Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Sep-2020

حزب الكنبة الأردني.. اليقظة متطلباً أساسياً للإصلاح*سامح المحاريق

 الراي

من السهل معرفة الدوافع التي تقف وراء خروج الناخبين من بيوتهم، ويمكن توزيعهم تباعاً إلى تيارات رئيسية، يستقر في مقدمتها الناخب الذي يتوجه إلى مناصرة أحد أقربائه بناء على التأثير العشائري، والناخب الذي يمكن أن يفرط في صوته في لعبة المال السياسي، والتياران اللذان أخذا يشكلان الرافعتين الأساسيتين في تشكيل مجالس النواب السابقة يشتركان في تغييب التصور السياسي لشكل المجلس ودوره، فكلاهما يندفع وراء نزوة مؤقتة ولا يعنيه توابع قراره السياسي.
 
الصعب في المقابل هو التعرف على ما يدفع كثيرين أيضاً للتخلف عن المشاركة، وإن تكن في مقدمة المبررات الجاهزة أمور مثل عدم قناعتهم بأي من المرشحين، أو اعتقادهم بأن أصواتهم لن تغير شيئاً، وأن العشائرية والمال السياسي يسيطران على الانتخابات بشكل لا فكاك منه، إلا أن ذلك غير حقيقي، فالسبب الرئيسي في وجود مجلس نيابي لا يرضي الأغلبية السلبية، أو حزب الكنبة الأردني، هو العزوف المتكرر عن المشاركة.
 
كثافة المشاركة في الانتخابات تعني ضمنياً صعوبة وصول المرشحين العشائريين أو المناطقيين إلى المجلس، ومعهم معظم من يعتمدون على المال السياسي، فالنائب الذي يحتاج إلى أربعة آلاف صوت لدخول المجلس يمكنه أن يوزع استراتيجيته للحصول على نصف الأصوات من علاقاته الاجتماعية، وشراء النصف الآخر، أما إذا كانت نسبة المشاركة عالية واتضح أنه يحتاج إلى ثمانية آلاف صوت، فإنه سيدرك وقتها أن قدرته على التحشيد الاجتماعي محدودة، وسيجد أن تكلفة الحصول على ستة آلاف صوت أخرى ستكون أعلى من إمكانياته المادية، أو أن المحصلة ستكون سلبية.
 
يمكن أن صوت الفرد من أعضاء حزب الكنبة لن يكون مؤثراً للدفع بالمرشحين المتميزين إلى الحصول على موقع نيابي، إلا أنه سيجعل مهمة المرشحين الباحثين عن الوجاهة أو المصالح الاجتماعية معقدة وصعبة وغير مجدية بالنسبة لكثير منهم، وبذلك يمكن الخلاص من كتلة نيابية تعطي انطباعاً سيئاً عن العمل النيابي ككل، وهم النواب مدمنو الموافقة أو التغيب أو تفويت نصاب التصويت، أو النواب الذين يخلطون بين قبة البرلمان الأردني ومجلس الأمن الدولي.
 
من الطرق الاحتجاجية التي يمارسها حزب الكنبة عند المشاركة هي الدفع بأوراق بيضاء في الصناديق، وعدا بالطبع أنها لن تغير شيئاً، فإنها تنافي الواقعية السياسية وتجنح إلى تسجيل موقف رومانسي لا يغير من الأمر الواقع بشيء، وإن كانت هذه الممارسة المراهقة تجعل الفرد يشعر ببعض الإشباع النفسي متوهماً بأن قائمة المرشحين أمامه لا ترضيه ولا تعبر عنه، إلا أنها في المقابل تدفع بالأكثر انتهازية لاستكمال طريقهم تجاه التنعم بالمنصب والحصانة وربما المصالح المرتبطة به.
 
في جانب المرشحين تبدو الأمور على قدر كبير من التعقيد، فعلى المرشح في ظل القانون الراهن أن يحصل على دورة في علم الاحتمالات لتفيده من حيث المبدأ في اتخاذ موقعه داخل أحد القوائم، وأن يتحمل تعقيدات تسكينه داخل القائمة بالإضافة إلى عمله على استقطاب أصوات ربما لن يستفيد منها في النهاية، ومع ذلك، فالقانون ليس الإشكالية الرئيسية، فالمجالس السابقة جاءت على أرضية قوانين انتخابية متباينة، ولم تستطع الوصول إلى مجلس نيابي يلبي طموحات المواطن الأردني، ويتصدى للتشريعات الملحة ويفرض الرقابة على الأداء الحكومي بجدية ومسؤول?ة، فأين يكمن الخلل؟
 
الغيبوبة الحزبية تفسر جزءاً من التشوه في جانب المرشحين، والأحاديث حول نزاهة الانتخابات تبرر جانباً آخر، ولكن يمكن إضافة المرشحين الغائبين من بين الفاعلين الاجتماعيين الذين يعزفون عن الترشح مقابل حضور إعلامي مكثف، ونشاط ملموس في الصالونات السياسية، والكثير من النظريات المهدرة في حروب البث المباشر من مواقع التواصل، فهذه الفعالية الاجتماعية التي تغدق في الانتقاد وتسرف في تقديم الحلول بعيداً عن التحديات الواقعية تذهب هدراً دون أن تختبر في الأداء الفعلي.
 
وربما جزء من المسؤولية يمكن إحالته على الشباب أنفسهم وعلى المندمجين في عالم التمنيات السياسية، فما الذي يمنعهم من إقناع من يرونه مناسباً من الشخصيات المتميزة في أوساطهم الاجتماعية، وأن يشكلوا هم أنفسهم الفريق الذي يسعى لتقديم مرشحهم للمجتمع.
 
هل سيتحرك حزب الكنبة ويختبر قدرته على إعادة صياغة المعادلة الانتخابية، وهل سيخرج المرشحون الافتراضيون من مواقعهم النخبوية أو التوهمية للاندماج في معركة انتخابية حقيقية؟ الإجابة على هذا السؤال تعتبر جوهرية ومتطلباً أساسياً قبل إلقاء اللوم على أي مجلس نيابي قادم، والمشاركة الواسعة وإثراء قوائم المرشحين من شأنها أن تحدد خريطة واقعية للزخم السياسي في الأردن، وهذه الخريطة التي يمكن أن ينبني على تشخيص معالمها وتضاريسها أي إصلاح حقيقي مستقبلاً، لأن إصلاح الوضع الراهن على أساس النظر في التجارب النيابية الأخيرة لن ?كون مكتملاً أو ناجزاً أو حتى مجد دون الوقوف على بقية جبل الجليد الذي يستغل يوم العطلة المخصص للانتخابات في الراحة أو الزيارات أو الرحلات.