Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Jun-2017

ذكرى النكبة.. حكمة الحسين وهدي عبدالله الثاني - رومان حداد
 
الراي - تمر اليوم الذكرى الخمسون على حرب الأيام الستة، تلك الذكرى الأليمة التي رسمت ملامح المنطقة سياسياً طوال نصف قرن، وما زالت معضلة عصية على الحل.
 
حين نتذكر التاريخ ونعيد قراءته علينا أن نعاين تفاصيله بدقة وتأنىٍ، بعيداً عن ضغوط اللحظة ومنفتحين على ما نتحمل عليه من معلومات، كي يتحول التاريخ إلى درس يُستفاد منه وليس مجرد لحظة عابرة للذاكرة، نجترها دون فائدة.
 
في تلك اللحظة التاريخية كان للراحل العظيم الحسين بن طلال رأي وموقف لم يبرز كما يجب، فحجبته أصوات المعركة العالية، ومن بعدها دفعته الفجيعة، التي سميت عبثا بالنكبة، إلى زاوية عتيمة من الذاكرة، كان علينا أن ننبشها كي نتعلم الحكمة التي أضاعها الصوت العالي وصخب الخطاب التعبوي، الذي أجاده حينها جمال عبد الناصر، والصواريخ والدبابات وخبط أرجل الجنود على الأرض.
 
من عاش على مقربة من الحسين في تلك الفترة، وتحمل مسؤوليته في نقل ما كان يدور في الغرف المغلقة ليكون دروساً لنا في المستقبل، يؤكد أن للحسين رأياً في دخول المعركة، فهو كان يرى أننا يجب ألا نخوض المعركة، فهي معركة خاسرة لا يمكن الانتصار بها، وكان الحسين يخشى، وهو على صواب، أن حجم الخسارة لن تقوى عليها الأمة، وستبقى تلعق جراحها دون أن تشفى.
 
صوت العقل والضمير الحي الذي تجسد في صوت الحسين لم يسمعه القادة العرب، ومارسوا الضغوط كي يدخل الأردن أرض المعركة، فكان ما كان، وضاع من العرب في ستة أيام ما لم يفقدوه لقرون.
 
إنها ليست الأرض فقط، على أهميتها، ولكنها الروح المتقدة والقوة والثقة بالذات لبناء المستقبل، منذ لحظة النكسة والعرب غادروا الحاضر ولم يعودوا قادرين على رؤية المستقبل إلا بمرآة الماضي، ومنذ تلك اللحظة التاريخية فقد العرب مشروعهم الحضاري، واستكانوا لما يُظهر عليهم، فكان أن الأمة فقدت روحها.
 
ورغم أن جيشنا العربي استمات في الدفاع عن أراضينا في الضفة الغربية رغم فقدان الغطاء الجوي المصري الذي ضُرب على أراضي مطاراته، وقام بمهمة استخبارية عالية المستوى لمعرفة ساعة الصفر، وتم إرسال التنبيه من مقر القيادة في الأردن للقيادة المشتركة في مصر، إلا أن الرسالة ضاعت في فوضى الصخب الناصري في الهواء أو بين أوراق الملفات على مكتب الرئيس عبد الناصر، و(عنب) التي كانت كلمة السر التي انطلقت من الأردن للتنبيه ببدء الهجوم الإسرائيلي على مصر لم تصل، إشارة أولى لأخطاء كثيرة وكبيرة أدت لهزيمة العرب في الحرب.
 
ولكن علينا التذكر أن الحسين الذي خانه الظرف والتحشيد الصوتي الناصري، وإذاعة صوت العرب، وضعف النخبة السياسية وضعف قدرتها على إقناع العقول بعيدا عن لهفة القلوب، لم يفقد بوصلته، وظل قادراً على قراءة ما بين السطور وحتى قراءة الممحي منها، وهو ما دفعه إلى رفض الدخول في حرب عام 1973، حيث اكتشف بعد أن أرسل الحكيم زيد الرفاعي للقاء الرئيس المصري أنور السادات، أن حرب 1973 هي حرب (تحريك) وليست حرب (تحرير)، وهو ما ظهر لاحقا، حين ذهب الطرفان المصري والإسرائيلي إلى كامب ديفيد، وهي المفاوضات التي رفض الراحل الحسين، بنظرته الثاقبة، الدخول في معمعتها، لعدم ربط مسار المفاوضات المصري بمسار المفاوضات على الضفة الغربية.
 
اليوم ونحن في منطقة مشتعلة ويعاد ترسيمها سياسياً وجغرافياً، يقف الأردن في ذات الخانة، حيث يجب ترجيح العقل على الأصوات العالية والمتوسطة من الدخول في المعادلات المعقدة للمنطقة، وعلينا أن نحدد بكل وضوح مصالحنا الاستراتيجية والحيوية، أي مصالحنا الوطنية العليا، وأن لا نخشى ما يتطلبه منا الحفاظ على مصالحنا، وهو ما يمكن أن نلاحظه كنهج واضح لدى عبدالله الثاني، لعدم تضييع مركزية القضية الفلسطينية أمر في غاية الأهمية، ويبقى أن نحدد بوضوح دورنا في حل الأزمة السورية، دون أن نكون أسرى المقولات الجاهزة والمعلبة، فمصلحة الأردن أعلى وأولى.