Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Jun-2018

الحسن بن طلال: القدس فوق مطالب السياسة والايديولوجية - يوسف عبداالله محمود

 الراي - «ضم الأراضي عدوانياً أكان أم دفاعياً، لا يمنح صاحبه حق السيادة» الحسن بن طلال كغيره من الهاشميين، من استشهد منهم ذَبّاً عن القدس الشريف ومن لا زال على قيد الحياة، يولي سمو الأمير الحسن بن طلال اهتماماً خاصاً بمدينة القدس الشريف، فهي موضع اجلال روحي من أديان التوحيد الثلاثة- اليهودية والمسيحية والاسلام، من هنا ينبغي ان تكون –كما يقول سموه- «فوق مطالب السياسة أو الايديولوجية أو الاستراتيجية القومية، ومن شأن السيطرة المنفردة على المدينة ان تسلبها طابعها الروحي». (الحسن بن طلال: الاعمال الفكرية، المجلد الاول، ص 466.( ما ذكره سموه لو تمت مراعاته من قبل اطراف الصراع الإسرائيلي/ الفلسطيني لانتهى الصراع وحلّ الأمن والسلام في المنطقة الملتهبة.

وفي حديثه عن نقل السفارة الاميركية الى القدس يقول سموه: «إن نقلها مناورة لتحقيق مكسب انتخابي
ولا بُد من مقاومتها».
ويضيف سموه قائلاً: «ومن الهراء التحدث عن شذوذ الوضع بالنسبة لسفارة الولايات المتحدة في اسرائيل،
فقد أقامت السفارة الاميركية في المملكة العربية السعودية لسنوات مديدة في مدينة جدة، مع ان الرياض
هي العاصمة ولم يخطر ببال احد في الكونغرس ان في هذا شذوذاً ينبغي تصحيحه، وهي حقيقة تجعل
الحملة الحالية مجرد الحكم سلفاً عن مسألة وضع مدينة القدس». المرجع السابق ص 466.
وفي تعليقه على وضع القدس «إن مبادرة الكونغرس لنقل سفارة الولايات المتحدة في اسرائيل الى القدس
فكانت بمثابة مصادقة من جانب اميركا على انتهاك صارخ للقانون الدولي. فللقدس وضع يمثل مشكلة قانونية معقدة. وفي ظل ادارة الانتداب البريطاني جُعلت السيادة على فلسطين، بما في ذلك القدس، سيادة مُعلقة، ريثما يقيم سكان البلاد دولة مستقلة. وبعد الحرب العربية الاسرائيلية الاولى في عام 1948 قسمت البلاد، واصبح الوضع القانوني للقدس غير محدد ريثما يُسوّى النزاع العربي الاسرائيلي تسوية نهائية». ص 465.
اليوم –مع الاسف- نرى الادارة الاميركية تنتهك القوانين الدولية بموافقتها على نقل سفارتها الى القدس
واعتبار هذه المدينة عاصمة لإسرائيل مُستخفة بالموقف الدولي.
أتساءل: اين انظمة لاهاي الملحقة بمعاهدة لاهاي رقم 4 لسنة 1907 ومعاهدة جنيف الرابعة لسنة 1949 التي
تحدد الصلاحيات والحقوق القانونية لدولة الاحتلال في اراضي الغير. هذه المعاهدات تؤكد ان دولة الاحتلال «لا
تكتسب سيادة على الأراضي التي تحتلها».
وهنا يُذكّر الامير الحسن بن طلال بمبادرة الرئيس الاميركي الراحل ريغان سبتمبر 1982 والتي دعت اسرائيل
الى تجميد بناء المستوطنات فوراً تسهيلاً لعملية السلام.
بالطبع لم تستجب اسرائيل لهذه المبادرة وبقيت حبراً على ورق. استمر نشاط بناء المستوطنات الى اليوم.
في البداية عُد هذا النشاط «غير شرعي» –وهو الوصف الصحيح- ثم اصبح فيما بعد يُعد «عقبة في وجه
السلام» ثم «عائقاً» لحل القضية الفلسطينية. المرجع السابق ص 467.
وهنا يستذكر سموه مقولة ريتشارد مورفي مساعد وزير الخارجية الاميركية الاسبق حين قال: «إذا أبت
الولايات المتحدة ان تصبح عاملاً يضغط على الاسرائيليين، كان هذا بمثابة تخلٍّ تام من جانبها عن دورها
كدولة عظمى تقوم بالوساطة». الصفحة نفسها.
يرفض سموه بشدة «تطبيق القانون الاسرائيلي على الاراضي المحتلة، لان ذلك انتهاك للأحكام المعترف بها
عالمياً والواردة في القانون الدولي.
الغريب انه رغم هذه الانتهاكات الاسرائيلية للقوانين الدولية فإن ثمة في الدوائر السياسية الاميركية من
يرون ان عبء السلام يقع على عاتق العرب وحدهم.
وفي كلام حاسم يقول سموه معلقاً على الانحياز الاميركي لاسرائيل: «.. أما الولايات المتحدة الاميركية، فليس من مصلحتها كدولة عظمى ان تعادي بقية العالم». ص 472.
أما السؤال الذي يجب توجيهه لأميركا فهو: لماذا لم يتم تطبيق القرار الدولي 242 الصادر عن الامم المتحدة
الذي يدعو اسرائيل الى رد الاراضي العربية التي تحتلها عام 1967 مقابل اعتراف العرب بها؟ لماذ الكيل
بمكيالين؟
اميركا تتباكى اليوم على الانتهاكات –حسب توصيفها- التي تتم في بلدان كفنزويلا وغيرها بينما تغمض عينيها عن انتهاكات اسرائيل! ترى متى تبصر اميركا الحقائق كما هي؟ متى تزيل الغشاوة عن عينيها؟
أنهي بهذه الكلمات لجلالة الملك الراحل الحسين بن طلال – رحمه االله- قالها في مقابلة أجرتها معه صحيفة «النيويورك تايمز» ونشرتها الصحف الأردنية 1984/2/16 وهي بحق كلمات مفعمة بالمرارة والأسى حيال
المواقف الأميركية تجاه القضايا العربية وبخاصة القضية الفلسطينية.
قال رحمه االله «اني قلق على اميركا، وان اكثر الامور مدعاة للأسى والأسف هو انني كنت على الدوام أومن
بالقيم والمباديء الشجاعة وأننا نشترك معها في ذلك كله. وانني أدرك الآن ان المباديء لا قيمة لها بالنسبة
لأميركا وأن القضايا القصيرة المدى ولا سيما في سنوات الانتخابات هي التي تطغى على الصورة، وهذا اكثر
ما يدعو الى الأسف والأسى، وأنا ما زلت أومن بأن المباديء هي الأمر المهم، واذا لم تكن كذلك، فإنه الطامة
الكبرى بالنسبة لنا جميعاً».
رحم االله المغفور له جلالة الحسين بن طلال ما كان احكمه وهو يسوق هذا التعبير الدقيق والجريء.