Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Apr-2017

مواقف المساحات الرمادية ! - صالح القلاب
 
الراي - المفترض أن حتى الإنسان العادي، وكل الأردنيين عاديين، بات يقدر ويعرف أنه لم يعد هناك لون رمادي لا في هذه المنطقة ولا في العالم صاحب القرارات الحاسمة.. فإما أبيض وإمّا أسود ولذلك وإذا كان باراك أوباما ومعه إدارته «الهاملة» قد أوقعنا في إرباكات وإرتباكات كثيرة وبخاصة تجاه القضايا ليس الساخنة وفقط بل الملتهبة في منطقة إختلط فيها الحابل بالنابل والواضح أن عدم إستقرارها سيتواصل لفترة غير قريبة وأن متغيرات كثيرة ستستجد خلال هذه الفترة .
 
والمعروف حتى في الطبيعة وليس في السياسة فقط أن اللون الرمادي هو أسوأ الألوان فالذين يهربون من الفرز ومن تحديد المواقف والذين يختارون موقع الوسط عندما يأخذ الإصطفاف حالة إما هنا وإما هناك سيكونون الخاسرين في النهاية لأن هؤلاء وأولئك لن يكونوا راضين عن موقف اللاموقف هذا وأقل ما يمكن أن يقولوا عنه أنه ذروة الإنتهازية.
 
لقد بقي البعض، بعض العرب، يتعاملون مع ما جرى في سوريا والعراق.. وأيضاً في اليمن بطريقة:»رِجْلٌ في الفلاحة ورِجلٌ في البور» وبقوا يتعاطون مع هذه الأزمات «خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف» وكانت النتيجة، كما هو واضح كل الوضوح، أن هؤلاء إنْ هم لم يسارعوا إلى إعادة النظر بإصطفافاتهم، التي كانوا وربما لازالوا يعتبرونها شطارة سياسية، فإنَّ قوافل كل هذا الذي سيجري في هذه المنطقة ستتجاوزهم وسيبقون على قارعة الطريق.. وقد يدفعون الثمن غاليا في النهاية !!.
 
الآن بعد مجيىء دونالد ترمب، أطال الله عمره وكثَّر أمواله وثبته على هذا الموقف الذي بقينا ننتظره لثمانية أعوام عجاف، لم يعد هناك بالنسبة للصراع في هذه المنطقة إلاّ خياران فإما هنا وإما هناك.. وإلاّ لونان إما أسود أو أبيض.. وبوضوح أكثر إمّا في صف الولايات المتحدة والتحالف الغربي وإما في صف الروس وتحالفهم البائس مع نظام بشار الأسد وكوريا الشمالية وإيران وهكذا فإن من سيواصل الوقوف في المساحات الرمادية سيكون الخاسر الأكبر.. وسيكون :»لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير».. واللهم إشهد!!.
 
هناك الآن حروب طاحنة محتدمة في هذه المنطقة وهناك عمليات فرز ألوان لا تقبل لا التحايل.. ولا «الهمبكات» ولا الضحك على الذقون.. فإما مع الذي حرقوا أطفال خان شيخون بالمواد الكيماوية وإمّا مع الذين ردوا على هذه الجريمة بتسعة وخمسين من صواريخ «توما هوك» .. لقد أصبحت الأمور واضحة فهناك الذين يتنقلون بإجتماعاتهم الكسيحة بين موسكو وطهران.. وهناك الذين باتوا ينهمكون في تحديد خياراتهم العسكرية بعدما لم يعد مجدياًّ الإستمرار بالإستماع إلى مقطوعات سيرغي لافروف التي بقي يعزفها على مدى ست سنوات ماضية أرتكبت خلالها مآسي في سوريا لم ترتكب في أي حرب إقليمية إن هنا في هذه المنطقة المضطربة وإن في العالم كله!!.
 
وهكذا فإنه على المترددين، الذين يعتقدون أن «السلامة» تتطلب الإستمرار بالوقوف في المساحات الرمادية، أن يسارعوا إلى إعادة النظر بخياراتهم وإصطفافهم... إما هنا وإمّا هناك والمفترض بحكم كل هذه التحولات المتسارعة التي نراها أنْ يكون الإصطفاف إلى جانب الذين يريدون تخليص الشعب السوري من نظام قاتل بات يغرق في دماء السوريين حتى رقبته ويريدون وضع حدٍّ لتمدد الإيرانيين في هذه المنطقة العربية .. ويريدون إفهام الروس وإقناعهم أن هذه الخيارات التي إختاروها غير صحيحة وستكون في النهاية مكلفة فمكانهم ليس مع كيم جونغ أوْن وليس مع بشار الأسد ولا مع قاسم سليماني .. ولكن مع مصالحهم التي هم بالتأكيد أكثر من يعرفها .