيتنا بحيث يتحتّم علينا وفقا للبعض الصبر لجيلين قادمين قادرين على إنضاج الفكرة وتجسيدها واقعيا، وعلى الطرف الآخر تجد المفرطين بالتفاؤل الذين يبشرون بنضوج الفكرة وإمكانية تطبيقها خلال سنتين فقط، وأبرز من يمثلهم رئيس الوزراء عمر الرزاز الذي وعد بإمكانية رؤية حكومة برلمانية قريبا.
    وبعيداً عن هذا الجدل بين المتشائمين والمتفائلين بإمكانية نجاح ونضوج هذه الرؤية، فلا بد من التعامل مع متطلبات الوصول لحكومات برلمانية ناجحة، واحسبها جميعها تتمحور بالأساس حول وجود قانون انتخابات صديق للطروحات السياسية الوطنية.
يأخذ قانون الانتخابات أهميته واولويته من حيث الجوانب التالية:
1-قانون الانتخابات هو حجر الزاوية الذي يشجع على تشكيل ائتلافات انتخابية تشمل مرشحين وناشطين من كافة مناطق المملكة ومكوناتها الاجتماعية تتبنى طروحات وبرامج تهم الناخبين وقضاياهم على امتداد الوطن، وتنصهر مكونات الوطن وتوزيعاته الجغرافية داخل هذه الائتلافات لتشكل حالة حقيقية للتشاركية السياسية المفقودة بين هذه المكونات التي تم إغراقها بطروحات إقليمية وفئوية ضيقة.
2-اعتقد اننا يجب ان نكون أكثر واقعية وصدقاً مع أنفسنا بعدم التعويل كثيرا على الأحزاب القائمة، فقد اثبتت تجربتها منذ عودة الحياة الديمقراطية وترخيصها عام 1993 حتى يومنا هذا ان غالبية الأحزاب القائمة لا يمكن الاتكاء عليها لتكون رافعة للعمل السياسي بالشكل المأمول؛ على الأقل حتى اللحظة، وربما يفضي وجود قانون انتخابات صديق للطروحات السياسية والبرامج الوطنية لميلاد عدد اقل من الأحزاب ولكنه اكثر فاعليّة وتجذرًا في الشارع الأردني، وفي ظل النمط العتيق من قوانين الانتخابات لن تبرح الأحزاب مكانها وزحامها المعيق وتشرذمها الذي جعل الغالبية العظمى من الأردنيين يتهكمون ويتندرون عند سماعهم لكلمة حزب في مجالسهم وندواتهم، لذا أرى ان يكون القانون القادم مرتكزاً على ائتلافات انتخابية ذات برامج وملامح واضحة اكثر من اعتمادها على وجود الاحزاب.
3-ان الحكومات البرلمانية تتطلب بالأساس وجود كتل برلمانية حقيقية التقى أعضاؤها قبل وصولهم للبرلمان حول مواقف ورؤى سياسية مشتركة، وبالتالي فإن وجود هذا القانون يعتبر متطلباً حقيقياً لخلق هذه الكتل بعيداً عن الكتل الهلامية التي تتشكل؛ تظهر وتختفي دون وجود اية أسباب أو مبررات برامجية أو فكرية سواءً لوجودها او لاختفائها.
4-قانون الانتخاب الصديق للطروحات السياسية لن ينهي أثر المظاهر السلبية التي طالما اكتنفت عمليات الانتخابات البرلمانية السابقة، لكنه حتمًا سوف يقلل من هذه المظاهر وأبرزها المال الأسود وشراء الذمم، ومن هنا سوف تنمو في ظل هذا القانون توجهات انتخابية أكثر وعيًا وتبنيا لمواقف سياسية وطنية واضحة.
5-آلية افراز المرشحين التقليدية كانت تعتمد على فرص النجاح والقبول بين افراد  المنطقة، تلك الفرص كانت تحددها على الدوام السيرة الذاتية للمرشح في خدمة  أبناء جلدته وتواصله معهم أكثر بكثير من فكره وطرحه الوطني والسياسي، وكم من حالة انتخابية شهدناها افضت لرسوب شخصيات وطنية سياسية لحساب شخصيات محلية كانت أكثر تماسا مع مجتمعاتها الضيقة المغلقة، وكل ذلك كان حصيلة القوانين الانتخابية السابقة العدوة للطروحات الوطنية والسياسية.
   ان التوجه لتقليل عدد النواب، والسعي الدؤوب للارتقاء بالعمل السياسي الوطني محكوم بالأساس في صياغة قانون انتخاب صديق للطروحات السياسية والبرامج الوطنية الشاملة البعيدة عن النظرة الضيقة والمغلق للوطن بحجم دائرة لا تعدو ان تكون أحد أحياء مدينة.