Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Aug-2017

الغاء المادة (308) ..انتصارمغلف بمستقبل يحيطه الحذر والخوف
الراي - سهير بشناق
 
لاقى الغاء المادة 308 من قانون العقوبات ترحيبا ورضا من قبل المدافعين عن حقوق المراة ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني بعد ان طالبوا منذ سنوات بالغائها من منطلق ان هذه المادة مجحفة بحق الفتيات القاصرات اللواتي يتعرضن للاغتصاب وتبرئة مرتكب جريمة الاغتصاب بتزويجه الضحية.
 
و تنص المادة 308 الملغاة من قانون العقوبات السابق على انه « اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب جرم الاعتداء على العرض وبين المعتدى عليها اوقفت الملاحقة حتى لو صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه «.
 
و تحدثت المواد 294 و298 و 304 عن تجريم كل من واقع انثى « غير زوجته « او هتك عرض انثى يتراوح عمرها بين 15-18 عاما او كل من خدع بكرا تجاوزت 18 عاما من عمرها بوعد الزواج او فض بكارتها او تسبب في حملها...
 
وبالرغم من استقبال الغاء المادة 308 بالارتياح واعتبارها منصفة وعادلة بحق الفتيات القاصرات فان ذلك لا يعني تجاهل الاراء المطالبة بتعديل المادة وليس الغائها من منطلق ان لالغائها سلبيات وتعديلها القرار الافضل.
 
المحامية ووزيرة التنمية الاجتماعية السابقة ريم ابو حسان عبرت عن عدم رضاها على قرار مجلس النواب بالغاء المادة مبينة ان المطالبة كانت بالتعديل وليس بالالغاء.
 
واعتبرت ابو حسان ان قرار الالغاء سيوقع فتيات عدة بمشاكل عديدة كالاقدام على الانتحار والاجهاض واثبات النسب الى اطفال لقطاء في الطرقات والحاويات.
 
الوزيرة السابقة كشفت انه في عام 2015 كان عدد الفتيات القاصرات بدور الرعاية 79 فتاة منهن 69 فتاة مواقعة وليس اغتصاب الامر الذي اعتبرته الوزيرة عدم دراية بالفرق بين الاغتصاب بالقوة والاكراه وبين المواقعة برضا الفتاة.
 
واشارت ابو حسان ان تزويج الفتاة القاصر لمغتصبها في حالة الاغتصاب امر مرفوض جملة وتفصيلا لكن واقع الحال يشير الى اختلاف بالحالات التي تتعرض لها الفتيات القاصرات وهي علاقات تتم برضاها وفي حال وقع حمل فان حبس الجاني لن يسهم بحل مشكلة الفتاة التي في احوال عدة ترغب بالزواج بل ستعمل على اصرار المعتدي على عدم الزواج وعدم اثبات نسب الطفل بعد الحبس.
 
واضافت كانت هناك اراء عدة داخل مجلس النواب بتعديل المادة كأن يقضي المعتدي نصف مدة العقوبة بالسجن او ان يكون قرار الزواج بيد القاضي بعد التاكد من موافقة القاصر وليس بهدف الغاء العقوبة فقط عن المعتدي اضافة الى مقترحات بايجاد مراقبي سلوك كالمطبقة مع قضايا الاحداث بحيث تتابع وضع الفتاة بعد الزواج والتأكد من سلامتها وعدم تعرضها لضغوطات واستغلال بعد الزواج.
 
وبينت ان المقترحات كانت عديدة وكان يمكن الاخذ بها لمصلحة الفتيات ولعدم الاسهام بزيادة عدد الاطفال الذين سيولدون دون امل لهم بالعيش مع ابائهم وامهاتهم.
 
وتساءلت ابو حسان عن القوانين الاخرى التي تعاملت مع من هم دون عمر الثامنة عشر كقانون الاحداث الذي اعتبر سن المساءلة القانونية للحدث 12 عاما بعد ان كان تسع سنوات وقانون الاحوال الشخصية الذي سمح بتزويج الفتاة بعمر 15 عاما في حالات عديدة اضافة الى قانون العمل والتدريب الذي اتاح لمن هم باعمار 16 عاما بالتدريب ومن هم بعمر 15 عاما باعمال الادارة والتجارة اضافة الى تأكيدها على ان اتفاقية حقوق الطفل اعتبرت من هم دون الثامنة عشرة اطفالا ما لم ينص القانون الوطني غير ذلك في حين ان هناك قوانين عدة تعاملت مع من هم دون الثامنة عشرة واجازت لهم العديد من الامور.
 
واشارت الى ان هذا الجانب يقودنا حتما لاعتبار ان من لم تبلغ عمر الثامنة عشرة بعد ليست طفلة بالمفهوم العام وان الاصل التفريق بين الاغتصاب بالقوة وبالاكراه وبين المواقعة بينها وبين اخر بالرضا.
 
والتعامل مع الحالات بواقعها الحالي الذي يشير الى ان هناك حالات كثيرة كانت تحل بزواج الفتاة بخاصة اذا كان هناك رضا من قبلها وفي حالات وقوع حمل في حين ان حبس من واقع القاصر وهي عقوبة تستمر خمس سنوات حبسا لن يسهم في حل مشكلات عدة اهمها اثبات النسب في حال رفض من قام بفعل المواقعة بذلك.
 
مستشار قاضي القضاة المدير الاعلامي لدائرة قاضي القضاة الدكتور اشرف العمري قال ان الغاء المادة 308 من قانون العقوبات نقل ملف الفتيات القاصرات من مساحة الاغلاق ليكون ملفاً مفتوحا سيتم التعامل معه بمنأى عما كان سابقا من الموافقة على تزويج الفتاة القاصر التي تعرضت للاعتداء او المواقعة الجنسية وبين من قام بهذا الفعل برضا الطرفين فتسقط عقوبته او تحويل من محكمة الجنايات للمحكمة الشرعية برغبة الطرفين على الزواج وبالتراضي فيتم عقد الزواج.
 
واضاف العمري لم تتم في اي من الحالات دون عمر الثامنة عشرة وتتعلق بهذا الجانب تزويج الفتاة القاصر فقط لاجل اعفاء المعتدي من العقوبة وكان يتم رفض اتمام مثل هذا الزواج لهذا السبب او في حالة عدم موافقة الانثى وعدم رغبتها بالزواج خاصة في حالات عدم وجود حمل لان الهدف الاساسي مصلحة الانثى والتأكد من موافقتها على ذلك.
 
وفيما يتعلق باثبات النسب للطفل اشار العمري الى ان حالات اثبات النسب تبعا لقانون الاحوال الشخصية تتم من خلال الزواج اي تبنى حكما من خلال فراش الزوجية ومن خلال وجود عقد الزواج والاقرار من قبل الرجل بنسب اطفاله اليه او من خلال الوسائل العلمية والطبية اما في حال اثبات النسب للمرأة فيتم من خلال الولادة للطفل.
 
واعتبر العمري ان الحكم على الغاء المادة 308 من قانون العقوبات يحتاج للمتابعة على مدار السنوات القادمة بخاصة وان المادة الملغاة كانت تسهم بحل مشاكل عدة وتتسبب ايضا ببعض المشاكل الاخرى.
 
وبين العمري ان التساؤلات المطروحة بعد الغاء هذه المادة هل تنفيذ العقوبة بحق المعتدي سيسهم بانخفاض جرائم القتل واستمرارية الملاحقة بعد تنفيذ العقوبة وبعد خروجه من السجن وهي المتعلقة بجرائم الشرف ؟
 
هل سنحتاج لادخال تعديلات اخرى واضافية على المادة بناء على تغييرات اجتماعية ومعطيات جديدة ؟.
 
هل سنشهد حالات تبليغ اكبر لحالات الاعتداء على الفتيات القاصرات بسبب تنفيذ عقوبة الحبس بحق المعتدي ؟
 
وبين ان هذه التساؤلات ستبقى مطروحة قيد انتظار الاجابات عليها من واقع الحال والتعامل مع هذه الحالات خلال السنوات القادمة لاكتشاف ايجابيات او سلبيات الغاء المادة 308 من قانون العقوبات.
 
مؤكدا على جانب مهم يتعلق باعطاء اذن الزواج في مثل هذه الحالات الذي لم يحدث على ارض الواقع بهدف الاعفاء من العقوبة فقط انما كان يعطى اذن الزواج بحالات معينة بعد التأكد من رضا الفتاة التام وحدوث حمل والرغبة باقامة حياة زوجية بتراضي الطرفين.
 
وتبقى الاراء المختلفة بين مؤيد ومعارض لالغاء المادة 308 من قانون العقوبات حقا مشروعا.... لجميع الاطراف فمنهم من يرون الغاءها انتصارا لحقوق المراة وضمانة لها بالانتصار لكرامتها وحقوقها كاملة وعقوبة للمعتدي يجب ان تنفذ بحقه بعيدا عن ابرام عقد الزواج من عدمه.
 
ومنهم من يرى ان الغاءها سيتسبب بمشاكل اخرى اجتماعية ونفسية ومجتمعية تبدأ من حرمان الانثى القاصر من حقها بالاختيار والزواج ممن تريد بالرغم من مواقعته لها قبل الزواج بحيث سيسهم حبسه بزيادة وتعقيد قرار الزواج واثبات النسب للاطفال الى الازدياد بجرائم الشرف التي لن تنتهي فقط بحبس المعتدي بل ستبقى الى ما بعد ذلك بحكم التفكير المجتمعي السائد حول الملاحقة للجاني ولو بعد حين.الى وضع الفتيات في دور الرعاية وبقائهن قيد التوقيف حماية لهن في حال كان يمكن للزواج بحالات معينة وبشروط وبرضا الفتاة ان يوفر لهم فرصة حياة جديدة تعيشها دون حرمان الاطفال من حق نسبهم والعيش بكرامة تنتهي لحظة ابقائهم دون نسب.
 
فان كان الغاء المادة اصبح أمر حاصلاً وواقعنا فان المتابعة وقياس عدد الاطفال في دور الرعاية حصيلة مثل هذه الحالات واعداد الفتيات اللواتي يحتجن للحماية والرعاية بالمستقبل مؤشر يجب ان يبقى حاضرا لاكتشاف ايجابيات الغاء هذه المادة التي يعتبر الغائها اتصاراً للطفولة وللفتيات القاصرات على ان لا يأخذنا الانتصار الى مستقبل مجهول محمل بالعديد من المخاوف والتساؤلات لفتيات لا يزلن يعشن في الظلام .