Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Jul-2019

الأوائل: وماذا غير الطب ندرس!*فهد الخيطان

 الغد-سجل امتحان التوجيهي بنسخته الجديدة أرقاما قياسية غير مسبوقة. فلأول مرة في تاريخ امتحانات الثانوية العامة يحصل طالب على علامة

“100 %”، أما التسعة الأوائل على الفرع العملي فقد حصلوا على نفس المعدل” 99,9″. 
انقسم الخبراء التربويون حيال هذه النتائج المبهرة، منهم من اعتبرها مؤشرا على نجاح نظام الدورة الواحدة للامتحان، وفريق ثان عدها فشلا لنظام الامتحانات.
لا شك في أن حصول طالب على علامة كاملة في جميع المواد، هي طفرة قد لاتتكرر دائما، ساهم فيها نظام احتساب العلامات المعتمد، وذكاء الطالب المتفرد، لكن التسعة الأوائل ليسوا أقل قدرا منه، فما يفصلهم عن العلامة الكاملة سوى عُشر واحد بالمائة، ومثلهم اعداد غير قليلة لطلاب حامت معدلاتهم حول علامة 99 صعودا ونزولا. هي إذا معركة أعشار تفصل بين فئة من الطلبة المتفوقين في مختلف الفروع، لكنها أكثر تركزا في الفرعين العلمي والأدبي.
أوائل الفرع العلمي دائما ما يكونون محط أنظار الناس، نظرا لصعوبة المواد العلمية مقارنة مع المساقات الأدبية، يضاف إلى ذلك أن طلبة “العلمي” المتميزين عادة ما ينتظرهم مستقبل بتخصصات ذات مكانة اجتماعية كالطب والهندسة.
وما فهمناه من تصريحات المتفوقين الأوائل، يؤكد بأنهم لن يخيبوا آمال المجتمع وعائلاتهم، إذ إنهم جميعا يمضون على درب أسلافهم، يستعدون لدراسة الطب، وفي الجامعة الأردنية تحديدا، وكان جوابهم موحدا “طب بشري طبعا”.
ماكينة القبول الجامعي لن تخذلهم وستحقق مرادهم. العشرة الأوائل على الأقل سينالون مقاعد طب بشري في “الأردنية”، لينضموا بعد سبع سنوات لجيش الأطباء في المستشفيات، هذا إذا لم يسافروا لإكمال تخصصهم في جامعات غربية، ولا يعودون من رحلة الاغتراب هناك.
لم يفكر أحد من المسؤولين عن قطاع التعليم والبحث العلمي بمقاربة جديدة للتعامل مع هؤلاء الطلبة الأذكياء، خارج معادلة القبول الموحد والمسار المحتوم نحو كلية الطب.
أوليس هناك سبيل آخر لتوظيف ذكاء وتفوق الأوائل غير إلحاقهم بكليات الطب؟ وهل يعقل أن طالبا نال 100 % أو 99 يمضي لمستقبله كسائر الناجحين؟
لا نميز بالفرص، لكن المميزين والأذكياء هم الذين تعول عليهم الدول والمجتمعات ليكونوا علماء المستقبل، وقادة النهضة العلمية والمعرفية. وبلداننا أحوج ما تكون لطبقة العلماء والمخترعين.
يستطيع الآلاف من الطلبة أن يدرسوا الطب ويتميزوا في عملهم مستقبلا، ولدينا فعلا مثل هؤلاء الكثير الكثير في جميع التخصصات. لكن على مدار سنوات التوجيهي الطويلة لم نتمكن من تخريج عالم مرموق أو تأسيس معهد أبحاث علمية يرفد البلد بعلومه وأبحاثه.
ينبغي أن نصمم برنامجا للاستثمار في الموهوبين والأذكياء، وفي الطليعة منهم الأوائل، وإيفادهم إلى جامعات عالمية عريقة للدراسة في مختلف التخصصات العلمية، والانخراط في عالم البحث العلمي، خاصة في العلوم الحديثة التي تدشن ثورة جديدة في المعرفة والتكنولوجيا بمختلف مجالاتها، على أن يعودوا لوطنهم لتأسيس مراكز أبحاث تصب في خدمة الصالح العام.
شبعنا طبا وهندسة، ولدينا من حملة هذه التخصصات الآلاف ممن لا يجدون فرص عمل، فلماذا نضحي بالمميزين منهم فقط لإشباع رغباتنا الاجتماعية وماكينة القبول الموحد التي تبلع الأخضر واليابس؟