Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Sep-2017

ولي العهد يضع العالم أمام مسؤولياته* د. نبيل الشريف
الرأي - في ختام كلمته البليغة المؤثرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، وضع سمو الأمير الحسين بن عبد الله، ولي العهد، العالم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما سقاية الشجرة المثمرة العطشى أو صب الزيت على النار المستعرة، أي أن المجتمع الدولي يستطيع أن يسلك طريق دعم الدول التي تجسد قيم التسامح و الإعتدال والسلام، وبإمكانه أيضا مواصلة سياسات الخذلان لهذه الدول، مما يؤدي إلى تمكين قوى الشر وتأجيج الغضب والكراهية والتطرف (أي صب الزيت على النار المستعرة).
لقد شخص سمو ولي العهد الواقع الذي يعيشه العالم حاليا بدقة وكفاءة منقطعة النظير، فسموه هو الأقدر على تحسس أوجاع وهموم الشباب ، وقد كان متحدثا بإسمهم أيضا من على منبر الأمم المتحدة إضافة إلى كونه ممثلا للأردن في المقام الأول.
ويقتضي الإنصاف القول أن قرار جلالة الملك باختيار سمو ولي العهد لإلقاء كلمة الأردن في الجمعية العامة كان قرارا حكيما بكل المقاييس، فقد رأى شباب العالم - وليس شباب الأردن فقط - في سموه أنفسهم ونظروا إليه على أنه قدم للعالم تطلعاتهم وهمومهم. ولولا جهد سموه لغاب صوت شباب العالم من على منبر الجمعية العامة للإمم المتحدة.
إن العالم يقف إذا على مفترق طريق، وقد صارح سمو الأمير الحسين بن عبد الله، ولي العهد، الأسرة الدولية بهذه الحقيقة التي لم يسمعها صانعو القرار العالمي ربما بهذا الوضوح وهذا التركيز من قبل.
إن الواقع المؤلم يشير إلى أن العالم مستعد أن يستثمر في شن الحروب وصناعة الأسلحة المدمرة ولكنه يفرك كفيه أسى وحسرة شاكيا ضيق ذات اليد إذا ما طلب منه دعم دولة مثل الأردن قامت وما تزال بأكثر مما هو مطلوب منها بموجب المعاهدات والإتفاقات الدولية في مجالات إستضافة اللاجئين ودعم عمليات حفظ السلام ومكافحة الإرهاب والوقوف مع كل القضايا العادلة ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
كما لم تقم دولة أخرى بما قام به الأردن في مجال نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر ونبذ خطاب الكراهية وتقديم الإسلام على حقيقته باعتباره دينا للاعتدال والوسطية. فقد جاب جلالة الملك العالم ليعرّف الأسرة الدولية بحقيقة الإسلام على ضوء التشويه الذي ألحقه بصورته المتطرفون والأرهابيون، كما انطلقت من عمان عدة مبادرات للتعريف بحقيقة الإسلام ومنها رسالة عمان وكلمة سواء وغيرها. فالأردن إذا شجرة مثمرة رغم عطشها، هي مثمرة بقيم الخير الذي تمثله للمنطقة والعالم، وهي مثمرة بقيادتها الهاشمية التي تصل الليل بالنهار عملا وعطاء خدمة لبلدها ودعما لسلام العالم، وهي مثمرة بهامات أبنائها التي ستبقى مرفوعة بالعز والكرامة شاء من شاء وأبى من أبى، وهي مثمرة بإبداعات الأردنيين وتميزهم في مختلف مجالات البذل والعطاء. نعم مثمرة ومتألقة، ولكنها عطشى - كما قال سمو ولي العهد - لأن ضمير العالم صامت، وهو لا يجد الموارد لمكافأة الخير، في الوقت الذي تتدفق فيه الأموال بلا حساب دعما للحروب وأسلحة الدمار.
أما السؤال الذي طرحه سمو ولي العهد في ختام كلمته وتركه - بدبلوماسية فطنة - لفهم من يريد أن يفهم - فهو: ماهي النتيجة التي ستترتب على هذا الوضع العالمي المختل، أي إغداق كل الدعم على الحروب والتسليح وإدارة الظهر لقوى الخير - وعلى رأسها الأردن - التي تستثمر في الإعتدال والسلام والتسامح؟
إن النتيجة المحتومة لذلك هي صب الزيت على النار الملتهبة وتأجيج التطرف والإحباط والتهميش ومشاعر الإقصاء والظلم التي يشتعل أواراها في العالم أجمع.
لقد وضع سمو ولي العهد المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، فلم يعد بإمكانه الإستمرار في المواربة، وعليه أن يختار بين دعم الدول التي وظفت كل طاقاتها دعما لقيم العدل والسلام وعلى رأسها الأردن، أو الإستمرار في تجاهلها وبالتالي صب الزيت على النيران المشتعلة مما يشكل أكبر تهديد للبشرية جمعاء.