الراي -  نقرأ في التاريخ ان بلقيس ملكة سبأ لا تقطع أمرا الا بالمشوره وان الزبّاء كانت اول من سك اسمها على العملة، وان جميلة وشقيلة كان لهما دور في حضارة الانباط، ونقرأ أيضا ان بعض العرب تجرأوا على وأد بناتهم، وان حروبا قبلية ثارت اسمها حرب البسوس وحرب داحس والغبراء، وان هناك دارا اسمها الندوة، كان يجتمع فيها كبار قريش ويتشاورون في القضايا المهمّة وان حلفا اسمه الفضول تداعت اليه قريش ان لا يظلم في مكة أحد، كائنا من كان، ثم تتولى قريش الحجابة والرفادة والسقاية، فيأكل ويشرب كل من يحج الى مكة ويخلطون الماء والزبيب زيادة في الإكرام، ثم تنتهى الحروب القبلية وتتوحد القبائل في اتجاه هدف واحد، وتتحول القبائل الى أمّة، تبدأ بالانتشار وتأخذ المرأة دورها في فترة مبكرة، فتكون نهيك الأسدية، محتسبة في زمن الرسول صلى االله عليه وسلم على سوق المدينة، وتستمر في عهد عمر ويكون في يدها سوط تؤدب الخارجين على النظام العام، ثم تدوّن الدواوين، ويكون ديوان العطاء مسؤولا عن كل فرد في الدولة، يأخذ عطاءه حتى المولود، ثم تصطف الأمة لتكون كلها تحت السلاح،لتتوجه نحو خارج  الجزيرة العربية، ويبقي المسلمون دواوين الفرس والروم ، بادارتهم القديمة، وبلغتهم الفارسية والرومية وعملتهم حتى سنة سبعين هجرية، ويبدأ العطاء الحضاري بحيث تجد كل أمة ذاتها في هذه الحضارة الجديدة، ويكون الموالي والفرس والترك والديلم والبويهيون، جزءا من النسيج الحضاري بل الاجتماعي أيضا، وتصبح اللغة العربية لغة الحضارة التى لا بد لمن أراد الاستفادة من الحضارة الجديدة ان يتعلمها، فيرسل ملك السويد سبعا من الأميرات للدراسة في جامعات الأندلس، ويوصى برسالة محفوظة في الارشيف الإسباني الخليفة عبد الرحمن الناصر بإحاطتهن برعايته، في بلد، شوارعه مرصوفة ومضاءة، وحضارته تنتج مئات الآلاف من الكتب، مكتبة عبد الرحمن الناصر فيها ثلاثمئة الف مجلد، ويصنع الورق، وتبنى الاساطيل ذاتيا بأسلحتها، ولا استيراد لاسلحة الجيوش، وتبقى مؤلفات المسلمين تدرس حتى القرن التاسع عشر في جامعات أوروبا بما فيها فرنسا وبريطانيا، هذا غيض من فيض في اطلالة سريعة على الماضي قبل الاسلام وبعده، إذن نحن أمة لها جذور وحضارة ولها مفتاح حضارة كان سببا في نهضتها الحضارية وقوتها العسكرية، وتماسكها الاجتماعي.